ناتاشا دادو
كوني كلدانية أعمل مراسلة فـي ديربورن وأغطي نشاطات الجاليات العربية والإسلامية فـي مترو ديترويت لم يكن بالأمر الهين ولن يكون أبداً. فقد شهدتُ، على مر السنين، ردود فعل معارضة من قبل أفراد فـي جاليتي الكلدانية بحكم عملي الصحفـي الذي يحدوني إلى ان أكون بقرب العرب والمسلمين واعمل معهم بشكلٍ وثيق.
صورة تجمع الإمام سيد حسن القزويني مصافحاً مطران كنيسة لويس ساكو الكلدانية إبراهيم إبراهيم في قاعة «ريسنسي مانور» |
بدأت العمل مراسلة لـ«صدى الوطن» فـي عام ٢٠١٠ وأتذكر أنه بعد شهرين فقط من بداية مهنتي أرسل أحد الأصدقاء إلى تلفوني الجوال «بلاك بيري»، رسالةً عن طريق «ب ب ماسنجر»، يسخر فـيها من وظيفتي مستخدماً إسمَي «علي» و«محمد». ثم انهمرت علي كل انواع التهجمات حتى وُصفت مرة بـ«عاشقة المسلمين» بالإضافة الى التعليقات والتساؤلات الجاهلة عن العرب التي تُلقى تجاهي باستمرار، بما فـي ذلك «كيف يمكنك العمل مع هؤلاء المسلمين المجانين فـي ديربورن؟ الا تشعرين بالخوف؟»
أحد الأشخاص أجرى معي مرة مكالمة ماجنة استهان فـيها من عملي فـي الجريدة كما قال لي رجل كلداني ذات مرة أنه عار وعيب علي أنْ أعمل لدى مسلم!
هذه التجارب تعكس سوء فهم وجهل آراء بعض المسيحيين العراقيين التي يتداولونها عن الإسلام والمسلمين ولم يعد من الممكن تجاهلها، والتي تكثَّفتْ فـي الأشهر الأخيرة نتيجة للإبادة الجماعية التي تواجه المسيحيين فـي موطنهم الأصلي «العراق».
إن تعداد سكان الأرض حسب احصاءات الأمم المتحدة يبلغ أكثر من ٦ مليارات نسمة فـي العالم، أكثر من مليار منهم مسلمون. ولا ينبغي أبداً صد أو منع انفصال الانسان من شرنقة جاليته ومجتمعه لكي يعمل ويتفاهم ويتفهم وضعية أناس من ديانات وخلفـيات مغايرة تختلف عن معتقداته. على الرغم من حقيقة أن الكلدان الذين يبثون الكراهية ضد المسلمين والعرب ويشجعون التعصب تجاههم يمثلون أقلية صغيرة لا تعكس رأي المجتمع ككل، لكن الكثير من المسلمين يعتقدون أنَّ جميع الكلدان عنصريون. ونحن، الكلدان، لا يجب علينا التصدِّي للكراهية والتمييز فقط عندما يحدث فـي مجتمعنا، بل يجب علينا أن نفعل ذلك عندما يتم توجيه مثل هذا التحريض المقيت ضد الآخرين.
أنا دائماً أختار الدفاع عن العرب والمسلمين فـي منطقتنا ضد المفاهيم الخاطئة عنهم لأنهم أصدقائي وزملائي وجزء من الجاليات التي عاملتني بلطف وخُلق كمراسلة.
التعليقات المستهجنة التي تصدر ضد العرب والمسلمين من قبل بعض الكلدان منذ أنْ اكتسبت «الدولة الإسلامية» موطيء قدم لها فـي الموصل شمال غرب العراق، تبعث على القلق، على أقل تقدير. هذه التعليقات لا تعكس حقيقة المسلمين الذين أخبرتُ تفاصيلهم عبر السنوات ومن خلال صفحات الجريدة، ولا تعبِّر عن الدين الاسلامي الحنيف الذي يتبعونه. المسلمون الذين أعرفهم هم أولئك الطلاب الشبان الثمانية من العرب الأميركيين فـي ديربورن الذين تم قبولهم فـي جامعة «هارفرد» عام ٢٠١٢، هم المهندس اللبناني من «ديربورن هايتس» الذي حصل على براءة اختراع لاكتشافه مقعداً يحمي السائقين من الإصابات والجروح؛ هم تلك المرأة المسلمة التي تم تكريمها بسبب عملها التطوعي الدؤؤب الذي تقوم به لإطعام الجياع المحتاجين الذين لا يملكون مأوى فـي ديترويت، كل أسبوع خارج الكنيسة.
كتابة مثل هذه الحقائق مهمة شاقة للغاية مع أنه لا يوجد شيء أفخر به أكثر من كوني كلدانية عراقية وليس هناك شيء ألتزم به أكثر من محنة المسيحيين العراقيين.
لكن محاولتي لتشجيع الناس فـي جاليتي على إيقاف الربط بين جميع المسلمين مع المتطرفـين لا تعني انَّي أسعى لإسكات النقاش حول التحديات والتهديدات التي تواجه شعبي. أريد فقط أن أمنع الحوادث المؤسفة من استهداف المسلمين مثل تلك التي حصلت هذا الصيف عندما كان بعض المسلمين يوزعون المناشير فـي مهرجان «رويال اوك» والتي تتضمن معلومات حول التفهم الأفضل لدينهم، فما كان من كلداني غاضب إلا أنْ ألقى بكيس من الكتب والكتيبات حول الإسلاميين فـي وجه أحدهم وشَتَمه بأقذع النعوت.
وعندما يُحمّل جميع المسلمين وزر الأعمال الإرهابية التي تُرتكب باسمهم ضد الأبرياء فإنَّ أرواحاً بريئة تُزهَق بسبب جرائم الكراهية التي لا معنى لها.
أتذكر انَّي غطيت قصة ذاك الرجل من نيويورك الذي كان ينتظر ليستقل المترو إلى مقر عمله فرماه البعض إلى عجلاته مما تسبب بقتله. وقالت المرأة التي ارتكبت جريمة القتل صراحةً إنها دفعته الى موته المحتم عن قصد لأنها تكره المسلمين منذ هجمات ١١ أيلول (سبتمبر).
كما أصبحت التوترات بين العرب والكلدان مشكلة لا يمكن تجاهلها. ففـي شهر أغسطس (آب) الماضي وقعت مشكلة حادة فـي صالة الشيشة فـي ديترويت بسبب نزاعٍ ديني. وفـي حادث آخر، اقترب رجل كلداني من مسلم فـي مدينة «ديربورن هايتس» وسأله عما اذا كان من ديربورن وعندما أجابه : لا، بدأ الرجل يتحدث عن حجم كراهية العرب من ديربورن. واليوم هناك تشجيع خطير للكلدان من قبل أقلية صغيرة منهم على مقاطعة الشركات المملوكة للمسلمين فـي ديربورن من أجل عدم الاستفادة من تداول أموالهم هناك.
المقاطعة الكلدانية ضد الشركات
المملوكة للمسلمين هي تصرف عنصري
الأسباب الظاهرية لتشجيع هذا النوع من المقاطعة هو القلق من أن المال يمكن أن يُستخدم لتمويل الجماعات الإرهابية. الإحباط من قبل هؤلاء الكلدان ناجم عن أن المسلمين فـي ديربورن لم يجهروا بشكلٍ كافٍ لإدانة اضطهاد المسيحيين العراقيين، وأن على الكلدان أن يدعموا محلاتهم التجارية قبل الآخرين.
وفـي المقابل ندد العديد من الكلدان بفكرة المقاطعة ووصفوها بالعنصرية، قائلين انها تستهدف جالية بأكملها على أساس تصرفات نفر قليل منهم لا يمثلونهم.
وكمراسلة، كنت قد غطيت محاولة مقاطعة مماثلة قامت بها مجموعات مستهدفةً المجتمع المسلم كله فـي ديربورن بسبب الأحداث الجارية فـي الخارج وهجمات أيلول الإرهابية. وقد فشلت تلك المحاولة لأن القادة المحليين والإقليميين وعلى صعيد الولاية، مثل عضوي الكونغرس جون دنغل وجون كونيرز، هبوا دوماً للدفاع عن المسلمين. كذلك حاكم الولاية ريك سنايدر دافع مرة عن الجالية المسلمة ضد تصريحات عنصرية من قيادي بارز فـي حزبه الجمهوري.
ولكن السؤال ما المغزى من مقاطعة الشركات المسلمة فـي ديربورن ونوع الرسالة المراد إرسالها إلى المجتمعات الأخرى والتي تعبِّر عن قيم الكلدان؟
ذلك أنك عندما تختار مقاطعة الشركات المملوكة للمسلمين فـي ديربورن، فإنك تقاطع صاحب عمل فـي ديربورن قد يكون استأجر فندقاً بأكمله فـي فصل الشتاء القارس لإيواء المشردين من ديترويت. كما تقاطع أسواق الفاكهة وأصحاب المطاعم الذين يكونوا قد تبرعوا بالغذاء وبوقتهم للمساعدة فـي إطعام المشردين فـي ديترويت.
علينا إيقاف ربط جميع المسلمين بالمتطرفـين
هذا الصيف وخلال شهر رمضان كتب كلداني على «الفـيسبوك» خاطرة ينتقد فـيها أفراداً من الجالية الكلدانية بسبب إرسال تمنيات لأصدقائهم المسلمين بهذه المناسبة «رمضان مبارك وفطر سعيد»، لأنه «عيد إسلامي والمسيحيون يجري قتلهم تحت مسمى الإسلام».
هذا النوع من التجني الكلامي يطال المسلمين فـي جميع أنحاء العالم الذين يصومون شهر رمضان المبارك، بما فـي ذلك الطبيب المصري الذي أنقذ حياة أمي عندما أُصيبتْ بنوبة قلبية، يطال المسلمين الذين تبرعوا بالكثير من المال لمساعدة مسيحيي العراق، ويطال المسلمين الذين تطوعوا بوقتهم كل ليلة لإطعام المشردين خلال شهر رمضان من خلال فتح مطبخ الحساء، ويحرج شعور مجموعة الشباب المسلمين الذين قاموا طيلة شهر رمضان بجمع المعلبات والملابس والتبرعات لمنظمة «جيش الخلاص» (سالفـيشن آرمي) والتي، بالمناسبة، هي جزء من الكنيسة المسيحية العالمية.
نعم، خلال شهر رمضان المبارك، عملت مجموعة من الشباب المسلم على مساعدة منظمة دينية مسيحية!
فـي الأسبوع الماضي نشر كلداني آخر فـي «الفـيسبوك» كلاماً يقترح فـيه على المسلمين السنة أنْ «يغيروا دينهم إلى المسيحية والبوذية بسبب تصرفات بعض الإرهابيين الإسلاميين السنة». فاستاء عدد قليل من المسلمين السنة المحبَطين من هذا التجني وهبوا للدفاع عن دينهم ونأوا بأنفسهم عن سلوك المتطرفـين.
العرب والكلدان يواجهون تحديات مماثلة
على مدى عقود عديدة، لقي أصحاب المتاجر الصغيرة العرب والكلدان فـي ديترويت مصرعهم بجرائم إطلاق النار عليهم أثناء ممارستهم لأعمالهم التجارية العائلية الصغيرة وكأنَّ معمودية الدم جمعتهم فـي الموت. فقدنا عدداً من أبناء عمومتنا وأصدقاء وإخوة وأخوات وأمهات واباء جراء أعمال العنف التي لا معنى لها.
نحن الكلدان تحمَّلنا جرائم الكراهية لمجرد أننا نشبه العرب. الكلدان ليسوا عرباً. نحن السكان الأصليون فـي العراق ونتكلم ونكتب اللغة الآرامية، لغة السيِّد المسيح. والحقيقة الأنثروبولوجية هي أننا ما زلنا عراقيين.
إذا كان شخص ما يكره العرب والمسلمين ويريد التمييز ضدهم لا يمكنه بتاتاً أنْ يفرِّق بين المسلم العربي والمسيحي الكلداني خاصة بالنظر إلى شكلهما الخارجي.
قابلت مرة امرأة مسلمة أوقفها رجل فـي زحمة السير وهو يصوِّب إلى وجهها بندقية وأمرها أنْ تعود إلى بلادها. لن أنسى ما حييت صوتها المتهدِّج وهي تسرد لي تجربتها المرعِبَة. وهذا الصيف أُوقف شاب كلداني فـي حركة السير وأطلق عليه احدهم نعت «عبدالرِمال» ( ساند نيغر) كما أن امرأة ركلت سيارته ونهرته ليعود إلى بلاده. لم تكتفِ المرأة بذلك بل أكدت أنها سوف تأخذ بندقية وتطلق النار عليه وأنَّ الشرطة لن تمنعها أو تتعقبها.
والحقيقة هي أن الكلدان والعرب جميعهم يدفعون ثمناً باهظاً نتيجة أفعال المتطرفـين الذين يدمرون أوطانهم.
لا أستطيع أن أحصي عدد الدعاوى القضائية التي رفعها المسلمون، الناجمة عن التمييز ضدهم فـي أماكن عملهم، ولكن أتعس قصة غطيتها كانت تلك القضية المتعلقة بمازن باراش، وهو أميركي كلداني من «فارمنغتون هيلز». باراش هو ميكانيكي حافلات النقل العام «سمارت» من الذين واجهوا، ليس فقط التمييز بعد ١١ أيلول، بل تصاعداً فـي حدة العنصرية ضده بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام ٢٠٠٠٣ كما شهدت أماكن عباداتنا نحن الكلدان والمسلمين، على حد سواء، حقد التدمير والتخريب. ففـي عام ٢٠١٢ رش أحدهم بالدهان عبارة «انتم قتلى» على الجدار الخارجي لكنيسة القديس جورج الكلدانية الكاثوليكية. واضطرالكاهن فـي الكنيسة إلى أن يصرِّح أنَّ لا علاقة للجالية الكلدانية بالأحداث التي تحصل فـي الخارج. وكذلك فعل القادة الدينيون المسلمون أيضاً ردَّاً على التخريب المتعمَّد الذي طال أماكن عبادتهم. وقال البطريرك الكلداني لويس ساكو إنَّ الوضع فـي العراق ينذر بخطر محدق ليس فقط بالنسبة للمسيحيين، ولكن بالنسبة لجميع المجموعات العرقية هناك، بمن فـيهم المسلمين.
هل أصبح واضحاً أنَّ القواسم المشتركة تجمع العرب والكلدان أكثر من الأمور التي تفرقهم وأنَّ الخطر عليهم مشترك؟ وهل وضح أنَّ الدين يجمع ولا يفرق وأنَّ عليهم العمل معاً لمواجهة التحديات المشتركة بفعالية أكثر؟!
لماذا أنا متحمسة جداً فـي الدفاع عن المسلمين
لقد غطيت قصصاً مؤثرة عن التحديات التي تواجه المسلمين الأميركيين. وأنك عزيزي القارئ مهما حاولت لن تعرف كم هو منهك نضالهم إلا إذا كنت شاهداً عليه مباشرة وفـي كل يوم، كما أفعل. لقد تركت قضاياهم ومعاناتهم فـي نفسي شعوراً بالإحباط والغضب. ونعم، فـي بعض الأحيان، جعلتني أجهش بالبكاء. ذلك لأني أتذكر تلك المرأة المسلمة التي كتبت عنها مؤخراً والتي انتزعوها بعباءتها وطرحوها أرضاً أمام طفلها فدخلت المستشفى نتيجة لذلك.
وأنْ أنسى فلن أنسى أبدا ذاك الأب العربي الساكن فـي ديترويت الذي تعرض للضرب المبرح على أيدي جيرانه أمام أولاده فـي بيته. وكان لا يزال مشلولاً من الحادثة التي وقعت له قبل سنوات عندما قابلته.
من المؤلم مشاهدة الناس الطيبين يكافحون باستمرار لإثبات أنَّ لا علاقة لهم بالإرهابيين بل هم فقط مجرد مواطنين أميركيين.
لم يسكت المسلمون عن إدانة الإرهاب والدفاع عن عقيدتهم
قام المسلمون فـي ديربورن بالتظاهر فـي مناسباتٍ عديدة من أجل إدانة «الدولة الإسلامية»، ولكن لم تحصل كل هذه الاحتجاجات على ما تستحقه من اهتمام إعلامي، بما فـي ذلك المهرجان الذي غطيته فـي ديربورن والذي نظمه المسلمون لنصرة المسيحيين العراقيين وأقيم فـي النادي اللبناني الاميركي فـي ديربورن .
ويبدو أن العديد من الناس يظنون أنَّ المرة الأولى التي يصعِّد فـيها المسلمون احتجاجاتهم وينأوا بأنفسهم عن هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة، حصلَتْ فقط فـي تلك المسيرات، ولكن هذا ليس صحيحاً.
فلطالما غطيت أنشطة منطقة مترو ديترويت حيث كرر الزعماء الدينيون وأبناء الجالية العربية والإسلامية والمنظمات العربية والإسلامية والجماعات الطلابية المسلمة، إدانة الإرهاب والنأي بأنفسهم عن المتطرفـين. والسؤال هل كان من الممكن أن يحشد المسلمون أعداداً أكبر للدفاع عن دينهم ضد «داعش»؟ يمكن القول، نعم. فـي الوقت نفسه، يشعر كثير من المسلمين ان ليس من واجبهم تقديم اعتذارات عن أنشطةٍ لا علاقة لهم بها لا من قريب أو بعيد، أو عن أعمالٍ إرهابية شائنة لا يتغاضون عنها ولا يتساهلون فـيها لأنها ضد الدين الاسلامي وكل الأديان، بل ضد الانسانية جمعاء.
تحية للكلدان الذين وقفوا مع الوحدة بين المسلمين والمسيحيين
جاك سمعان، هو عضو فـي الطائفة الكلدانية، اعتاد أنْ يشارك فـي العديد من اجتماعات حوار الأديان والخدمات الدينية الأسبوعية فـي دار الحكمة الاسلامية فـي «ديربورن هايتس». عندما وافته المنية، ألقى الشيخ محمد علي إلهي، مرشد دار الحكمة الإسلامية، عظةً أمام الأسرة والأصدقاء فـي جنازة الناشط من أجل السلام. واستمرت عائلة سمعان تشارك فـي تجمع الأديان فـي دار الحكمة الإسلامية بعد وفاته وأعربت عن تقديرها الكبير لأعضاء الجالية المسلمة للدعم والتضامن الذي أظهرته فـي مصاب فقيدها.
وعندما توفـي البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي، كانت الخسارة جسيمة لجميع العراقيين المسيحيين والمسلمين. ذلك أنَّ البطرك بعد غزو العراق، كان قد حاول التواصل مع المسلمين وأتباع الأديان الأخرى لتعزيز الوحدة. وحضر الزعماء الدينيون المسلمون العراقيون فـي المنطقة قداس وجناز أقيم لراحة نفس البطرك دلي فـي الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية فـي «ساوثفـيلد».
فـي أغسطس (آب) الماضي، قام نحو ٢٠ شاباً كلدانياً بمسيرة من أجل الوحدة فـي ديترويت لجمع العراقيين من جميع الطوائف الدينية. وخلال المسيرة، قال أحد الكلدان إنَّ المتطرفـين المسلمين لا يمثلون المواقف والمشاعر الدينية للإسلام الصحيح وإن المتطرفـين قد «خطفوا أحد الأديان الإبراهيمية العظيمة».
وعندما توفـيت المحامية أشلي ممو فـي شهر تموز (يوليو) الماضي، كانت أيضاً خسارة لكلا الجاليتين الكلدانية والعربية. وكانت الفقيدة عضواً سابقاً فـي المجلس الوطني فـي ميشيغن للجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز «أي دي سي» وعملت عن كثب مع جمعية «سيدات المعونات» الكلدانية الأميركية. وقال لِي أحد أصدقائها المقرَّبين من الذين قابلتهم «إن اجمل ما فـيها كان أنها لم ترَ فرقاً بين الكلدان والعرب ولم تفرِّق بين دياناتهم».
كذلك نظم رئيس «مؤتمر المسيحيين فـي الشرق الأوسط» الأميركي أيضاً إجتماعات لحوار الأديان شملت المسلمين.
وختاماً أتذكر مقابلة مع زعيم بارز فـي الجالية الكلدانية حول تبوء الأميركيين العرب مناصب هامة فـي القيادة والسياسة، وقال لي «إن مفتاح أي جالية للتقدم والتطور هو خلق جسور مع المجتمعات والجاليات الأخرى من كل المشارب والانتماءات».
أكبر تجمع للكلدان فـي البلاد لا يستطيع أن ينأى بنفسه ويبتعد عن أكبر تجمع للسكان المسلمين فـي البلاد لنفس السبب المذكور أعلاه: مد الجسور هو أفضل بكثير من قطعها، وهي مفـيدة للطرفـين.
لأجل كل ذلك أنا أقف ضد الكراهية، وهذا أضعف الإيمان وأقل الواجب؟
يمكنكم الاتصال بناتاشا دادو عن طريق البريد الإلكتروني Natasha@arabamericanews.com
Leave a Reply