لقد تبين للمرة الألف أن السيد حسن نصرالله كان صادقاً (كعادته) عندما أكد أن سعد الحريري كان “عنده علم” بالقرار “الزاني” أثناء اللقاء الشهير بينهما الذي أبلغه فيه أنه سيطال عناصر “غير منضبطة” من الحزب وحاول القيام بتسوية تقضي بتسليمهم للمحكمة الإسرائيلية مقابل تبرئة الحزب. طبعاً رفضت هذه التسوية-الفخ لأن إتهام أي عنصر من المقاومة يعني إتهام كل المقاومة. السيد أعلن عن هذه التسوية الحريرية التي نكرها سعد فيما بعد ونفتها جوقته الإعلامية بشراسة ناكرةً معرفتها المسبقة بالقرار، وهذه لم تكن المرة الأولى!
اليوم صدر القرار عن المحكمة تماماً كما سربه سعد وأشكينازي ودزينة من وسائل الإعلام الغربية، وأخذ طريقة إلى التنفيذ بسرعة بهمة سعيد ميرز (القبضاي أكثر من فتفت) وبحماسة ملفتة لم نشهدها له في مسألة ثكنة مرجعيون ومجزرة “الرمل العالي” أو محاكمة شهود الزور أو مساءلة “نابليون ريفي” على عصيانه لأوامر “القائد الأعلى” للقوات المسلحة أو المسألة الخطيرة بسيطرة اسرائيل على قطاع الإتصالات الخليوية؟! كنا نتوقع أن يتحرك ميرزا عندما كشفت “الحقيقة-ليكس” أن الكذّاب زهير الصديق أبلغ معلمه عن جريمة مي شدياق قبل حصولها؟ وكيف لم يحقق “القضاء اللبناني المستكل والعادل” بمماطلة ميرزا في إطلاق سراح الضباط الأربعة رغم عدم إدانتهم بأية تهمة وسجنهم لمدة ٤ سنوات، فقط لأسبابٍ سياسية؟! أليس الأجدى أن يحقق ميرزا بما فعلت إسرائيل بأجهزة الكمبيوتر التي نقلتها عبرها لجنة التحقيق مع كل المعلومات و”الداتا” العائدة للشعب اللبناني بدل أن يسرع للتحقيق مع النساء في العيادة؟ ثم كيف ستكون هذه اللجنة محل ثقة تتمتع بأعلى المعايير الدولية ونائب رئيس لجنتها، غيرهارد ليمان، نصابٌ مرتشٍ كمعلمه؟ ماذا لو شوهد مسؤول أميركي على الكاميرا يقبض رشوة؟
لقد تحدث صغار “١٤ الشهر” عن “الإرتياب المشروع” بسبب دفاع المقاومة عن نفسها، فلماذا لا يطبقونه على كاسيزي المؤيد لإسرائيل والمعادي لكل حركات التحرر؟
أعرب عناصر جماعة “١٤ عبيد زغار” عن ابتهاجهم بصدور القرار، ظناً منهم أنه سوف يحيي عظامهم السياسية وهي رميم، بعد خيبة أملهم بتشكيل الحكومة الميقاتية رغم تطمينات أسيادهم أنها لن تتألف، وسيعود “سعد الجوال” إلى السراي. كان “العُقاب” يتقيأ بكلامٍ فارغ من نوع أنه وتياره “الأزرق” لن يسمحا بإتهام المقاومة أو التعرض لها عبر المحكمة الدولية، فماذا يقول اليوم إزاء فعلة “أصنام ١٤ آذار” في “البريستول” الذين خونوا المقاومة بأكملها ويريدون الإستقواء بالخارج ولو أدى ذلك إلى حرق البلد (ثم يدعون الحرص على السيادة)، فإذا لم يكن سعد في الحكم فليذهب البلد إلى الجحيم.
لكن الأخبث هو موقف نهاد المشنوق الذي طلب من وزيري الحزب الإستقالة وطالب بكرامته العزيزة عليه، هذه الكرامة التي شنقها ومرغها معلمه في الوحل عندما قال عنه في “الحقيقة-ليكس” أنه لا يثق به. وما هجوم المعارضة الإستفزازي واللاأخلاقي والهستيري في البرلمان إلا تعبيراً عن إفلاس هذا الفريق الذي يديره “سعد الطائر” بـ”الريموت كونترول”.
ولقد لفتني في جلسة الثقة لمناقشة “بند المحكمة” للبيان الوزاري أولاً، البعد الشاسع بين إلقاء ميقاتي وتأتأة سعد الحريري الذي لم يستطع القراءة، وثانياً، المناشدة العاطفية لسمير الجسر طالباً من ميقاتي ألا يغضب بعد كل الهجوم الشخصي عليه متناسياً يوم “الغضب الشعبي الأزرق” عليه وعلى الصفدي. ثم إستحلف الجسر ميقاتي أن يجيب على السؤال التالي “لو قفز سعد فوق دماء الشهداء وقبل بالبقاء بالسلطة مقابل التخلي عن المحكمة، هل أصبح ميقاتي في هذا الموقع؟”. نقول للجسر أن هناك وثائق مطبوعة وممهورة بتوقيع الحريري نفسه، وحتى لو لم يكن هناك مستندات فالناقل لهذا الحدث هو بالتأكيد أصدق من الجسر ومن وراءه.
أما فلتة الشوط المضحكة فكانت بلا منازع للنائب “النعنوع” سامي الجميل الذي طالب المقاومة بجوابٍ صريح من “مقاوم” إلى مقاوم! لقد غاب عن فكر “سوسو” أنه بالأمس فقط دعا حزب العائلة للفخر بتحالفه السابق مع إسرائيل، كما فاته التمييز بين المقاوم ضد إسرائيل والمقاوم “مع إسرائيل”.
وقد علمنا أن بيان “لقاء البريستول” كان من بصمات الجميل الأب والإبن نتيجة الفراغ الذي تركة غياب رئيس كتلة “المستقبل” وحليفه “خريج الحبوس”، لكن الظاهر رأن حضورهما، مثل غيابهما، لا يقدم ولا يؤخر شيئاً. وربما لهذا السبب، كان البيان بمثابة إعلان حرب مدجج بالتهديد والوعيد ودعوة إجرامية لمقاطعة البلد سياسياً وإقتصادياً وسحب أرصدة، وهو على أبواب موسم الإصطياف.
إسرائيل فقط تحمل مثل هذا الحقد على وطن المقاومة وهذه المعارضة هي أشر معارضة عرفها التاريخ!
Leave a Reply