سامر حجازي – «صدى الوطن»
بعد القس تيري جونز الذي أحرق القرآن الكريم وزياراته الاستفزازية والعنصرية الفاشلة الى ديربورن تحت ستار «محاربة الشريعة»، لم يكن ينقص المسلمين إلا مهووس آخر يأتيهم هذه المرَّة من ولاية أريزونا هو القس ستيفن أندرسون الذي دعا انصاره من كافة الولايات للزحف إلى المدينة يوم الجمعة ٢٦ حزيران (يونيو) الحالي من أجل إنقاذ المسلمين من نار جهنم لانهم لا يؤمنون بألوهية السيد المسيح!.
أندرسون هو زعيم «الكنيسة المعمدانية العالمية المؤمنة»، ومقرها فـي مدينة فـينيكس بولاية أريزونا. وتعتقد الكنيسة ان انجيل الملك جيمس هو كلام الله دون خطأ. وتؤمن أيضاً بأن غير الناجين سيقعون إلى الأبد فـي العذاب وفـي الجحيم لا محال.
وترفض الكنيسة تعاليم «الكالفـينية»، وتعتقد أن «يسوع الله يريد إنقاذ الجميع». كما انها تعارض بشدة، المثلية الجنسية والإجهاض والتخصيب فـي المختبرات وجميع الممارسات الأخرى التي قد تعدِّل وتغير الحياة إيجابياً قبل الحمل أو تنهي الحياة بعد الحمل.
وفـي شريط فـيديو تم تحميله على موقع يوتيوب حصد حتى نشر هذا التقرير أكثر من ١٠ آلاف مشاهدة، يظهر أندرسون وهو يحث المؤمنين للانضمام إلى مسيرة كنيسته فـي «زحف روحي هدفه إنقاذ المسلمين فـي ديربورن من نار جهنم»، حيث سيقوم المشاركون بالتنقل من «باب إلى باب من أجل إنقاذ غير المؤمنين، وخاصة المسلمين».
وفـي منطقة فـينيكس، خصصت المجموعة العديد من أيام السبوت لطرق الأبواب بغية التبشير بالإنجيل لدى السكان المحليين. وعلى موقع الكنيسة على الإنترنيت، تزعم هذه الجماعة أنها «أنقذت» العديد من المضللين من خلال هذه الجهود الشعبية.
فـي الفـيديو المطروح على «يوتوب»، يدعو أندرسون المؤمنين من جميع أنحاء ميشيغن، وكذلك الولايات المجاورة لها مثل انديانا وأوهايو وإلينوي وويسكونسن، للمشاركة فـي «يوم الزحف».
ويعتزم أندرسون بدء صباح يومه بحشد مجموعته فـي متجر «بانيرا بريد» فـي مدينة آلين بارك على شارع «فـيرلين درايف». وبعد وجبة الفطور الصباحي، سيتوجه المشاركون إلى ديربورن حاملين آلاف الأقراص المدمجة «دي فـي دي» بعنوان «الزحف إلى صهيون» من بينها نسخ باللغة العربية مخصصة للتوزيع فـي اوساط الجالية بمنطقة ديربورن.
وادعى أندرسون المعروف بعدائه للسامية انه تواصل أيضاً مع المسارح المحلية فـي محاولة لعرض القرص المدمج فـي الأماكن العامة. وأضاف «ديربورن، ميشيغن تضم أكبر عدد من السكان العرب فـي الولايات المتحدة».. ومعظم هؤلاء هم من المسلمين بالطبع. نحن جميعاً نعرف أن المسلمين جميعهم ذاهبون إلى الجحيم قطعاً… هم غير ناجين لانهم لا يؤمنون بأن يسوع هو إبن الله.
واستطرد أندرسون أن بعض مؤيديه قد يكونون مترددين او خائفـين من الذهاب إلى ديربورن. والحل فـي نظره بسيط، فما عليهم سوى زيارة موقع Amazon.com وشراء «تي شرت» يحمل شعار «فلسطين حرة» وارتدائه فـي ديربورن ليكونوا موضع ترحيب بين العرب. وادعى أندرسون فـي مقطع يوتيوب مخاطباً اتباعه «إذا قمتم بارتداء هذا القميص، فإنه سيعمل على حمايتكم أثناء وجودكم فـي ديربورن»،
وإزاء حصول الفـيديو على الاهتمام المحلي فـي المنطقة، سادت الخشية من البعض بأن وجود هذه المجموعة فـي ديربورن قد يتسبب بحدوث احتكاك وتوتر. اما العامل الآخر المقلق هو أن الحدث التبشيري المستفِز الذي قررت المجموعة القيام به سينظم خلال شهر رمضان المبارك وهو شهر الصيام عند المسلمين من قبل شروق الشمس بساعة وربع إلى غروبها.
وفـي هذا الإطار، صرَّح الشيخ محمد المارديني، امام «المركز الإسلامي الأميركي»، فـي ديربورن أن على السكان «أن يغتنموا هذه الفرصة ليرحبوا بأندرسون وأتباعه خلال ما يعتبر اعظم وقت روحي لهذا خلال العام، فهذا شهر رمضان ونحن كمسلمين ندعو الناس بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا كان السادة ورجل الدين قادمين إلى المدينة، فنحن نرحب بهم وندعو أبناء الجالية إلى أن يقدموا لهم القهوة أو الماء أو أي شيء آخر فـي شهر رمضان».
وقال مارديني إنه قام باجراء أبحاث حول جماعة «الكنيسة المعمدانية العالمية المؤمنة» وما ستبشر به المجموعة من الوعظ والإرشاد عندما ستأتي إلى المدينة. وأشار إلى أن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة التي يمكن للجالية تنوير هذه المجموعة بصددها أثناء الزيارة.
وأردف «المسلمون الأميركيون ليست لديهم أية أجندة ضد هؤلاء الناس. بيوتنا مفتوحة، مساجدنا مفتوحة للناس ليأتوا ويفهموا ما نحن عليه. وأنا أعتبر هذه الزيارة فرصة لنا جميعاً لدعوتهم إلى بيوتنا وبيوت العبادة، والسماح لهم برؤية ان ليس لدينا ما نخفـيه ونحن شعب محب للسلام ومن أهل الرحمة».
مسؤولو البلدية صرحوا لـ«صدى الوطن» ان أندرسون لم يتصل بهم وليست لديهم اية معلومات حول حجم المشاركة فـي مسيرة ما يسمى بـ«إنقاذ الأرواح»، ولكن مع ذلك فإن مكتب رئيس البلدية وقسم الشرطة مستعدان للتعامل مع اي تطورات محتملة. وقال رئيس البلدية، جاك أورايلي، «لم يتصلوا بنا، ولكن نحن نراقب الأمور وسمعنا ورأينا الأشياء التي قالها على الانترنت لتشجيع الناس على المجيء. لقد ألقينا نظرة على ما قدمه، وأجندته لا علاقة لها بديربورن على وجه الخصوص. نحن أصبحنا محط أنظار الجميع بسبب أن من هم خارج منطقة ديترويت الكبرى، يتخيلون كل أنواع الأشياء التي تحدث هنا والتي هي ببساطة غير صحيحة».
وأشار أورايلي إلى «أن على البلدية وسكانها الالتزام بقوانين حرية الكلام كلما قرر الإنجيليون إيصال رسالتهم إلى المدينة». ولاحظ «أن السكان عادة ما يكونون متجاوبين فـي مثل هذه الظروف، وبعض الجماعات سوف تبحث عن أي سبب لجعل المسلمين والعرب يظهرون كبرابرة همجيين».
وخير مثال على ذلك، الحادث الذي وقع خلال المهرجان العربي الدولي فـي عام ٢٠١٢، عندما قام أعضاء مجموعة تسمى بـ«المؤمنين بالكتاب المقدس» بالتظاهر داخل المهرجان رافعين لافتات وشعارات تحريضية من بينها رأس خنزير وُضع على عصا لإستفزاز المارة والمشاركين ودفعهم الى الرد والانتقام.
وقد تمت مرافقة «المؤمنون بالكتاب المقدس» خارج المهرجان من قبل شرطة مقاطعة وين بعد ان بدأ الحضور برمي النفايات عليهم. وقامت المجموعة المتطرفة بعدها بتصوير نفسها عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام على أنها الضحية.
واستنتج أورايلي «ان المؤمنين بالكتاب المقدس أستفزوا المشاركين ولا سيما الشباب منهم الذين قاموا برد فعل».
وطلب أورايلي من الجالية «إما تجاهل أندرسون وأتباعه، أو الاقتراب منهم بود إذا ارادوا الانخراط فـي حوار صحي». واستطرد «علينا التأكد من أنْ لا نعطيهم أية انطباعات خاطئة تبرر حججهم. طالما نحن نعرف من هم ونحن نحترم حقوقهم، فإن هذا لا يغير ديربورن أو يجعلنا مختلفـين. علينا فقط أن نكون أقوياء ونسمح لهم بالقيام بما يريدون، طالما نحن نعرف أننا جميعاً فـي هذه المدينة نعيش معاً كفريق واحد، واذا لم نغفل ذلك، فلن يكون بامكانهم الاضرار بنا».
Leave a Reply