تسريب أنباء عن البنود المقترح مناقشتها في مؤتمر مينابولس الدولي للسلام، المقرر عقده أواخر العام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، يهدف إلى خفض سقف التوقعات لدى الجانبين، بحسب ما تردده عن هذا الخفض وزيرة الخارجية الأميركية. وآخر تلك الأنباء إمكانية الإنسحاب من 98 بالمئة من أراضي الضفة وغزة وإقامة عاصمة فلسطينية في مدينة القدس، ومعنى هذه العبارة الأخيرة إبقاء القدس شرقها وغربها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل بما فيها منطقة الحرم القدسي، وتعويض الفلسطينيين عن قدسهم، بأخرى هي عبارة عن مجموعة قرى ومخيمات محيطة مثل أبو ديس وسلوان وشعفاط وراس العامود والطور، وليسمها الفلسطينيون ما شاؤوا.نسيت كوندوليزا رايس أن عرفات وهو يفاوض كلينتون وباراك في كامب ديفيد حول القدس تطرّق إلى كل حارة وكل شارع وكل بيت وكل حانوت فيها، فقد عاش فيها صباه ما جعل الرئيس الأميركي يتصبب عرقا وهو يستمع إليه، حتى لو مات عرفات وغاب عن مسرح المفاوضات، فمثله مئات وآلاف بل الشعب الفلسطيني كله مستعد للدفاع عن القدس التي يعرفونها إلى الأبد.تظن رايس بمقاييس الـ«ريل إستيت» الأميركي أن كيلو مترا مربعا واحدا داخل الحرم القدسي وحوله، يمكن مقايضته بمساحات داخل الخط الأخضر أو بحفنة دولارات ينفقها عباس على شعبه في الضفة الغربية، لا تعلم أن هذا المكان تحديدا شهد معارك بين المسلمين وأعدائهم سالت فيها الدماء كالوديان، ومن هنا سمي أحد زقاقاتها بـ باب الواد، لغزارة ما سال فيه من دماء وهو ماثل في المدينة حتى الآن.ثم من قال لرايس أن أحدا من الفلسطينيين يجروء على التوقيع على إتفاق سلام يتخلى فيه عن بيت المقدس، فذلك من شأنه إسقاط أنظمة وإندلاع حروب وإشتعال فتن يطال لظاها أرجاء العالم.خفض سقف التوقعات في المؤتمر الدولي المرتقب يطال اللاجئين، فهؤلاء بحسب المنطق الإسرائيلي يمكن لبعضهم العودة ولكن للدولة الفلسطينية الموعودة وليس لديارهم داخل الخط الأخضر، فكأنما يبدلون لجوءهم بلجوء، إذ ما الفرق بين أن يكون المرء لاجئا في لبنان أو سوريا أو الأردن أو الضفة الغربية، اللهم إلا أن يكون اللجوء في المرة الأخيرة أكثر حسرة وإيلاما، وهم يرون بيوتهم ومزارعهم يدنسّها المحتلون على مرمى حجر. مؤتمر خفضت سقوفه إلى هذا الحد، يصبح ركاما لا أمل فيه ولا توقعات، وقد بانت علامات فشله سلفا، وهو على كل حال لعبة دبلوماسية أراد المنظمون من ورائه شراء الوقت للتمديد لنظامي أولمرت وعباس كانا آيلين للسقوط، في أعقاب حرب تموز وسيطرة حماس على غزة.أما أن فشل المؤتمر وهذا مؤكد بالتحليل المنطقي للمقدمات، فسيلجأ كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة إلى تقديم الإنتخابات العامة في بلديهما، فكلاهما أفلس سياسيا وعسكريا وحينها يجد عباس ضالته في التخلص من عبء الحكم وويلاته الجسام، وهذا ما صرح به مؤخرا من أنه ينتظر اللحظة التي يعتزل فيها السياسة، وهو بذلك مصيب، لكنه أخطأ حين قال أنه غير مقتنع بالمقاومة، أفلم تكن المقاومة هي من أوصلتك يا سيادة الرئيس إلى قمة السلطة؟
Leave a Reply