رام الله، غزة – في سياق استمرار تفاعلات “القنبلة” التي رماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطلع الشهر الجاري بعدم ترشحه للرئاسة لولاية ثانية، ومع حلول الذكرى الخامسة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ظهرت على الساحة الفلسطينية بوادر انفراج وحلحلة في الأزمة بين حركتي “فتح” و”حماس” تجلّت في التقدم الملحوظ في شروط “الورقة المصرية” للتفاهم بين الفصيلين. بينما قالت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية إنها أبلغت الرئيس عباس عدم قدرتها على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كان مقررا إجراؤها في 24 كانون الثاني (يناير).
في رام الله، قال عباس إن يده ممدودة لـ”حماس” من أجل تحقيق المصالحة الوطنية من خلال التوقيع على الوثيقة المصرية. ودعا الرئيس عباس -في مهرجان خطابي تخليدا للذكرى الخامسة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات- حركة “حماس” للموافقة بدون مماطلة على الوثيقة المصرية التي سبق لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أن وقعت عليها.
من جهة أخرى، قال عباس إنه لا يريد الحديث مجددا عن قراره بعدم الترشيح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه أشار إلى أنه سيتخذ قرارات أخرى في ذلك الباب في ضوء التطورات المقبلة.
وفي نفس الخطاب اتهم الرئيس عباس إسرائيل بمحاولة تقويض حل الدولتين الذي يحظى بدعم دولي من أجل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأضاف عباس أن الفلسطينيين ملتزمون بحل الدولتين لكن إسرائيل تسعى لعرقلته ووضع العقبات أمام تلك التسوية المقترحة للصراع في الشرق الأوسط.
وقد ألقى الرئيس كلمته في حين أحيا آلاف الفلسطينيين بالضفة الغربية الذكرى الخامسة لرحيل عرفات حيث خرجوا في مسيرات برام الله توجهت إلى ضريح الرئيس الراحل، فأضاؤوا الشموع وتوجهوا بالدعاء.
أما في غزة فأحيا عدد من أنصار حركة “فتح” ذكرى رحيل عرفات في مكتب لأحد أعضائها حيث عرضت أفلام وصور لعرفات. وكانت “فتح” قد اتهمت حركة “حماس” باعتقال عدد من ناشطيها في القطاع لمنعهم من إحياء الذكرى.
من جهته، جدد عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” ناصر القدوة، الذي شدد على ضرورة الوقوف إلى جانب عباس، اتهام إسرائيل بالضلوع في جريمة قتل عرفات، “الذي مات مسموماً”. وشدد القدوة الذي يرأس مجلس مؤسسة ياسر عرفات، في مهرجان إحياء ذكرى رحيله، على أن “إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن تصفية عرفات، لأنها حاصرته وحاولت عزله ثم اتخذت قراراً بإزالته، ونفّذت ذلك”.
وعبّر القدوة، وهو ابن شقيقة عرفات، عن اقتناع عائلة الرئيس الراحل بأنه “مات مسموماً شهيداً على طريق الحرية”، مؤكداً الالتزام بالعمل على “الحصول على قطعة الدليل الأخيرة لهذا الأمر”.
وفي أبرز المواقف التي صدرت في هذه الذكرى، أعلن المتحدث باسم حركة “حماس”، فوزي برهوم، “أن رحيل عرفات كان بالنسبة إلى حركة فتح فقدان البوصلة الفتحاوية وفقدان مركز القرار، أما بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، فلا شك، سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، فقدنا رمزاً من رموز المنتمين إلى القضية الفلسطينية”.
بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية، صالح زيدانة، “إن الوفاء للرئيس عرفات يكون باستئناف جهود المصالحة لإنهاء حالة الانقسام المدمرة واستعادة الوحدة والتلاحم من خلال الحوار الشامل، وكل العهد للرئيس عرفات أن نبقى على طريقه وخطاه”.
كذلك، أكد القيادي في الجهاد الإسلامي، خالد البطش، “التمسك بخيار المقاومة الذي سار عليه أبو عمار، وهو دربنا، وإننا متمسّكون بالوحدة التي نادى بها الشهيد أبو عمار و(فتحي) الشقاقي و(الشيخ أحمد) ياسين”.
الورقة المصرية
وفي سياق آخر، قال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك إن “حماس” ستوقع على ورقة المصالحة المصرية بنهاية الشهر الجاري بعد حصولها على ضمانات مصرية. وأكد الدويك وهو أحد قادة “حماس” البارزين في تصريحات لقناة “الجزيرة” أن الحركة ستوقع على الوثيقة المصرية في صيغتها الحالية بنهاية الشهر الجاري بعد ضمانات مصرية بأخذ تحفظات الحركة في الاعتبار. وأوضح الدويك أن “حماس” سجلت تحفظات بشأن خمس نقاط في الورقة المصرية وأن تلك التحفظات في طريقها إلى الحل والإنجاز تمهيدا لتوقيع الوثيقة المصرية. وقال إن تلك التحفظات لها علاقة بالوضع الميداني مثل قيام السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بفصل العديد من الموظفين المحسوبين على حركة “حماس”، ومواصلتها اعتقال العديد من أبناء الحركة. ونفى الدويك من مدينة الخليل بالضفة الغربية أن تكون هناك علاقة بين عزم “حماس” التوقيع على الوثيقة ومنع بعض قيادات الحركة من عبور معبر رفح لأداء فريضة الحج. وقال الدويك إن هناك تدخلا من أطراف عديدة داخلية وخارجية على خط المصالحة الفلسطينية.
رئاسة السلطة
وكان الدويك قد قال لجريدة “القدس العربي” الصادرة في لندن حول إمكانية توليه رئاسة السلطة في حال أقدم الرئيس محمود عباس على الاستقالة قبل موعد الانتخابات في كانون الثاني القادم أو بعد ذلك التاريخ، استند الدويك في رده إلى مقتضيات الدستور الفلسطيني. وقال الدويك إن القانون الأساسي الفلسطيني واضح ينص على أن المجلس التشريعي سيقوم بمهام الرئيس إذا استقال لمدة ستين يوما تجري بعدها الانتخابات، ولكنه أعرب عن أمله بألا تتم تلك الخطوة. وبشأن خلفيات قرار الرئيس عباس عدم الترشح لانتخابات الرئاسية قال الدويك “أنا أحس أن الأميركيين يريدون التخلص من أبو مازن فاستبقهم أبو مازن وأعلن عدم ترشيح نفسه للانتخابات القادمة”. وأشار الدويك إلى صدور العديد من المؤشرات الأميركية التي أكدت لعباس أن هناك قرارا بالتخلص منه مثل تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأنها ستتعامل معه بأي صفة يحملها.
Leave a Reply