في ١١سبتمبر (أيلول) من عام ٢٠٠١، ضرب الإرهاب عمق الولايات المتحدة، فذهب ضحيته أكثر من ٣٠٠٠ من الأرواح البريئة.
وعشية الذكرى المؤلمة في ١١ سبتمبر (أيلول) من عام ٢٠١٤، أي بعد ثلاثة عشر عاماً وحربين مدمرتين، خاطب رئيس الولايات المتّحدة الأمة حول مكافحة تهديد وخطر إرهابي آخر مستشرٍ لتوه استهدف مواطنينا في الخارج ويخطِّط للوصول إلى شواطئنا. صفوة القول، نحن أقل أمناً اليوم مما كنا عليه ما قبل الهجمات الارهابيَّة.
الخسائر في الأرواح يوم الحادي عشر من أيلول كانت مدمِّرة ومثقِلة لضمير هذه الأمة، ولكن الأكثر دماراً وضرراً من تلك الهجمات، كان نشر ثقافة الخوف التي نجمت عن الجريمة مما سمح لجورج دبليو بوش وإدارته من المحافظين الجدد بفرض سياساتهم المجنونة المتهوِّرة والمتعصبة على الشعب الأميركي والعالم أجمع .
وفي غفلة من الزمن والتاريخ، ارتكب بوش الإبن جريمة غزو العراق بعد عامين من الهجمات تحت ذريعة أنَّ بغداد تمتلك أسلحة الدمار الشامل وكانت متورطةً بشكل ما في الهجمات الإرهابية. ولكن تبيَّن أنَّ كلا الادعائين كانا جزءاً من åأسلحة الخداع والتضليل الشاملò وكلاهما كانا مثيران للريبة.
أسامة بن لادن، زعيم åتنظيم القاعدة» آنذاك أعلن الحرب على الولايات المتحدة والسعودية معاً في أوائل عام ١٩٩٠ ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه لم يُعط فرصة لمحاربة صدام حسين من خلال åالمجاهدين» بعد غزو العراق للكويت.
في عام ١٩٩١، قاد جورج بوش الأب تحالفاً من ٣٤ دولة لطرد القوات العراقية من الكويت، وذلك بعد أشهر من إبلاغ السفيرة الاميركية في بغداد، في ذلك الوقت، أبريل غلاسبي، لصدام حسين بأنَّ واشنطن åلا رأي لديها حول النزاعات العربية – العربية»، الأمر الذي فسره صدَّام åالحذقò بأنه ضوءٌ أخضر أميركي لإجتياح الكويت. بن لادن، الذي كان قد عرض خدماته لمحاربة الجيش العراقي، أغضبه وجود قوات غير مسلمة في شبه الجزيرة العربية بالقرب من الحجاز والأراضي المقدَّسة الإسلامية.
كان بين الحكومة العراقية وبين تنظيم åالقاعدة» التابع لبن لادن اشد العداء، ولكن بوش الإبن غزا العراق، ضارباً عرض الحائط بحقائق السياسة والواقع والجغرافيا. وبسبب الفوضى الكارثية التي نجمت عن تلك الحرب، ازدهر الإرهاب والتطرف في منطقة الشرق الأوسط وتم وضع المدماك الأول في عملية تمزيق العراق ومقتل مليون نسمة من أبنائه. وعلى الرغم من أن بن لادن قُتل على يد القوات الاميركية في عام ٢٠١٠، إلا أن المنظمات الإرهابية مازالت تنمو كالفطر مما يهدد أمن العالم بأسره.
خاطب الرئيس أوباما الأمة عشية ١٠سبتمبر الحالي واضعاً استراتيجيته ضد åالدولة الإسلامية»، وهي مجموعة تكفيرية من المجرمين الذين انبثقوا عن åتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» واستولوا على مساحات واسعة من الأراضي في شمال العراق وشرق سوريا وأعلنوا الخلافة في المناطق التي يسيطرون عليها.
صعود وتمدد åالدولة الإسلامية» هو أكبر مثال صارخ آخر على عقم سياسة حكومتنا في فترة ما بعد ١١ أيلول التي تتمثَّل بزعزعة إستقرار الدول ذات السيادة من خلال الحروب التي تكلف دافعي الضرائب مئات المليارات من الدولارات، وتولد مشاعر معادية للولايات المتحدة وتخلق أراضٍ خارج السيطرة وأرضية خصبة للجماعات الإرهابية. فالوجود الأميركي وغياب سلطة قادرة عادلة متوازنة هو ما يجذب الإرهابيين والمتطرفين إلى العراق.
خطة أوباما القاضية åبشل التنظيمات الإرهابية وفي النهاية تدمير «الدولة الإسلامية» من المرجح أنْ تأتي بنتائج عكسية. لقد تعهد الرئيس بتوسيع الحملة الجوية ضد åداعش»، وفي الوقت نفسه تسليح خصوم داعش بدءاً من الجيش العراقي إلى الميليشيات الكردية و المعارضين السوريين المعتدلين. هذه الإستراتيجية يعتورها نقص بنيوي بصورة أساسية وهي غير عملية. لكن تسليح الميلشياويين الذين يمكن يوماً ما أنْ يستخدموا الأسلحة الخاصة ضدنا أويهجروا مواقعهم العسكرية ويتركوا المعدَّات فيقدَّموها مكافأة على طبقٍ من فضة إلى«الدولة الإسلامية»، كما فعل الجيش العراقي في الموصل وتكريت، ليست فكرة جيدة.
ومع ذلك، فإننا نثني على خطاب الرئيس لإشارته إلى åأن الإرهاب لا ينبع من الدين الإسلامي» عندما قال «دعوني أوضح أمرين إثنين. åداعش» ليست من الإسلام في شيء. فلا دين يعمد إلى قتل الأبرياء والغالبية العظمى من ضحاياها هم من المسلمين. و«داعش» بالتأكيد ليست دولة ولو ظنت ذلك».
وكم نتمنى ان يقيم الرئيس توازناً ضرورياً في الداخل أيضاً فيتدخَّل لحماية الحريات المدنية للمسلمين الأميركيين من التجسس والتعقب والمراقبة المستمرة والتنميط من قبل الوكالات الاستخباراتية والأمنية الأميركية.
منذ الحادي عشر من أيلول وقع جميع الأميركيين، وخاصة العرب والمسلمين، ضحايا لدى السلطات الأمنية بسبب تجاوزها الحدود الدستورية والقانونية للتعدي على حقوقنا إبتداءً من قانون باتريوت» السيِّء الذكر، إلى تجسس وكالة الأمن القومي الشامل وأخيراً، وليس اخراً، قانون تفويض الدفاع الوطني.
لقد سقطنا في فخ الخوف الذي نصبه لنا مرتكبو جريمة تفجير åبرجي التجارة العالمي» وإزهاق الأرواح البريئة. .
في الذكرى السنوية الثالثة عشر لهذه الفاجعة يجب على حكومتنا أنْ تتذكر أنها مدينة للضحايا بإقامة أميركا أكثر حرية وعدالة وعالم أكثر أمناًً.
Leave a Reply