هاجرت من وطنها إلى أميركا وبداخلها رغبة شديدة في أن تكون واحدة من نساء الطبقة المخملية ذوات الخمس نجوم في رهافة العيش والرقي في التصرف.
كانت مصابة بعقدة النقص وهي ترى سيدات تلك الطبقة يرفلن في دنيا الثراء والبذخ، من دون حساب أو تقتير.
وصلت أميركا تحمل “فيزا دراسية”، فكرت في طريقة تختصر عبرها الطريق لتحقيق رغبتها الملحة في أن تكون واحدة من مترفي الطبقات الراقية. قررت أن تكون عارضة أزياء. ساعدها جمالها وقوامها الرشيق في أن تنال المال والشهرة والاهتمام.
جمعت من المال الكثير واشتهرت. تركت مقاعد الدراسة في الجامعة التي كانت هدفها الأول للوصول والهجرة. انسلت من المجتمع الذي كانت تنتمي إليه وتعيش فيه. بالأحرى تنكرت للأهل والأصدقاء وراحت تحشر نفسها في عالم آخر كان مثيرا وحلما لها.
أطلّ من نفس الطبقة التي حلمت بالانتماء لها، طبقة الثراء والأحلام الارستقراطية الجذابة، عالم السهرات والحفلات والبذخ. اعتقدت أن الحب يزيل الفوارق والعوائق ويساوي بين الطبقات الاجتماعية وبالتالي بين القلوب، خصوصا هنا في أميركا حيث الدولار هو المقياس.
انبهر هو بجمالها وقوامها حتى أيقنت أنها امتلكت المفتاح الأخير للدخول إلى ذلك المجتمع الأثير وأنها بزواجها منه وشهرتها وجمالها ستغير مسار حياتها وتصبح واحدة من السيدات اللواتي تنشر الصحف والمجلات صورهن وأخبارهن.
انكسر كبرياؤها وانتحر أملها في قلبها النابض بالحب، وانبثق فيه جرح ينزف حقدا ونقمة على الرجال كلهم عندما تفاجأت بخبر زواجه منشورا في الصحف المحلية. انتبهت أنه تركها وتزوج من سيدة أخرى تضاهيه في النسب العائلي والطبقي دون حتى أن يخبرها.
كانت بداخلها تشعر بتفوقها على النساء وهي تسمع كلمات الإعجاب بقوامها واتقانها في عرض الأزياء. تلك العبارات كانت تمدها بالحيوية والزهو لتبدو متألقة ومتوهجة. للأسف تلك الكلمات لم تقوّ لديها روح المرأة الجميلة القوية لتعطي بدل أن تأخذ. وماذا لديها لتعطي وهلع السؤال لا يترك لها فرصة للتفكير: لماذا الحب يمضي وتنطفئ المشاعر كما ينطفئ البرق؟ وهذا المال الذي جنت منه الكثير لماذا لم يحقق كل ما تشتهيه نفسها ويهواه فؤادها؟
لقد أعرضت عن قناعاتها وعارضت واقعها. تخلت عن مجتمعها البسيط الدافئ. حققت أحلام الثراء لكنها فقدت أهلها وأصدقاءها وخرجت من المجتمع المخملي برتبة القرف منه بعدما تخلى عنها الرجل الذي أحبته وخذلها عند الخطوة الأخيرة لها للدخول والتربع فوق عرش الجاه والحياة الأرستقراطية الباهرة. لقد أدركت بعد فوات الأوان أن مقابل كل شيء غال تحصل عليه يكون هناك شيء عزيز تفقده.
Leave a Reply