استقرار أمني وسياسي رغم المتغيّرات الإقليمية .. وملتزمون بالدفاع عن أرضنا وسيادتنا ضد الاعتداءات الإسرائيلية
ديربورن
على هامش زيارته التي تميّزت بوفرة الفعاليات الاجتماعية والسياسية في منطقة ديترويت، أجرت «صدى الوطن» حديثاً موسّعاً مع مدير عام الأمن العام اللبناني، اللواء حسن شقير، خلال زيارته لمكاتب الصحيفة في ديربورن، حول عديد المسائل الأمنية واللوجستية والسياسية في لبنان، بالإضافة إلى دور المغتربين وإسهاماتهم في دعم الوطن الأم وقضاياه الوطنية، لاسيما في الولايات المتحدة.
اللواء الذي تسلّم قيادة الأمن العام اللبناني في الثالث عشر من شهر آذار (مارس) المنصرم خلفاً للمدير العام السابق، اللواء عباس ابراهيم، أكّد على استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان برغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة في منطقة الجنوب اللبناني، وكذلك حساسية الظروف المستجدة على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا.
وأوضح اللواء المتحدر من بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، بأن قوى الأمن العام تعمل بشكل حثيث مع الجيش اللبناني، وبتوجيه من القيادة السياسية المتمثلة بالرئيس جوزيف عون، «من أجل ترسيخ الأمن على كامل التراب الوطني برغم جميع العوائق»، لافتاً إلى التوافقات الأمنية مع النظام الجديد في سوريا، التي تم التوصل إليها برعاية المملكة العربية السعودية، والتي تمخضت عن «تشكيل ثلاث لجان عسكرية أمنية مشتركة، سورية ولبنانية، في منطقتي بعلبك والهرمل لضبط الأوضاع الأمنية، وتطويق الاحتكاكات والتعديات المحتملة».
ولفت شقير إلى النتائج الإيجابية للتوافقات آنفة الذكر، «التي وضعت حداً لتوتير الأجواء وسفك المزيد من الدماء» في إشارة إلى الاشتباكات الحدودية التي أسفرت عن مقتل العشرات، وتهجير آلاف اللبنانيين القاطنين في قرى وبلدات سورية، معرباً عن أمله في استعادة العلاقات «المميزة» بين الشعبين السوري واللبناني إلى جانب استكمال بنود التوافقات الجديدة التي تضمنت أيضاً الاتفاق على ترسيم الحدود بين البلدين الشقيقين، ومؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة ترسيخ السلم الأهلي عبر إجراء مصالحات وحوار بنّاء بين جميع المكونات الأهلية في المناطق المتداخلة جغرافياً وديموغرافياً على جانبي الحدود.
الاعتداءات الإسرائيلية
أكد مدير عام الأمن العام اللبناني التزام لبنان بالدفاع عن أرضه وسيادته ضد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية بما يخالف بشكل فاضح الشرعية الدولية، وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقال شقير إن إسرائيل لم تلتزم «كالعادة» بالاتفاق الذي أبرم برعاية أميركية، مستدركاً بالإشارة إلى أن «العدو الإسرائيلي لايزال يسيطر على خمسة نقاط في جنوب لبنان ويمعن في قتل وتدمير القرى والبلدات اللبنانية، مسجلاً زهاء ثلاثة آلاف انتهاك منذ إبرام الاتفاق»،
وشدد اللواء شقير على أن الدولة اللبنانية لن تتخلى عن مسؤولياتها في الدفاع عن لبنان، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو الاستعدادت العسكرية. وأضاف بأن الرئيس جوزيف عون يقوم بجهد كبير مع دول الإقليم والعالم لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وللعمل على ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي في ظل المتغيرات العاصفة في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى دور الجاليات اللبنانية حول العالم، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، في حماية واستقرار وطن الأرز.
روح مؤسساتية
اللواء شقير، الذي تربطه علاقة وثيقة مع الجالية اللبنانية في منطقة ديترويت، أشار إلى جسامة المهام المترتبة على قوى الأمن والقوات العسكرية للحفاظ على أمن وسيادة لبنان في ظل المتغيرات الإقليمية، موضحاً بأن جهاز الأمن العام اللبناني يواصل مسيرته بعد كل من المديرين السابقين، اللواء جميل السيد وعباس إابراهيم، بـ«روحٍ مؤسساتية»، مرتكزاً إلى عقيدة وطنية ثابتة، أساسها الولاء للوطن دون سواه، والالتزام التام بسيادة القانون وكرامة الإنسان.
وفي هذا الخصوص، قال شقير: «وضعنا منذ تسلّمنا هذه المسؤولية هدفاً واضحاً ألا وهو تطوير المؤسسة وتعزيز أدائها بما يواكب تطلعات اللبنانيين داخل البلاد وفي المغتربات»، مفصّلاً بأن رؤيته لإنجاز هذه المهمة تتمحور حول تحديث الإدارة وتبسيط الإجراءات، واعتماد التحول الرقمي لتسهيل المعاملات، سواء داخل لبنان أو في السفارات والبعثات والقنصليات اللبنانية، مما سيمنح المواطنين اللبنانيين قدرة أكبر على إنجاز معاملاتهم دون عناء الإجراءات الروتينية.
وزفّ شقير بشرى إلى المغتربين اللبنانيين الذين سيكون بإمكانهم خلال الفترة المقبلة استصدار جوازات سفر دون الحاجة إلى إرسالها إلى لبنان، وقال إن الحكومة اللبنانية ستقوم في القريب بنشر أكثر من 80 ماكينة في القنصليات والسفارات اللبنانية حول العالم من أجل هذا الغرض»، مؤكداً بأن لبنان يمتلك في الوقت الحالي مخزوناً من جوازات السفر يكفي لمدة عام كامل.
وأوضح شقير بأن إدارة الأمن العام تواصل قدرتها وإمكاناتها التقنية والبشرية لمواجهة كافة التحديات المحتملة، بما فيها ضبط الحدود والتهديدات الأمنية، وصولاً إلى مكافحة التهريب، ومحاربة شبكات الإتجار بالبشر، وكذلك التصدي لمخاطر الإرهاب العابر للحدود، والسلوكيات المنفتلة. وقال شقير إن إدارة الأمن العام قامت خلال الفترة الأخيرة بإلقاء القبض على أحد المتورطين بإطلاق رشقة صاروخية على الأراضي المحتلة من جنوب لبنان، وذلك بالتوازي مع قيام مخابرات الجيش اللبناني بإلقاء القبض على ثلاثة أشخاص آخرين، لافتاً أن التحقيقات في هذا المضمار كشفت بأن «تصرفات هؤلاء الأشخاص ناجمة عن موقف متعاطف مع سكان قطاع غزة، وليس عملاً مبيّتاً لاستدراج لبنان عسكرياً مع دولة الاحتلال».
وقال شقير إن «الأمن لا يتحقق فقط من خلال القوة، بل من خلال الحكمة، والتنسيق، والمتابعة الدقيقة لجميع القضايا والملفات».
وأهاب مدير عام الأمن العام بلبنانيي الانتشار مواصلة عادتهم في زيارة الوطن خلال موسم الصيف، مفنداً جميع المخاوف المتعلقة بتدهور الأوضاع الأمنية، وقال إن «لبنان مستقر أمنياً إلى أقصى الدرجات»، وإن قوى الأمن والجيش اللبناني ملتزمة بواجباتها في حماية جميع اللبنانيين، وجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية.
وأشاد شقير في دور الجالية اللبنانية بمنطقة ديترويت في دعم قضايا وحقوق لبنان وترسيخ استقراره الاجتماعي والاقتصادي من خلال المساعدات التي يقدمونها لأقاربهم وذويهم في الوطن الأم على مرّ العقود، ولاسيما خلال الأوضاع الاقتصادية المضطربة، أو من خلال إسهامها في في تصحيح الصور المغلوطة عن العالم العربي من خلال إسهاماتهم ونجاحاتهم الاقتصادية والثقافية، وكذلك السياسية التي شكلت خلال السنوات الأخيرة ملمحاً واضحاً في السياسية المحلية بمنطقة ديربورن، وفي عموم ولاية ميشيغن.
Leave a Reply