ماكومب
في قضية تدقّ ناقوس الخطر بشدة، حول المخاطر المحدقة التي تحيق بالمراهقين على الإنترنت، يواجه شاب عربي أميركي يبلغ من العمر 18 عاماً، اتهامات فدرالية خطيرة، لتورطه بنشر مواد إباحية للأطفال وفيديوهات تعذيب صادمة للحيوانات، في سياق نشاطه ضمن مجموعة سرية متطرفة تهدف إلى تدمير المجتمعات ونشر الفوضى.
وبحسب ملف القضية، بدأ المتهم جوليان رائد زهرة، وهو من سكان مقاطعة ماكومب (شمال ديترويت)، ارتباطه بشبكة «764» السرية، عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، وقد تأثر على مدى السنوات التالية بأفكار التنظيم المتطرف ثم بادر إلى ترويجها عبر تعريض مستخدمي منصة «ديسكورد» للتواصل الاجتماعي لفيديوهات وصور صادمة لأطفال وحيوانات يتعرضون للتعذيب والاغتصاب بهدف إفساد المجتمع وتحريض الناس على إيذاء أنفسهم والآخرين، وفقاً للمحققين.
وبدأ التحقيق بشأن زهرة بعدما تلقت الوكالة الوطنية للأطفال المفقودين والمعرضين للخطر، بلاغاً في 3 كانون الثاني (يناير) 2025، يشير إلى أن أحد مستخدمي منصة «ديسكورد» قام برفع محتوى إباحي للأطفال، تلاه بلاغ آخر في اليوم التالي حول نشاط مشابه لمستخدم آخر. وسرعان ما تبيّن لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) أن الحسابين استخدما عنوان الإنترنت نفسه، مما دفع المحققين إلى استصدار مذكرة تفتيش للمنزل المشتبه به في بلدة ماكومب يوم 11 نيسان (أبريل) المنصرم، حيث تم توقيف زهرة ومصادرة هاتفة وأجهزة إلكترونية أخرى.
وبعد فحص الهاتف اتضح للمحققين أن المشتبه به لديه 13 بريداً إلكترونياً وحسابات متعددة على منصة «ديسكورد» التي كان يستخدمها لنشر المحتوى المحظور عبر خادم (سيرفر) كان يديره.
ووجد المحققون عشرات الفيديوهات التي تُظهر تعذيباً وحشياً للحيوانات، بما في ذلك، كلاب وقطط وسلاحف وغزلان وجرذان وثعابين وضفادع وغيرها، فضلاً عن صور إباحية للأطفال، قام زهرة بنشرها عبر مجموعات ومحادثات مباشرة على منصة «ديسكورد»، من خلال مشاهد سريعة بهدف تعريض أكبر عدد ممكن من المستخدمين لها.
كما أظهرت سجلات البحث الخاصة بزهرة عبر الإنترنت، العديد من الاستفسارات المريبة التي زادت من قلق السلطات، مثل البحث عن حوادث إطلاق النار الجماعي وكيفية شراء الأسلحة في ميشيغن، وهو ما دفع الادعاء العام الفدرالي إلى إصدار أمر اعتقال بحق زهرة واتهامه أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت، يوم 13 حزيران (يونيو) الجاري، وذلك حتى قبل الاطلاع على كامل محتويات الحسابات التي كان يستخدمها المتهم.
وفي جلسة أولية، أجريت في 18 الجاري، واجه ممثل الادعاء العام الفدرالي في محكمة ديترويت، صعوبة بالغة في عرض أدلة القضية بسبب فظاعتها، مما اضطره إلى أخذ استراحة للحفاظ على رباطة جأشه قبل مواصلة حديثه.
ويواجه زهرة تهماً فدرالية تشمل توزيع المحتوى الإباحي للأطفال وفيديوهات تعذيب الحيوانات، ومن المقرر أن يمثل مجدداً أمام القضاء يوم الاثنين 30 يونيو الجاري.
الشبكة «764»
خلال التحقيق معه، اعترف زهرة باستخدام منصة «ديسكورد» لنشر أفكار شبكة «764»، التي يصفها «أف بي آي» بأنها مجموعة متطرفة عنيفة تتبنى عبادة الشيطان والفلسفة العدمية Nihilism وتضم أشخاصاً غالباً ما يتورطون بارتكاب جرائم داخل الولايات المتحدة، ويتفاعلون مع متطرفين آخرين في مجموعات «عدمية» أخرى.
والعدمية هي فلسفة ترفض القيم والمعتقدات التقليدية، وتشكك في وجود معنى أو هدف للحياة. ويرى أصحاب هذا المذهب أن الوجود عبثيٌ، ولا توجد حقائق مطلقة أو مبادئ أخلاقية ثابتة.
وفي جلسة 18 يونيو الجاري، أفاد الادعاء العام الفدرالي بأن السؤال الوحيد الذي طرحه زهرة على ضباط «أف بي آي» عند اعتقاله، كان: «هل تم اعتقال أي شخص آخر من المجموعة؟».
وبحسب الادعاء، أقرّ زهرة خلال التحقيق، بتأثره بشبكة «764» منذ أن كان عمره 14 عاماً، وتبين أنه عمد إلى خدمة المنظمة من خلال عمله كمدير لأحد خوادم «ديسكورد» منذ عام 2023، حيث قام بنشر الصور ومقاطع الفيديو الصادمة عبر الخادم المسؤول عنه، باستخدام حسابات وهمية بغرض نشر أفكار المجموعة، التي ترمي إلى إثارة الاضطرابات الاجتماعية وانهيار النظام العالمي الحالي، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة.
وبحسب وكالة «أف بي آي»، يعمل أعضاء «764» معاً لتحقيق هدف مشترك يتمثل في تدمير المجتمع المتحضر من خلال «إفساد واستغلال المستضعفين، بمن فيهم القاصرون».
وأخبر زهرة المحققين بأن هدف المجموعة هو تحريض الفتيات الصغيرات على إيذاء أنفسهن، وتشجيع الناس على قتل حيواناتهم الأليفة واعتماد الاغتصاب كوسيلة للسيطرة على شخص ما.
وضمن اعترافاته، قال زهرة إنه بدأ في عام 2024 بنشر صور إباحية لأطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، مستدركاً بأنه لم يشعر بالانجذاب نحوها، وكان يقلل من نشرها لأنها لم تكن تثيره بقدر مشاهدة تعذيب الحيوانات. وأوضح قائلاً: «لقد شاهدتُ مواد إباحية للأطفال ولم أشعر بالانجذاب نحوها، لذا فأنا لستُ متحرّشاً بالأطفال.. وأعتقد أنه من القانوني بالنسبة لي إجراء هذا الاختبار بما أنني كنت قاصراً… ولكنني أشعر بمتعة أكبر في ركل الكلاب».
ورغم ذلك أبدى زهرة للمحققين نوعاً من الندم بإقراره بأنه «قال وفعل أشياء فظيعة لا يفخر بها».
وجادل محامي الدفاع عن زهرة بأن موكله يعاني من مشاكل صحية نفسية تم تشخيصها حديثاً، وأنه أُدخل مؤخراً إلى منشأة صحة عقلية لمدة 15 يوماً. ورداً على ذلك، استغرب الادعاء عدم ظهور هذه المشاكل النفسية إلا بعد اعتقال زهرة.
وقررت المحكمة إبقاء المتهم قيد الاحتجاز من دون كفالة، بوصفه مصدر خطر على نفسه وعائلته والمجتمع. وقال القاضي إن زهرة لم يكن ضحية لشبكة 764 فحسب وإنماً عضواً فاعلاً فيها أيضاً.
Leave a Reply