الأولى من نوعها فـي ميشيغن والسابعة على صعيد أميركا
فَرَس صغيرة لإرشاد فتاة عربية مكفوفة من ديربورن
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
من المألوف رؤية أشخاص مكفوفين تقودهم كلاب مدربة عبر الشوارع وعند التقاطعات، إلا أنه من غير المألوف رؤية مكفوفين يسيرون وراء أحصنة صغيرة الحجم تؤدي هذا الدور الإشاردي “الإنساني”.
الفتاة الأردنية من أصل فلسطيني منى رموني والتي ولدت قبل الأوان الطبيعي بثلاثة أشهر قبل نحو ثمانية وعشرين عاماً حاملة مرضاً في الشبكية حرمها من الإبصار منذ الولادة، سوف تكون أول شخص مكفوف في ميشيغن يحصل على هذه الخدمة الإرشادية المتخصصة بواسطة فرس وليس كلب!
أما الأسباب فلها علاقة بثقافة بيئتها التي تنفر من إقتناء الكلاب.
وتبدأ القصة منذ أن شرعت منى في البحث عن إمكانية الحصول على حصان-دليل. وتعترف هذه الفتاة العربية بأن محاولتها هذه كانت من باب “الحشرية” والتسلية، لكن بعد الإبحار عبر شبكة الانترنت، عثرت على موقع يحتوي معلومات عن الخيول – المرشدة. في هذه اللحظة شرعت منى بحملة من الرسائل البريدية لأناس على صلة بهذه الخدمة حتى حصلت أخيراً على ردود على استفساراتها وطلباتها. وتعترف منى أيضاً أن معظم الردود كانت سلبية لكنها تقول إن إصرارها على متابعة “تحرياتها” كان يزداد كلما ازدادت الردود سلبية. وتشرح منى أنها تلقت أخيراً اتصالاً من سيدة تدعى دولورس آرستي التي علمت بأن منى ناشطة في البحث عن “فرس-مرشدة” ووافقت على الشروع في تدريب إحداها لهذه الغاية وتدعى “كالي”.
وإن كان من غير المعروف بالتحديد من يمول هذه الخدمة المتخصصة والفريدة في بابها، إلا أن المعروف أن عائلة منى أنفقت على إعداد مساحة اسمنتية في الحديقة الخلفية لمنزلها، لأجل بناء مأوى للفرس عليها (هذا دون حسبان كلفة البيطرة والعلف).
ووفقاً لما تقوله منى، فإن “كالي” “ليست مجرد حُصين (ميني فرس) تمتلك قلباً كبيراً وحباً واستعداداً لإرشادها في ظلمة حياتها، بل إنها باتت رمزاً لاستقلاليتي ولقدراتي وإمكاناتي”. تتابع منى: “إنها (الفرس) أكثر بكثير من فرس صغيرة وجميلة، وإذا منحت شرف خدمتها والعناية بها وقضاء سنوات عديدة بصحبتها فذلك سيكون بركة علي”. وتوضح منى أن دليلتها الجديدة سوف تكون الأولى في ولاية ميشيغن، وعى الأرجح، السابعة على نطاق الولايات المتحدة.
وترد منى الأسباب الرئيسة لرغبتها في الحديث عن تجربتها هذه إلى إعلام الناس حول فوائد الخيول – المرشدة. وتعتبر أنه لا ضرر من تثقيف السكان المحليين الذين سيشاهدونها مع “كالي” حول المدينة حول أفضل السبل للتعاطي مع هذا النوع من الحيوانات الأليفة المدربة على مهمة إنسانية فريدة ومميزة.
وكان على الفتاة العربية التي تحمل إجازة بعلم النفس وتتهيأ للحصول على شهادة الماجستير من جامعة ميشيغن – ديربورن، أن تستحصل على رخصة من بلدية ديربورن لبناء حظيرة لفرسها في حديقة المنزل العائلي ورخصة ثانية لمساحة الاسمنت التي ستبنى عليها الحظيرة وأخرى لبناء سور حول الحديقة.
مهمة أخرى كان على منى أن تنجزها وهي إيجاد طبيب بيطري للعناية بصحة الفرس وبيطار للعناية بحوافرها، على أن يكون هذان الأخيران مستعدين لتقديم خدمة منزلية وتجنيب منى عناء الانتقال الى العيادة البيطرية. هذا عدا عن تأمين موزع أعلاف ووسائل تخزينها. وقد نجحت منى في العثور على كل هؤلاء ليشكلوا فريق خدمة فرسها “كالي”. وقد علمت منى خلال زيارة الفرس ومدربتها أن العناية بالخيول ليست مسألة سهلة.
“إنها عملية منهكة من تقديم العلف والماء في مستوعبات الى تعلم لغة التواصل مع الفرس” تقول منى، وتقوم المدربة آرستي بمساعدة منى على التعامل مع الفرس والعناية بها مستخدمة بعض الأصوات و”المكافآت” لتعزيز استجابتها وسلوكها.
وبإمكان الفرس قيادة منى داخل الأبنية وفي الأحياء السكنية وعند تقاطعات الطرق كما بإمكانها إرشادها إلى أجهزة ذات فائدة مثل المطافئ المنصوبة عند جدران الممرات.
وتقول منى إن الجالية العربية تتقبل الخيول أكثر من الكلب، رغم أنه ليس حراماً أو عيباً اقتناء الكلاب، لكنها غير مرغوبة في ثقافتنا.
وتتوقع منى اصطحاب فرسها “كالي” قريباً الى المنازل العربية والمحلات التجارية والمطاعم والمكاتب وأن يكون قبولها أسهل من قبول الكلب في هذه الحالة.
وتعلل منى ذلك بالقول: “إنها (الفرس) ظاهرة جديدة، وهادئة جداً وجميلة”.
وتمتلك الجياد المعدلة السلالات عدة مميزات لا تمتلكها الكلاب وفق بعض منظمات الخدمة الحيوانية. فالخيل تملك رؤية أقوى وبنية أكثر تماسكاً في حال سقوط المستخدم فوقها وحس جيد بحركة المرور ومتوسط عمري يتراوح بين ٣٥-٤٠ سنة.
وتبلغ “كالي” ٣ سنوات. وتقول منى إنها تتطلع إلى قضاء ثلاثين سنة أخرى برفقتها!
Leave a Reply