ديترويت
وجّه الادعاء ا لعام بمقاطعة وين، مجموعة تهم جنائية، من ضمنها القتل المفتوح، لشاب إفريقي أميركي أقدم على دهس طفلة يمنية وإصابة شقيقتها بجروح خطيرة خلال قضائهما عطلة «عيد الشهداء» (الميموريال) على شاطئ جزيرة بل آيل في ديترويت، مساء 30 أيار (مايو) المنصرم.
وأمرت المحكمة بحبس المتهم ألكسندر أرموند سميث (23 عاماً) من دون كفالة إلى حين مثوله مجدداً أمام القاضي كينيث كينغ يوم الثلاثاء القادم، رغم ادعاء محامي الدفاع بأن موكله أقدم على فعلته تحت تأثير «قوى شيطانية».
وأفادت المدعي العام بمقاطعة وين، كيم وورذي، بأن سميث وهو من سكان مدينة ديترويت، يواجه تهمة القتل المفتوح، والفرار من مكان حادث مميت، والقيادة الخطرة، وقد عزف مكتب الادعاء عن تصنيف درجة جريمة القتل ريثما يتم استكمال التحقيقات، تاركاً المهمة لهيئة المحلّفين التي سيناط بأعضائها تحديد ما إذا كانت الجريمة متعمدة أو من دون قصد.
وتصل عقوبة «القتل المفتوح» إلى السجن المؤبد في حال إدانة المتهم.
وكان سميث يقود سيارته على طريق «ريفربانك» بجزيرة بِل آيل بديترويت، عندما انحرف باتجاه شاطئ المنتزه المكتظ بالزوار بمناسبة عطلة «الميموريال»، ودهس الطفلة غدير صالح (12 عاماً) وأصاب شقيقتها البالغة من العمر 16 عاماً بجروح خطيرة، ليلوذ بعدها بالفرار، ويغادر الجزيرة عبر جسر «مكارثر» إلى داخل مدينة ديترويت.
وفارقت غدير الحياة في اليوم التالي للحادثة، فيما تماثلت شقيتها للشفاء.
وتمكنت الشرطة من القبض على سميث في غرب المدينة بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث، مشيرة إلى أن المتهم من سكان مدينة إبسيلانتي، قبل أن تبادر إلى تصحيح مكان إقامته خلال مثوله أمام «المحكمة 36»، الجمعة الماضي، مؤكدة بأن سميث من سكان ديترويت، حيث تم اعتقاله.
وتمكنت الشرطة من رصد سيارة سميث، عبر الاستعانة بشبكة كاميرات «الضوء الأخضر» التي تغطي مئات المواقع في ديترويت، ليتم العثور على السيارة مركونة أمام أحد المنازل في غرب المدينة.
وأوضحت وورذي بأن لائحة الاتهام تضمنت توجيه تهمة الفرار من مسرح حادث قتل، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 15 سنة، إضافة إلى تهمة القيادة المتهورة التي يمكن أن تتسبب بأضرار جسيمة، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات.
وقالت وورذي: «إن عمليات إطلاق النار الجماعي تستقطب الكثير من الاهتمام العام، خاصة تلك التي يكون ضحاياها من الأطفال»، مضيفة: «يجب علينا –أيضاً– أن نتذكر الحوادث الفردية التي يفقد الأطفال حياتهم فيها بسبب العنف.. بغض النظر عن أداة الموت».
ونوهت وورذي بأن التحقيقات الجارية التي تقوم بها شرطة ولاية ميشيغن ستكشف عن المزيد من الحقائق المرتبطة بهذه الحادثة المأساوية.
قوى شيطانية
لدى مثول سميث أمام محكمة ديترويت عبر الفيديو، الجمعة الماضي. طالب محاميه بإطلاق سراحه مقابل كفالة مالية، لافتاً إلى أن موكله أخبر الشرطة خلال التحقيق بأنه كان تحت «سيطرة الشياطين» خلال حادث الدهس، وأن «أفكاراً شيطانية دفعته إلى قيادة سيارته نحو جموع المتنزهين على الشاطئ».
وأوضح محامي سميث بأن موكله لا يشكل «خطراً داهماً على المجتمع»، مؤكداً أنه «ليس شخصاً خطيراً أو عدوانياً، أو أي شيء من هذا القبيل»، على حد تعبيره.
غير أن الادعاء العام تمسك بعدم الإفراج عن سميث بموجب كفالة، كاشفاً عن سجله الحافل بالمخالفات المرورية.
وقال الادعاء إن سجل سميث يتكون من 12 صفحة من المخالفات، وإنه كان يقود سيارته بـ«رخصة مقيدة» عند وقوع الحادث المأساوي في جزيرة بل آيل.
وكان قد تم توقيف سميث في آذار (مارس) الماضي بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول، ولكن شرطة ولاية ميشيغن –التي تتولى التحقيق في حادث الدهس– أكدت بأن الكحول أو المخدرات ليسا ضمن العوامل التي ساهمت في وقوع الحادث، رغم أن سميث اعترف للشرطة بوجود زجاجة وربع من النبيذ في سيارته ذلك اليوم.
ووافقت المحكمة على طلب الادعاء بعدم السماح بالإفراج عن سميث، وأمرت باحتجازه في سجن المقاطعة لحين مثوله أمام المحكمة في 14 حزيران (يونيو) الجاري.
يُشار إلى أن والدة سميث أفادت الشرطة بأن ابنها يعيش معها في نفس المنزل، وأنه لا يعاني من أية مشاكل عقلية أو نفسية.
إضاءة شموع
وكان مئات الطلاب والمعلمين في مدرسة «لاوري» المتوسطة بديربورن قد شاركوا في حفل إضاءة شموع تخليداً لذكرى زميلتهم اليمنية التي انضمت إلى المدرسة فور وصول عائلتها الى الولايات المتحدة قبل ثلاثة شهور فقط. وكان يوم 30 مايو المنصرم، أول مرة تذهب فيها العائلة إلى الشاطئ للاستمتاع بعطلة الميموريال التي تحولت إلى يوم مفجع بالنسبة للأسرة اليمنية المهاجرة، وللمجتمع المحلي برمته.
وأفادت مديرة المدرسة، د. ريما يونس، بأن غدير كانت متشوقة لقضاء العطلة على جزيرة بل آيل، وأنها أخبرت عائلتها خلال ذلك اليوم «هو أجمل يوم في حياتها». وقالت يونس: «منذ قدومها إلى هذا البلد، كانت لديها رغبة عارمة في الذهاب إلى شاطئ النهر.. لقد كانت سعيدة بتلك الرحلة للغاية».
وأشارت يونس إلى أن غدير لم تخفِ حماستها لزيارة الجزيرة، لدرجة أن صديقتها شروق، قامت بإهدائها دمية على هيئة سمكة، على سبيل الدعابة.
وأكدت يونس بأن الطالبة المهاجرة كانت ذكية ومثابرة ومليئة بالطاقة والحياة، وقالت: «إذا قابلتها فإنك سوف تتذكر كل شيء عنها لأنها تشع بالطاقة والحياة.. لقد كانت مؤثرة للغاية»، لافتة إلى أن حاجز اللغة لم يشكل عائقاً كبيراً أمام رغبتها بالتعلم.
وفيما قام العشرات من زملاء الضحية بإعداد ملصقات تعج بالصور والرسائل المؤثرة، اختارت إحدى صديقاتها إلقاء قصيدة رثاء باللغتين العربية والإنكليزية، للطالبة التي لم يتسن لها العيش لتحقيق أحلامها.
وجاء في القصيدة: «لقد غادرت صديقتنا غدير صالح إلى السماء، لأن الجنة هي موطن الأشخاص الخيّرين».
وفي نهاية الوقفة التضامنية مع عائلة صالح المفجوعة بوفاة أحد أفرادها، أضاء مئات الطلاب شموعاً تعمل على البطاريات، وأطلقوا مئات البالونات البيضاء في السماء، تخليداً لذكرى زميلتهم التي قضت في الحادث الأليم.
وكانت اللقطات المروعة للحادث قد انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات «واتساب» في المجتمع العربي المحلي، وهو ما دفع عضو مجلس ديربورن التربوي عادل معزب إلى مطالبة متداولي المقاطع بالتوقف عن مشاركتها مع الآخرين وحذفها على الفور، بناء على طلب أسرة الضحية.
Leave a Reply