واشنطن
بعد ضغوط بذلتها على مدى ثلاث سنوات، نجحت عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، ديبي دينغل، بتخليد ذكرى عائلة عباس، اللبنانية الأصل التي قضت بحادث سير مروع مطلع عام 2019، من خلال إقرار قانون جديد سيجبر شركات صناعة السيارات على تزويد جميع مركباتها الجديدة بحلول العام 2026 بتكنولوجيا فحص مستوى الكحول في دم السائق، سواء عبر هواء التنفس، أو من طريق الجلد.
ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن مشروع القانون الذي تقدمت به دينغل منذ عامين ونيف في إطار حزمة البنية التحتية التي أقرها الكونغرس الشهر الماضي.
والقانون الذي حمل اسم «قانون تكريم عائلة عباس لإنهاء القيادة تحت تأثير الكحول»، سيمنع السائقين من تشغيل محركات سياراتهم إذا تعدت نسبة الكحول في الدم، الحد المسموح به قانونياً.
وأمام السلطات الأميركية ثلاث سنوات، قابلة للتجديد، لتحديد موقفها من إشكاليات قانونية، أما التكنولوجيا ذاتها فهي جاهزة تقريباً. إذ طور باحثون أجهزة استشعار تسحب عينات من أنفاس السائق وتحللها. كما طوروا ماسحاً ضوئياً يمكن دمجه مع زر تشغيل المحرك أو المقود، لقياس مستوى الكحول في الأوعية الدموية تحت جلد الأصابع، باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
ويتميز النظام الأخير الذي يعرف باسم «نظام فحص الكحول لدى السائقين من أجل السلامة» DADSS، بأنه لا يشكل عبئاً أو إزعاجاً على السائقين غير المخمورين، إذ لا يتطلب النظام المبتكر أية إجراءات غير اعتيادية من قبل السائق، مثل النفخ في جهاز قياس مستوى الكحول، ولكنه كفيل بمنع تشغيل المركبات إذا تعدّت نسبة الكحول في الدم 0.08 بالمئة، وهو الحد القانوني المعتمد حالياً في ميشيغن وجميع الولايات الأميركية الأخرى باستثناء ولاية يوتا.
وقبل مأساة عائلة عباس، كانت دينغل من أبرز الشخصيات المطالبة بمكافحة القيادة تحت تأثير الكحول، وقد بدأ نشاطها في هذا المضمار قبل أن تتسلم أية مناصب عامة.
وفي عام 2019، تقدمت دينغل بمشروع القانون الذي حمل اسم «قانون عائلة عباس»، تخليداً لذكرى عائلة المحامي عصام عباس، الذي قضى مع زوجته وأودلاهما الثلاثة بحادث سير مروع، عندما اصطدم سائقٌ مخمور، كان يقود سيارته بسرعة جنونية عكس اتجاه السير على الطريق السريع «75»، بسيارة العائلة اللبنانية الأصل، ما أدى إلى اندلاع النيران في كلتا المركبتين ومصرع جميع من بداخلهما.
وكانت أسرة المحامي عصام عباس في طريق العودة إلى منزلها في مدينة نورثفيل بولاية ميشيغن، بعد قضاء عطلة نهاية السنة في ولاية فلوريدا.
وبينت التحقيقات أن سيارة الدفع الرباعي كان يقودها رجل مخمور يدعى جون لي بايلي، وقد بلغت نسبة الكحول في دمه 0.306 بالمئة، وهو ما يمثل أربعة أضعاف الحد المسموح به قانونياً في ولاية كنتاكي، والبالغ 0.08.
ونجم عن التصادم المروع اشتعال النيران بالسيارتين ومصرع كل من بداخلهما، وهم: المحامي عصام عباس (42 عاماً) وزوجته الدكتورة ريما (38 عاماً) وأطفالهما الثلاثة: علي (14) وإيزابيل (13) وجيزيل (7)، إضافة إلى بايلي (41 عاماً) الذي تم تحميله مسؤولية الحادث المروع، وفقاً لتحقيقات مقاطعة فاييت بولاية كنتاكي.
وأعرب أقارب عائلة عباس عن شكرهم وامتنانهم لجهود النائبة دينغل، وقال عباس تايلور: «أنا وعائلتي ممتنون للغاية لعضوة الكونغرس ديبي دينغل لدعمها الثابت لنا خلال أصعب وقت في حياتنا».
وأضاف تايلور: «إننا نقدّر قيادتها والتزامها الثابت بالمساعدة في ضمان عدم تحمل العائلات الأخرى لمثل الخسارة التي منينا بها.. لقد منحتنا الأمل في أن فرقاً حقيقياً يمكن أن يأتي من خسارتنا الفادحة».
من جانبها، أشارت دينغل إلى أن القيادة تحت تأثير الكحول جلبت الألم إلى مجتمع مدينة ديربورن، وإلى كامل البلاد، وقالت: «التقدم والتغيير لا يأتيان بالسرعة التي نرجوها، لكننا بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لتجنيب العائلات ما حدث لعائلة عباس».
وتشهد الولايات المتحدة سنوياً مقتل أكثر من 10 آلاف شخص من جراء القيادة تحت تأثير الكحول.
وترى منظمة «أمهات ضد القيادة المخمورة» (ماد) غير الحكومية في هذا القانون وسيلة لإنقاذ آلاف الأرواح. وتقول رئيستها أليكس أوتي «أبكي بدموع الفرح»، مضيفة: «هذه بداية النهاية للقيادة تحت تأثير الكحول».

Leave a Reply