مريم شهاب
ليس من واجب الكاتب أن يلبي رغبات وآراء القراء. ولا القارئ يتوقع أو يرجو أن يكون المكتوب مطابقاً لرأيه دائماً. فالقارئ يريد أن يقرأ ما يوسّع آفاقه بوجهات نظر جديدة ومختلفة.
وأنا مثلك أيها القارئ، لي مشاعري ومخاوفي وقناعاتي… يؤرقني ما أشاهده يومياً سواء هناك في الوطن الأم أو هنا في وطني الجديد الولايات المتحدة الأميركية، والتي تحتفل هذه الأيام بعيد استقلالها العظيم في الرابع من تموز (يوليو).
ما كتبته الأسبوع الماضي وقبله، عما يحدث في بعض المدن الأميركية، يعكس رأيي وزاوية رؤيتي لما يجري في بلادنا، وليس من زاوية بعض القرّاء المعاتبين والملهوفين من ذوي المشاعر الفائرة والمتعاطفة مع الأفارقة الأميركيين الذي لم يتحمسوا أصلاً للاحتجاجات وأعمال الشغب التي طغى عليها الأميركيون البيض.
وفي زمن يسهل فيه الاتهام بالعنصرية لكل من لا يسير في الموجة، اعتقد كثيرون، أنني مع العنصرية ضد السود وأفضّل العرق الأبيض، لأنني استعنت بكلام مديري السابق بوب سكوت، وهو أميركي أبيض كما ذكرت، ولكن في الواقع، رأي سكوت هو رأي الأغلبية من الشعب الأميركي بمن فيهم الأفارقة الأميركيون، وهم الأكثرية الصامتة، الخائفة، القلقة من الفلتان الأمني وتجاوز القوانين والتعدي على ممتلكات الآخرين تحت مسمى الحرية… هذه الحرية الهوجاء مثل كورونا، لا تعرف من أين تأتي ولا من تصيب.
يشوّه المخربون الغوغائيون جمال المدن، يعتدون على الممتلكات العامة والخاصة، ويخطّون على الجدران شعارات فوضوية مثلهم. هؤلاء الطفيليون يولودون خاملين، لا يتحملون مسؤولية، ويعيشون على الشحاذة، لا يحبون النظافة ولا تهمهم. فجأة، وبقدرة قادر، يملأون الشوارع والأرصفة ويتحولون بسبب كسلهم وجهلهم إلى آلات تخريب بلا أخلاق ولا مبادئ. يسترزقون من أي عمل يخدم أسلوب حياتهم الاتكالي فتراهم مستعدين للانقضاض والتدمير في أول فرصة سانحة، لأنهم لا يدركون معنى التعب والسهر لتحقيق حلم بناء بيت أو فتح متجر أو تحقيق هدف ما.
هؤلاء الطفيليون، سواء كانوا بيضاً أو سوداً، لا يمكن مقارنتهم ومساواتهم بالعظام من الرواد والمفكرين والمبتكرين الذين نمّوا وبنوا وسعوا إلى رفاهية المجتمع، قبل أن يأتي المخربون ليشوهوا تاريخهم ويحطموا نصبهم وتماثيلهم.
وفي ظل المعارضة الشرسة والحملة الشعواء التي لم تتوقف يوماً واحداً على الرئيس ترامب، منذ انتخابه قبل أربع سنوات، لا يزال الديمقراطيون منفصلاين عن الواقع، غير مقتنعين بخيار الناخب الأميركي الذي جعل ترامب رئيساً للبلاد، فاحترفوا النكاية والتعطيل.
هذه المعارضة السياسية والإعلامية الشعواء لم ولن تغير رجلاً عمره 74 عاماً، لكنها بلا شك غيرت الكثير في وطننا أميركا، سواء في سمعتها الخارجية أو تماسكها الداخلي حيث بات مسلسل الثرثرة والردح اليومي عبر الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع السياسية، مثيراً للاشمئزاز والاستغراب معاً، الكل يهاجم رجلاً واحداً ويحمله مسؤولية كل الشرور في العالم، لا لشيء سوى لأن الشعب الأميركي اختاره، رغماً عن أنوف الجميع، رئيساً لأقوى دولة في العالم.
لقد وصلنا –للأسف– إلى زمن انعدام الثقة واليقين، زمن تفككت فيه الضوابط وغابت الأخلاقيات عن سلوك الأفراد والجماعات.
رغم ذلك كله، عزيزي القارئ، لا تفقد ثقتك بالله وبميزان المنطق الذي سوف يفرض نفسه بعد تحكيم العقول والقلوب. الأرض ملئى بالأشرار، لكن العقلاء والطيبين موجودون منذ فجر الحضارة. فلنحتفل بعيد استقلال أميركا، هذا البلد الذي يحظى شعبه بأكبر قدر من الحريات والحقوق عبر مر التاريخ. حمى الله وطننا الجديد من أنانية الأشرار.
Leave a Reply