ديربورن – خاص “صدى الوطن”
يمكن بسهولة وصف نتائج الانتخابات النصفية التي جرت يوم الثلاثاء بـ”التسونامي” الجمهوري كما توقعت “صدى الوطن” قبل الانتخابات بأيام.
فقد حقق الجمهوريون فوزا كبيرا في عموم أنحاء البلاد وفي عموم أنحاء ولاية ميشيغن. في الواقع فإن المناصب الكبرى الثلاثة في الولاية فاز بها الجمهوريون الذين يسيطرون أيضا على مجلسي كونغرس الولاية.
لكن لماذا خسرت المرشحة الجمهورية سوزان سرعيني رهانها على الفوز بمقعدي مجلس نواب الولاية عن مدينة ديربورن؟ ولماذا ربح الديمقرطيان جوسلين بنسون ودايفيد لايتون في مدينة ديربورن بينما خسرا على مستوى الولاية؟ وماذا عن السباق الى عضوية المجلس التربوي في المدينة الذي استطاع العضو الحالي المحامي جيم سكولماستر بنتيجته الاحتفاظ بمقعده بفارق 21 صوتا فقط.
إن نظرة فاحصة عن نتائج مدينة ديربورن تظهر إقبالا عربيا أميركيا متدنيا على وجه الاجمال. ففيما بلغت نسبة الإقبال الإجمالية في المدينة 43 بالمئة تراوح الإقبال في أقلام القسم الشرقي بين 20 و25 بالمئة على أفضل تقدير ما يشكل نسبة النصف تقريبا من الاقبال الإجمالي.
بالطبع منطقة شرق ديربورن لا تقتصر على الناخبين العرب، لكن إذا علمنا العدد المرتفع للناخبين العرب المسجلين للاقتراع في هذه المنطقة (من ضمنها جنوب ديربورن)، فمن المأمون قراءة نتائج القسم الشرقي في ديربورن باعتبارها مؤشرا للنتائج العربية الأميركية. من المهم أيضا ملاحظة أن العديد من العرب الأميركيين يقطنون حاليا ويصوتون في غرب ديربورن.
في التحليل التالي، سوف نستخدم مصطلح “الأقلام العربية” للإشارة الى الأقلام من 1 إلى 21، مع استثناء القلم رقم 13 في مركز هنري فورد فيلاج.
أولا، في السباق على مقعد الدائرة 15 لعضوية مجلس نواب الولاية (دائرة ديربورن) خسرت المرشحة الجمهورية سوزان سرعيني (10220 صوتا) أمام منافسها الديمقراطي جورج ديراني (12408 أصوات). وتشمل هذه الدائرة كامل مدينة ديربورن باستثناء الأقلام 1و2و3 (في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة).
وسرعيني هي عضو مجلس بلدي في المدينة تتمتع بشعبية ونالت عددا من الأصوات فاق ما ناله زميلها ديراني في انتخابات المجلس البلدي الأخيرة (2009) وكانت مدعومة من “اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي” التي جندت متطوعين على أبواب مراكز الاقتراع عملوا على توزيع لوائحها في أقلام القسمين الشرقي والجنوبي. وإذا كانت سرعيني تخوض معركتها وسط تسوماني جمهوري، فلماذا خسرت؟
ثمة أسباب عديدة ممكنة، أهمها الحملة الانتخابية السلبية التي خاضها الديمقراطيون والتي يبدو أنها أثرت في العديد من الناخبين. فعلى سبيل المثال، وفي نتائج التصويت الغيابي نالت سرعيني 2308 أصوات مقارنة بـ2524 صوتا لخصمها ديراني. السبب المهم الآخر هو التصويت للائحة الديمقراطية بأكملها في الأقلام ذات الكثافة العربية، على الرغم من المناشدات المتكررة من قبل “أيباك” للناخبين العرب بأن يمتنعوا عن التصويت الكلي لحزب واحد، وعلى الرغم من حقيقة أن “أيباك” طبعت لائحة مفصلة بأسماء جمع المرشحين المدعومين منها، بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية فنتائج الأقلام العربية أظهرت عددا كبيرا جدا من التصويت الديمقراطي الحصري في هذه الأقلام، والذي يفسر أيضا ما أنجزه كل من بنسون ولايتون. وقد أظهرت النتائج في الأقلام العربية أن 2865 ناخبا صوتوا للائحة الحزب الديمقراطي بصورة حصرية مقارنة بـ581 ناخبا صوتوا للائحة الحزب الجمهوري حصريا في الأقلام ذاتها.
ونالت سرعيني في هذه الأقلام 1599 صوتا مقابل 2517 صوتا لديراني ما يعني أن 1018 ناخبا في هذه المنطقة اختاروا سرعيني بصرف النظر عن انتمائها الحزبي.
يبقى السؤال لماذا صوت العرب الأميركيون بصورة ساحقة للبطاقة الديمقراطية مكتملة؟ السبب ببساطة هو أن السياسات الجمهورية والشعارات في السنوات القليلة الأخيرة كانت معادية للعرب وللمسلمين بوضوح. فجاليتنا لاتزال فاقدة الثقة بالجمهوريين وهذا ما آذى سرعيني بطبيعة الحال.
ثمة عامل آخر يتمثل بالنقص في فهم النظام الانتخابي الذي يسمح للناخب بأن “يقسم البطاقة” والذي يعني بشكل أساسي التصويت ديمقراطيا ولكن مع إمكان التصويت لسوزان سرعيني.
وقد قال العديد من متطوعي “أيباك” في مراكز الاقتراع أن الناخبين العرب الأميركيين لم يشأوا التصويت لأي مرشح جمهوري حتى لو كانت سرعيني وهي عربية أميركية معروفة. وأفاد هؤلاء المندوبون ايضا أن العديد من الناخبين فضلوا الطريقة الأسهل وهي الاقتراع للائحة الديمقراطية بكليتها (دون الخوض بأية أسماء على ورقة الاقتراع).
أما بالنسبة لسباق مقعد المجلس التربوي، فقد احتفظ جيم سكولماستر بمقعده بفارق 21 صوتاضد منافسته روكسان ماكدونالد. وقد نال سكولماستر دعم “أيباك” التي وضعه في المقدمة في الأقلام العربية حيث نال 2077 صوتا مقارنة بـ 1397 صوتا لمكدونالد في المنطقة ذاتها.
لكن مالكدونالد تفوقت على سكولماستر في ديربورن هايتس حيث تصوت منطقة صغيرة هناك لمجلس التربية في ديربورن ولم يخض أي من المرشحين حملة انتخابية كبرى. وقد موضعت ماكدونالد نفسها بوضوح كمرشحة جدية بإمكانها إخراج عضو آخر العام المقبل اذا حصلت على دعم أيباك في المرة القادمة.
ولم تحظ ماكدونالد هذه المرة بدعم “أيباك” لأن سجل العضو سكولماستر أدى خدمات للمدينة برمتها وهذا ما منحه دعم “أيباك”. وأظهرت نتائج سكولماستر في الأقلام العربية، رغم شعبية ماكدونالد في هذه المنطقة أن الناخبين العرب أنفسهم الذين لم يلتزموا بلائحة “أيباك” عندما تعلق الأمر بالمرشحة سرعيني التزموا بهذه اللائحة عندما تعلق الأمر بمعركة غير حزبية لمقعد مجلس التربية.
هذه الحقيقة تم برهانها أيضا في سباقات أخرى غير حزبية مثل السباق الى محكمة ميشيغن العليا. فقد حاز المرشحون المدعومون من “أيباك” آلتون ديفس (2047 صوتا) ودنيس لانكفورد موريس اللذين هزما ماري بيت كيلي (1483 صوتا) وبوب يونغ (1439 أصوات) في الأقلام العربية، فيما خسر ديفيس وموريس على صعيد المدينة والولاية.
Leave a Reply