زخرت حلقات الأسبوع الماضي من «المسلسل اللبناني الطويل» بالمواقف والأحداث المباغتة وأخرى متُوقّعة. وكالعادة، تنوعت «الحبكات» ما بين السياسي والأمني والاجتماعي وغيره. فمع استمرار «المناوشات» الإنتخابية و«المناورات» المتكررة «لاستنباط» قانون انتخابي يرضي الجميع، إلى أزمة النازحين السوريين للبنان والمخطوفين اللبنانيين في سوريا، إلى «نزهة الثلج» للشيخ الأسير في كفرذبيان والسجال حول تشريع الزواج المدني، مروراً بـ«قطوع» قرية لاسا ومعها منطقة جبيل، وقضية المناضل جورج عبد الله التي تكاد توتر علاقات لبنان مع فرنسا، وصولا إلى عبوة حي السلّم الغامضة. في كل ذلك، كان المواطن-المشاهد اللبناني يتابع كل حدثٍ بحذر شديد فيما تظل تبعات الأحداث السورية، من تدفق للنازحين وفوضى المسلحين قابعة في قلب الحدث، بانتظار إما الإنفجار أو الإنفراج.
في مواضيع مشاريع قوانين الإنتخاب التي تلعب دوراً مهماً في تحديد نتائج «العملية الديمقراطية»، فقد دعا السيد حسن نصرالله في كلمته التي ألقاها بمناسبة المولد النبوي الشريف اللبنانيين الى التناقش في قانون انتخابي يتّسم بالعدل، موضحاً تبني «حزب الله» لأي قانون يرتكز على النسبية. بدوره، كرر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان رفضه لـ«قانون الستين» الأكثري، أما الرئيس فؤاد السنيورة فقد أعلن بأن كتلة «المستقبل» النيابية ستقدم قريباً اقتراحاً يُطمئن اللبنانيين، ليوضح عضو الكتلة عاصم عراجي لاحقاً أنّ الإقتراح «مبني على أساس الطائف». موضوع القوانين الإنتخابية كان حاضراً أيضاً في لقاءين منفصلين جمعا الرئيس سعد الحريري والرئيس أمين الجميل والنائب وليد جنبلاط في دارة الحريري بباريس، كما أجرى الحريري إتّصالاً هاتفياً مع الرئيس بري. وفي حين أكّد وزير الداخلية مروان شربل بأنّ التحضيرات الإنتخابية تتم على أساس «قانون الستين»، فقد أعاد كل من العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التذكير بأنّه قد تمّ «دفن» هذا القانون. ولكن هل ستكون مشاهد القبلات والعناق بين أعضاء اللجان النيابية المشتركة التي ستتولى لاحقاً درس تقرير اللجنة الفرعية «فال» خير على ولادة القانون الانتخابي العتيد أما أن مصير الإنتخابات سيبقى مجهولاً؟ هذا ما ستظهره الأيام والأسابيع القادمة.
وكما في قانون الإنتخابات، ظهرت التعقيدات والمزايدات ذاتها في قانون الزواج المدني؛ ففي الوقت الذي أيد تشريعه رئيس الجمهورية، رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مناقشة الموضوع في هذه المرحلة، فيما أطلق مُفتي الجمهورية الشيخ محمّد رشيد قباني لقب «الجرثومة» على هذا القانون و«المرتد» على كل من يحاول قوننته، ما ينبي بأنّ القانون سيثير جدلاً كبيراً بين اللبنانيين في المدى المنظور.
وقد حضر موضوع النازحين السوريين بقوة في منتدى «الاقتصاد العالمي» بدافوس، والذي شارك فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالإضافة الى رؤساء دول عربية أخرى. ميقاتي أكد خلال المنتدى على التزام لبنان تقديم أي مساعدة ممكنة للنازحين السوريين، قبل أن يتطرّق الى خطة الطوارىء التي وضعتها الحكومة اللبنانية للتعامل مع الأزمة، مشدداً على أهمية دور المجتمع الدولي في تقديم المساعدات.
ومن المنتدى، انتقلت حيثيات الأزمة إلى الكويت في المؤتمر العالمي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا، والذي شارك فيه رئيس الجمهورية ميشال سليمان على رأس وفد حكومي، ومشاركة أكثر من 60 دولة عربية وأجنبية. الرئيس سليمان أعلن خلال المؤتمر عن حاجة لبنان إلى 370 مليون دولار لتلبية احتياجات النازحين السوريين على أراضيه، فيما وصلت قيمة تعهدات الدول المانحة الى مليار ونصف المليار دولار، ما يعطي الأمل بتخفيف المعاناة الإنسانية لهؤلاء النازحين، وعدم تفاقم الأزمة التي يؤكد الجميع بأن «لبنان لا طاقة له على استيعابها».
وبموازاة زيارة سليمان إلى الكويت، قام ميقاتي بزيارة قصيرة الى تركيا على رأس وفد وزاري ضم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، عقد خلالها لقاءً مع الرئيس التركي عبد الله غول ونظيره التركي رجب طيب أردوغان. وبعد المناقشات، عقد ميقاتي وأردوغان مؤتمراً صحفياً أكّد فيه الأول على اقتناع اللبنانيين بقدرة تركيا على الضغط على خاطفي اللبنانيين في أعزاز، بينما شدّد الثاني على محاولة «التواصل مع الخاطفين». الجدير بالذكر أنّ بعض المصادر قالت إنّ مُختطف اللبنانيين المعروف بأبي إبراهيم هو في تركيا في الوقت الحالي، لكن مصادر أخرى لم تُؤكّد أو تنفي ما إذا كان الرجل حياً أو ميتاً. إلى ذلك، أعلن خليل نصور، سفير لبنان لدى «المفوضية الدولية لحقوق الانسان»، عن نيّته القريبة رفع دعوى دولية على الخاطف.
على خط الأزمة السورية، برز الحدث الأمني الذي تمثل باستهداف أربع طائرات حربية إسرائيلية أحد مراكز البحث العلمي في جمرايا بريف دمشق الأربعاء الماضي، ما استدعى استنفار الجيش اللبناني والمقاومة، على خلفية التحركات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على الحدود مع لبنان، والمعلومات التي سربتها مصادر إسرائيلية بأن الغارات الحربية استهدفت قافلة عسكرية على الحدود اللبنانية السورية تابعة لـ«حزب الله»، الذي أدان الهجوم الإسرائيلي على مركز البحث العلمي التابع للجيش السوري، نافيا بذلك الأنباء حول قافلة السلاح ومؤكدا بأن الغارة تأتي ضمن خطة اسرائيلية «لإسقاط دور سوريا المحوري في الممانعة والمقاومة»، دون أن يعني ذلك بأن تداعيات ما حصل قد وقفت عند هذا الحد.
وبالعودة الى الداخل اللبناني وبعد انقطاعه لفترة عن الظهور الصاخب، أطل الشيخ أحمد الأسير بدون مقدمات في بلدة كفرذبيان في قضاء كسروان، على رأس موكب خاص به لم يرد سوى «التزلّج» بحسب الأسير. لكن أهالي البلدة قطعوا الطريق عليه لساعات احتجاجا على هذه الزيارة «الاستفزازية» حسب وصفهم لها، في حين وصفها نائب رئيس حزب «الكتائب» سجعان القزي «بالمشبوهة».
الأسير من جهته أوضح أن زيارته للتنزه على الثلج غير سياسية و«ما بدا هلقد». أما وزير الداخلية مروان شربل فقد كان كالعادة سباقاً الى «تهدئة النفوس» قبل أن يُسارع الجيش والقوى الأمنية إلى إعادة فتح الطريق بشيء من القوة، ليرى المشاهد اللبناني صورتين مختلفتين لقطع الطرقات وطريقة فتحها بين صيدا وكفرذبيان.
وفي سياق آخر، شيّعت بلدة لاسا في قضاء جبيل المغدورين غسان وهادي سيف الدين بعد مساعٍ مشتركة قامت بها الأحزاب على رأسها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وفعاليات المنطقة، قبل أن تقوم بلدة حراجل بتسليم القاتل أنطوني خليل الى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ما أنقذ المنطقة ولبنان من مشهد مأساوي آخر هو في غنى عنه. وكانت الجريمة قد حصلت إثر تلاسن بين الجاني والمجني عليهما بسبب «أحقيّة المرور» ليقوم أنطوني بإطلاق النار عليهما ما أدى إلى مقتلهما على الفور.
ومن جهة أخرى، استمر أصدقاء وعائلة المناضل جورج عبد الله بإعتصاماتهم التضامنية معه في القبيات وبعلبك ومُحيط سجن الخيام. وإثر إعلان محكمة تطبيق الأحكام الفرنسية تأجيل البت في قضيته للمرّة الثانية بعد قرارها الإفراج عنه الى 28 شباط الحالي، قام المعتصمون بنصب خيمة أخرى على الرصيف المقابل للسفارة الفرنسية في بيروت قبل أن يُعلّق هذا الإعتصام وتُزال الخيم تقديراً لجهود الحكومة اللبنانية.
وعلى الصعيد الأمني، أدّت عبوة ناسفة في منطقة حي السلّم بالضاحية الجنوبية لبيروت الى تدمير سيارة المواطن عباس مظلوم، الذي قيل أنّه عضو في «حزب الله»، دون أن تُسفر عن إصابات فيما بقيت الأسباب غامضة بانتظار تحقيقات القوى الأمنية.
وقد شهد الأسبوع الماضي أيضاً زيارة جمال خالد عبد الناصر، حفيد الزعيم جمال عبد الناصر، مدينتي صيدا وبيروت، مُشيداً بالدور المهم الذي تلعبه المقاومة الإسلامية في لبنان.
Leave a Reply