ديربورن – خاص “صدى الوطن”
تثني شرطة ديربورن على صاحب إحدى الحانات على شارع فورد في مدينة ديترويت في النجاح في إحباط محاولة تفجير في حرم “المركز الإسلامي في أميركا”، الواقع على مقربة من الحانة والقبض على صاحبها، وهو محارب قديم يدعى روجر ستوكهام.
فقد قام صاحب حانة (بار) “جاي أس فيلد” بإبلاغ شرطة مدينة ديربورن عن فحوى كلام جاهر به ستوكهام داخل الحانة وأبلغه ما مفاده أن انفجارا سيستهدف مسجدا في المنطقة.
فقد أبلغ جو نحاس، صاحب الحانة، شرطة ديربورن في اتصال أجراه إثر سماعه من الزبون الذي حضر الى الحانة أن الرجل ينوي إيذاء أشخاص أبرياء. وقال نحاس إنه شعر بالارتياح عندما قامت الشرطة بإيقاف الرجل في اللحظة المناسبة.
وأفاد نحاس إنه توجه الى روجر ستوكهام بعدما أبلغه موظفو الحانة بأنه ينوي الإقدام على “عمل غريب”.
وأفاد زبائن في الحانة أن الرجل كان يحمل معه جهاز كمبيوتر مفتوحا على صفحة أخبار عربية، إضافة الى حقيبة.
وقال نحاس: “عندما يكون أحدهم يمزح فإنك تعرف أنه يمزح، لكن ذلك الرجل لم يكن يمزح. لقد أخافنا وهو يردد: سأجعل هذا المكان (المسجد) مشهورا”.
وتابع نحاس: لقد حاولت التحدث معه وقلت له: اذا كانت لديك مشاكل مع الحكومة، فالعديد من الناس لديهم هذه المشاكل، لكنهم لا يذهبون لقتل أناس أبرياء.
وأضاف نحاس ان الرجل أبلغه أنه سوف يقوم بـ”صناعة التاريخ” في ذلك اليوم، وإن انفجارا كبيرا سيحدث هذه الليلة ، مشيرا إلى المسجد ومكررا الإشارة إليه مرات عديدة. ويتابع نحاس إنه تأكد بأن الرجل يعني ما يقول وهو يردد أمامه “لدي لحظة سحرية، لحظة تاريخية، وسأكون جزءا من صناعة التاريخ”.
ووصف نحاس (53 سنة) الرجل بأنه يبدو ذكيا وجديا ومتهللا وكان يحاول الاحتفاء بما سيقوم به.
وبعد مضي 20 دقيقة على محادثته مع الرجل، قام نحاس بالاتصال برقم الطوارئ “911” فيما كان ستوكهام لايزال داخل الحانة.
ويضيف نحاس أن الرجل عندما أدرك أنني سأحاول منعه، اندفع مغادرا الحانة. وقال إنه قام باللحاق به إلى موقف السيارات لمعرفة وجهته. ومن ثم أبلغ نحاس الشرطة أن الرجل ينوي استهداف “المركز الاسلامي في أميركا” القريب من الحانة، حيث جرى لاحقا توقيف ستوكهام (24 كانون الثاني الماضي).
ومثل نحاس، الجمعة الماضي، أمام المحكمة التاسعة عشرة في المدينة.
وأفادت الشرطة أن ستوكهام كان يرتدي قناعا أسود على وجهه عندما جرى توقيفه ويقود سيارة محملة بالمفرقعات النارية شديدة الانفجار.
وعلم أن ستوكهام كان يقوم بالتقاط صور للمركز الإسلامي قبل اعتقاله وتوجيه اتهام إليه بالتهديد بالقيام بعمل إرهابي واتهام آخر بحيازة متفجرات لاستعمالها بصور غير قانونية.
ويحتجز ستوكهام حاليا في أحد سجون مقاطعة وين في ديترويت بعد وضع كفالة نقدية للافراج عنه تبلغ 500 ألف دولار،علما بأن الرجل له أسبقيات مع القانون.
وتشير وثائق لدى المحكمة التاسعة عشرة في مدينة ديربورن أن ستوكهام يمتلك سجلا إجراميا متكررا.
ففي شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 1979 تمت إدانته بما تصفه الوثائق بـ”سرقة طفل” ومحاولة إحداث ضرر بمبنى.
وتفيد سجلات المحكمة الاقليمية الأميركية في ولاية فيرمونت أن ستوكهام دفع بإعلان براءته أمامها تحت ذريعة الحالة العقلية غير السوية، في مواجهة ثماني تهم بالتهديد في بدايات الألفية الثالثة، عندما كان جورج دبليو بوش رئيسا، ومن بين التهم تهديدات بريدية وتهديد الرئيس بواسطة الهاتف.
ويفيد تقرير مقدم الى وثائق محكمة فيرمونت وجرى تحضيره من قبل المكتب الفدرالي للسجون أن ستوكهام الذي كتب بأنه من المحاربين القدامى في الحرب الفيتنامية يعاني من مرض “الاضطراب الثنائي القطب”.
وافادت شرطة ديربورن أن ستوكهام قاد سيارته من ولاية كاليفورنيا، حيث يقطن الى مدينة ديربورن وحمّل سيارته بالمفرقعات الشديدة الانفجار.
وأعلن رئيس بلدية مدينة ديربورن جاك أورايلي أن ذلك المستوى من المفرقعات إذا أسيىء استخدامها فهي تشكل أسلحة رهيبة.
ووصف قائد شرطة ديربورن رونالد حداد الشخص المشتبه به بالرجل الخطير. أضاف: لقد اخذنا تهديداته على محمل الخطورة الكبيرة وهو معروف بسوابقه الإجرامية لدى سلطات تطبيق القانون في أجزاء أخرى من البلاد. وأوضح حداد أن ستوكهام لديه تاريخ طويل من الغضب على الحكومة الأميركية، وبدا أنه يعمل منفردا.
وقام شخص يحمل الاسم نفسه ومن البلدة نفسها، “أمبريال بيتش” بالقرب من سان دييغو، بنشر نبذة شخصية على موقع المحاربين القدامى في أمبريال بيتش، جاء فيه إنه أمضى سبع سنوات في الجيش بعدما التحق به في العام 1965 وبأنه قاد طائرات مروحية في خلال حرب فيتنام في العام 1986.
وجدير بالذكر أن “المركز الإسلامي في أميركا”، الواقع على شارع فورد في مدينة ديربورن، كان يحتضن مراسم جنازة تأبين الأحد الماضي لأحد أبناء الجالية وحشدا يقدر بـ 700 شخصاً في الداخل، خلال توقيف الجاني في موقف السيارات، لكن المشتبه به لم يكن يدري بذلك على الأرجح، وفق ما يقول قائد شرطة المدينة رونالد حداد، الذي أضاف أن الرجل اختار مدينة ديربورن كمحطة توقف لتنفيذ عمله الإجرامي كون المدينة موطنا لجالية عربية ومسلمة كبيرة.
وقال المدير التنفيذي في المركز الاسلامي قاسم علي إنه يريد أن يشكر الشخص الذي قام بإبلاغ الشرطة بنوايا الرجل العدوانية. وختم علي قائلا: “إننا مدينون لهذا الشخص (جو نحاس) بفضل كبير”.
وكان إمام المركز الإسلامي السيد القزويني، قد وجه في اتصال أجرته معه “صدى الوطن” رسالة إلى أبناء الجالية يدعوهم فيها إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم التردد بإبلاغ السلطات الأمنية عن أي حركة مشبوهة في حال ملاحظتهم لأي تصرف مريب ومثير للشكوك مشددا على عدم التساهل إزاء مثل هذه التصرفات، خاصة في ظل انتشار موجة العداء للإسلام والمسلمين في البلاد.
وكان القزويني قد توجه بالشكر، خلال صلاة الجمعة، إلى مركز شرطة ديربورن، وإلى صاحب البار جو نحاس. واستغرب الصمت والتكتم الإعلامي حول مثل تلك الحوادث، وقال “إننا نسمع دائماً عن الإرهاب، وعن مسلمين إرهابيين يهاجمون أناساً أبرياء، ولكنهم يتعامون عن إرهابهم، فمنذ أسبوعين، حدث هجوم وإطلاق نار، في أيرزونا، ذهب ضحيته 12 شخصاً بريئاً، ولكن وسائل الإعلام، ويا للأسف، لم تصف الشخص المهاجم بالإرهابي، بل قالوا عنه إنه مجنون، وإنه يخضع لعلاج طبي كونه يعاني من اضطربات نفسية”.
وأضاف مستغربا مثل تلك الاداعاءات “لقد قرأت البارحة مقالة في صحيفة “نيويورك تايمز”، تقول إن المهاجم كان يبحث ويجمع المعلومات عن تاريخ “الهجومات” في الولايات المتحدة، ما يعني أن ذلك الشخص كان يحضر لذلك الهجوم”.
ونوّه القزويني “إلى أن شخصاً مجنوناً لا يستطيع القيام بالبحث وجمع المعلومات”.
ردود فعل
وصدرت ردود فعل عديدة من أوساط الجالية العربية والمسلمة في منطقة ديترويت عبرت عن سرور أصحابها بإجهاض محاولة التفجير في المركز الاسلامي بسبب نباهة وسرعة تصرف صاحب الحانة المجاورة.
وفي الوقت ذاته سادت أجواء من القلق من أن الدعاية السلبية التي تتناول مدينة ديربورن في وسائل الاعلام الأميركية قد ازدادت في السنة الأخيرة.
فقد أقدم سياسيون وصحف ومجموعات على مهاجمة المدينة بصورة خاطئة. ويشكل المواطنون من أصل عربي أكثر من 35 بالمئة من سكان مدينة ديربورن مما يجعلها أكبر تجمع للمهاجرين العرب الأميركيين في الولايات المتحدة.
وقال داوود وليد، مدير فرع ميشيغن في “مجلس العلاقات الأميركية-الإسلامية” (كير) إن الخطاب في أميركا ساخن جدا في هذا الوقت، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمسلمين. ويضيف إنني أؤمن بقوة أن هذا الخطاب المتوتر هو ما دفع الرجل (المعتدي) إلى الحافة وعندما يوجد أناس لا يتمتعون بالاستقرار النفسي والعقلي ويرون ويسمعون أن شريحة معينة من السكان تتعرض لحملات عدائية باستمرار، فإن من شأن هذا دفع أشخاص مثل ستوكهام الى الحافة ومحاولة ارتكاب اعتداءات من النوع الذي كان ينوي تنفيذه ضد المركز الإسلامي في أميركا.
Leave a Reply