من المؤكد أن كل مواطن يمني أينما كان يصلي ويدعو ويتمنى أن يرحل علي صالح وأسرته الحاكمة وسلطته الفاسدة بدون إراقة قطرة دم واحدة، ولكن الوقائع الممارسة على الأرض اليوم وتجربة ثلاثة وثلاثين سنة تثبت أن ذلك الشخص لن يغادر بالطرق السلمية، مما يعني أن خيار الزحف نحو مخبئه المسمى بدار الرئاسة خيار لا رجعة عنه، وهو أمر تحدث الناس عنه كثيرا واستعد له الثوار بتفصيل الأكفان والسير بخطى ثابتة نحو الطريق الموصلة إلى أعز وأشرف وأكرم موتة، إذ أنهم على يقين أنه لن يستقبلهم بالورد والإبتسامة بل بالرصاص والحقد والإنتقام، لأنهم كانوا أصدق من سعوا لاستعادة وطنهم اليمني المغتصب من بين يديه المتسختين بالفساد واللصوصية والملطخة بدماء الابرياء من ابناء الشعب اليمني.
بالفعل، يحتاج خيار الزحف إلى التخطيط والتروي والبحث عن افضل الطرق والوسائل لتقليل أو عدم حدوث ضحايا وذلك ما نحلم به ونصلي لأجله، وعليه فإن الخيار الذهبي لتحجيم علي صالح وشلته الدموية ومنعهم من إرتكاب المزيد من الحماقات يتمثل حسب ما نرى في لف الحبل حول عنقه وأعناق من بجانبه، عن طريق التنفيذ الحرفي لما طرحه د. صالح سميع ومنح الصفوف الأولى يوم الزحف العظيم لكل من القوى والإتجاهات والشخصيات التالية:
– قادة اللقاء المشترك جميعا وقادة الأحزاب المعارضة الأخرى.
– العلماء والفقهاء وخطباء المساجد الذين وقفوا مع الثورة من بدايتها وكذلك من التحق بها مؤخرا.
– أبناء الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله وعلى رأسهم الشيخ صادق الأحمر.
– شيوخ القبائل الداعمون للثورة والملتحقون بها من كل محافظات الجمهورية.
– قادة القوات المسلحة المنضمون للثورة وعلى رأسهم اللواء علي محسن الأحمر.
– قادة من الحزب الحاكم الذين التحقوا بالثورة ودعموها وأعلنوا تكوين حزب جديد.
– الحراك الجنوبي بغض النظر عن القناعات والإتجاهات.
– الحوثيون بقياداتهم العسكرية والمدنية.
– المحامون وقادة منظمات المجتمع المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان.
– الصحفيون والكتاب وكل الوسائل الإعلامية.
– المتضامنون مع الشعب اليمني من العرب والأجانب.
تلك القوى والشخصيات والإتجاهات هي حسب ما نعتقد من ستمثل شوكة في حلق صالح ومن يدفعه للبقاء وقتل الناس، فهو وهم لن يجرؤوا على الدخول في حرب ثأر مع اليمن بكل قواها السياسية والقبلية والإجتماعية والمدنية، ومن يلاحظ فترة صالح الطويلة في الحكم سيرى أنه مال لتصفية الضعفاء حسب مفهومه فيما كان يلجأ لخلق اصطفاف وطني لتصفية خصومه الأقوياء، واليوم لم يعد يملك من مقومات الإصطفاف شيء، بل أصبح في حالة ضعف شديد لأنه يواجه من كانوا معه في الأمس، حتى أنه خسر القوة الإقليمية والدولية التي عملت على وصوله للحكم وبقائه فيه فترة طويلة، وهي التي تعمل الآن على انتشاله من الحصار الثوروي لأنها أيضا ملت منه وأصبحت تراه كما رأيناه منذ زمن طويل.
قد يقول قائل، أن ذلك الجمع يمثل خدمة عظيمة لعلي صالح لأنه يسعى لتصفيتهم جميعا ووجودهم في يوم وساعة معلومة سيشكل له فرصة تاريخية لا مثيل لها، حيث سيحرك أحجار الشطرنج بسهولة نحو “كش ملك” وينهي كل شيء، وذلك رأي خاطئ بكل المقاييس، لأن صالح أضعف من ما نتصور ومن بجانبه أضعف منه بكثير، ولولا هيبة السلطة لرأيناهم على حقيقتهم التي اتضحت وفضحتها الثورة وستتضح يوم الزحف العظيم، فهو وهم صاروا على يقين بأن محاكمتهم آتية والمسألة مسألة وقت، ولذلك يبحثون عن الضمانات اللازمة لعدم حدوث ذلك، مع محاولة الإستمرار في المراوغة لعل وعسى أن يحدث شيء ما يبقي الملك والسلطة، وينقذهم من الإستجداء لكل من يقدم لهم الضمانة والحصانة من المسائلة القانونية عن القتل والفساد.
ثقوا تماما أن علي صالح وشلة فساده يراقبون ما يحدث لمبارك وحكومته المخلوعة بعين، وينظرون نحو محكمة الجنايات الدولية بالعين الأخرى، ولهذا فلن يقدم على قتل قادة المعارضة وعلماء البلاد ومشايخها، كما انه لن يدخل في حرب ثأرية مع القبائل، حيث سيهب رجالها نحو دار الرئاسة لو حدث لزعماء القبيلة مكروه، كما أن قيامه بارتكاب أي حماقة قد يعجل بوصوله للقضاء الدولي عن طريق حلفائه الذين أتوا به ودعموه حتى لحظة انطلاق الثورة اليمنية المباركة.
إن ما ورد أعلاه لا يمثل تحديا أو إحراجا لأحد، لكننا نعتقد أن تلك أفضل الطرق، ليس فقط للتعجيل بخلع صالح وسلطته الفاسدة، ولكن ليثبت لنا كل أولئك انهم صادقون في أقوالهم وحواراتهم وتصريحاتهم، فالناس يتحدثون عن قادة المعارضة والعلماء والمشايخ الذين يظهرون عبر وسائل الإعلام ولا يظهرون في ساحات الثورة، بل إن صالح نفسه وسلطته المتآكلة تتهمهم بركوب الموجة وسرقة الثورة، وقد يكون أبلغ رد على ذلك وذاك الحضور يوم الزحف العظيم وارتداء الأكفان وقيادة الملايين نحو جمهورية السبعين لتحريرها كمعقل أخير يتواجد فيه من نهب وقتل اليمن الأرض والإنسان.
Leave a Reply