بقلم: فوزي محي الدين
حدثت قصة جميل وبثينة في القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية. وكان جميل شابا ينتمي إلى قبيلة بني عذرة والتي اشتهرت بالتقاليد الشعرية للحب العذري. وكانت بثينة فتاة يافعة وجميلة تعيش بالحجار في نفس المنطقة.
كان جميل يرعى جِمالَ أَهله في المرعى وكانت بثينة تفعل الشيء ذاته. لقد رأى جميل بثينة في المرج ونبض قلبه في حبها من النظرة الأولى. وفي أحد الأيام، وبينما كانت جِمال جميل تشرب الماء من عين قريبة، جاءت بثينة بجِمال أهلها إلى نفس العين لكي تشرب الماء مما جعل جمالَه تجفل وتترك شرب الماء. وهذا جعل جميل يتعصب وشتمها بكلمات نابية. إلا أَن بثينة لم تسكت على هذه الإهانة وأجابته بكلمات أسوأ مما قالها بحقها. غير أن جميل لم يزعل وسامحها وأُعجب بها بانشداد متزايد. وكان لقاءهما على عين الماء باعثاً للقاءات أخرى دأب عليها الحبيبان سراً.
أحب جميل بثينة، وأخذ حبه هذا يكبر أكثر فأكثر، وكانت هي تبادله الشعور نفسه.
وجد جميل في نفسه الشجاعة ليطلب يدها من والدها للزواج. رفض الأب طلب جميل معتقداً أنه من غير المناسب أن تتزوج ابنته شخصاً تحبه لأن مثل هذا الزواج سوف لا يسبب إلا فضيحة خصوصاً وأن الجميع يعلم بهذا الحب. وعوضاً عن الموافقة على خطبتها من جميل تمت خطبتها إلى شاب آخر من نفس القبيلة يدعى نبيه الأسود العذري.
زواج بثينة من نبيه أحزن جميلاً وبثينة جداً إلا أن ذلك لم يغير حبهما لبعضهما واستمرت لقاءاتهما السرية من وقت لآخر. وفي أحد الأيام علم نبيه زوج بثينة بهذه اللقاءات وقام بإخبار عائلتها، فقررت العائلة تحذير جميل من أن هذا السلوك قد يكلفه حياته. فهرب جميل تاركا قبيلته إلى اليمن حيث كان يعيش أخواله. مكث هناك فترة طويلة لكنه لم ينسَ يوماً حبيبته بثينة. كانت صورتها لا تفارق مخيلته.
هذا الحنين جعله يشتاق لرؤيتها مرة أخرى لذلك قرر العودة إلى حيث كانت تسكن قبيلتها. وعندما وصل إلى المكان المنشود لم يجد القبيلة هناك. وسمع من بعض الناس أن قبيلتها سافرت إلى بلاد الشام (سوريا) فقرر جميل اللحاق بها.
وفي الطريق إلى الشام، التقى جميل ببعض المسافرين ممن كانوا يعرفون عائلة بثينة فأخبروه بأنها تمرضت من شدة فراقها له وفارقت الحياة. فكان وقع هذا الخبر شديداً على جميل مما جعله يمتنع عن الأكل والشرب فترة طويلة تسببت بمرضه حتى فارق الحياة على أمل أن يراها في العالم الآخر.
Leave a Reply