تركت لقابيل داري، وحقلي وماشيتي
وخابية الخمر والزيت
تركت له فرسي وسلاحي
تخلّيت عن خيمتي وإرث أبي، فطالبني بثيابي!”
الشاعر السوري علي سليمان
ما الذي يشعر به العربي الأميركي، الذي أقام طويلاً هنا في ديربورن أو في أي وطن آخر، وهو يرى ويسمع نبرة الكراهية والبغضاء تتزايد حوله مصوبةً سهامها السامة إليه مباشرة كإنسان مسلم متهم بارتكاب خطايا العالم والمسؤول الأول عن مساوىء الدنيا، وفي زمنٍ منطفىء الأعين والأيدي والكلمات ويزهو فيه القبح ويزدهر فيه الحقد ولا تنمو فيه سوى الأشواك وأغصان الخوف؟
ما حدث مؤخراً في مستشفى بومانت، حيث اعتدى أحد الأميركان على فتاة مسلمة محجَّبة، حادثة مثيرة للأسف، حالها حال الرسائل العديدة التي انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي بكل وقاحة واستفزاز وبث آراء تحفيزية مشجِّعة على أفعال السوء تجاه المسلمين الأميركان هنا في ديربورن وغيرها من المكرمات «المخزية» التي قد تبدو سخيفة في ظاهرها، لكن تزايدها ينذر بشرٍ مستطير.
الشعور بالنفور الغامض بين المواطن المسلم الأميركي والمواطن الأميركي الآخر، بدأ يتزايد في الشارع وعلى المنصات الإعلامية،الأميركية والغربية عموماً، بعدما اهترأت واستهلكت أفلام القمع النازي لليهود وانكفاء العدو الشيوعي وتدجين المشاغب الأفريقي الأسود. لقد أصبح العدو الأوحد للحضارة الغربية هو العربي المسلم، وتنشر في –هذا الإطار– كتب ومطبوعات متزايدة لتكريس الصورة البشعة للعربي بمباركة من الإعلام الصهيوني لتجميل ومدح إسرائيل «التي تدافع عن نفسها بشجاعة ضد الإرهاب الإسلامي»، وكأن الشعب الفلسطيني سقط سهواً في إسرائيل من كوكب آخر أو جاؤوا من عالم آخر لغزوها.
ووجد العديد من الإعلاميين المسعورين هنا في ديربورن، فرصتهم الذهبية لركوب حصان الكراهية ضد المسلمين بلا تمييز، ووصفهم بأبشع الأوصاف، مروِّجين لإعادة المواطنين المسلمين إلى «صحاريهم وجمالهم وخيامهم».
تراكمت هذه الأحداث سنة بعد أخرى ونحن «العرب المسلمون»، سابحون في بحر الرضى عن الذات كالطووايس. لدينا منظمات هنا وهناك، يتلهَّى معظم «زعمائها العباقرة» بحروب المناصب والرواتب والأنشطة على المنابر المحلية وبناء المراكز الدينيّة وعرض عضلاتهم على وسائل التواصل الاجتماعية وحضور الحفلات التكريميّة. بينما مؤسسة «إسرائيل انتر ميديا ووتش» للرصد والمراقبة، ترصد وتراقب كل ما يُكتب عن إسرائيل في المنابر العالمية والرد عليها حتى بإعلانات مدفوعة الثمن. حتى المقالات في هذه الجريدة ترصدها وتراقبها.
الآن.. هل علينا نحن العرب المواطنون في ديربورن، أن نخاف ونشعر بما يشعر به الأيتام على موائد اللئام؟ أم علينا أن نكون مواطنين سفراء لديننا الحنيف وأخلاقنا العربية وقيمنا الروحيّة مؤمنين بأنَّه «لن يصيبنا إلّا ما كتب الله لنا» وأن نشعر بالفخر لكون خيرة أبنائنا يخدمون وطنهم أميركا بكل محبة وإخلاص، وأننا الأكثرية المسلمة ضد الأصولية الإسلامية الهستيريّة التي غذتها عصابات الكره وأمدَّتها بالمال الفاسد والإعلام المأجور.
ولا نلوم المواطن الأميريكي الذي يصدِّق ما يقوله له الإعلام، ولا يلتفت إلى طرقاته الخربانة ومدارسه المتهالكة والفقر والجريمة حوله، ولا ينتبه لمن ينهب ضرائبه وأمواله ويرسلها كهبة لإسرائيل.
Leave a Reply