خليل إسماعيل رمَّال
عُثِر على أفعى فـي مدينة طرابلس اللبنانية بالقرب من الملعب الأولمبي تُعرف «بالحية الشهيرة»، فقام عناصر الجيش بقتلها دهساً، وبحسب إفادة البيطريين يُقدَّر عمرالأفعى حوالي ثلاثة آلاف سنة. عندما قرأت هذا الخبر تساءلت فوراً عن وجود الأفاعي البشرية الأخرى فـي لبنان المعششة فـي حياته السياسية ونظامه الهش ودولته الفاسدة.
أول تلك الأفاعي العنصرية الطائفـية التي تبث سمومها فـي كل مناسبة، هي «الحية» الإعلامية مي شدياق التي وقعت فـي فخ شدقها الموتور عندما غردت بعد الجريمة الوحشيَّة التي ارتكبها المجرم طارق يتيم بحق المرحوم جورج الريف فـي وضح النهار وعلى مرأى من الكاميرا وعيون جميع اللبنانيين الذين هزَّتهم هذه المجزرة البشرية من الأعماق، لكنها لم ترف جفون المارة والمتفرجين الذين كانوا كأنهم يحضرون مباراة لكرة القدم فـي بلدٍ انعدام الإحساس وتبلُّد المشاعر. لقد يتَّمت هذه الجناية، الإنسانية لهولها وفظاعتها وراءها الجميع، كما أنها جريمة موصوفة من دون خلفـيات طائفـية أو مناطقية إلا شدياق المتشدِّقة بسبب خبثها مما جعلها تتسرَّع وتظن أنَّ القاتل هو مسلم تجرَّأ على قتل مسيحي فـي عقر دار «المجتمع المسيحي» فـي الأشرفـية ليتبين فـيما بعد أنَّ الجاني، صاحب السوابق الإجرامية وربيب العدالة اللبنانية، هو من المسيحيين المرافقين لأنطوان الصحناوي، رجل الأعمال المصرفـي المنضم إلى جماعة «١٤ آذار». أي أنَّ الصحناوي الذي يأكل يتيم من صحنه ويضرب بسيفه هو من طبقة وحوش المال التي منعت وتمنع تحقيق المطالَب المحِقَّة للعمال والموظفـين وهو الذي لفلف جرائم يتيم السابقة لدى القضاء اللبناني «النزيه». ولو استخدم هذا القضاء ضميره ومبادءه لكان جورج الريف مازال أباً لأولاده الأربعة اليوم.
لكن للأسف المواقف المعادية الشوفـينية الفتنوية لشدياق هي ليست بنت ساعتها، ومع هذا عندما زارت منطقة ديترويت قبل سنوات دُبِّجَتْ فـيها القصائد والمدائح ورُفِعَتْ على الأكف وهي حتى فـي منطقة الكثافة العربية اللبنانية الجنوبية لم تُخْفِ زعاف حقدها وعنجهيتها وانحيازها ضد المقاومة وأهلها فـي برنامجها التلفزيوني الأبتر وهي سائرة على خطى معلمها الإعلامي مارسيل غانم!
لكن ليست شدياق لوحدها، فهناك ثعابين متشدقين مخضرمين آخرين فـي طرابلس مثل خالد الضاهر وسالم الرافعي وكبَّارة والجراح والأحدب وفتفت وريفـي وعلى رأسهم كبيرهم الذي علمهم السحر المتهم باللصوصية فؤاد السنيورة، وهناك ثعابين السياسة اللبنانية العوجاء من وليد جنبلاط إلى من لف لفه. لكن جنبلاط، كما قيل لنا، ممتعض من الإستقبال الحافل لآل سعود الذي أحاطوا به سمير جعجع رغم ان لا شيء لديه ليقدمه بينما جنبلاط زحف على ظهره وبطنه وجنبه لاسترضاء النظام السعودي ولم يحصل إلاَّ على مكرمة لقاء سعد الحريري فـي الرياض.
ووعد جعجع أسياده فـي الرياض بالإبتعاد عن الخلاف بين عون وسلام. جعجع طبعاً لم يخجل من فضيحة «سعود ويكيليكس» حول طلبه الإذن من السعودية لعمل أي شيء ولا من الأموال والدعم منها ولم يحمل هم فضيحة تعامله مع عميل إسرائيلي حسب «ويكيليكس- إسرائيل» التي لم يكذبها العدو فمسخ الوطن لا عقاب فـيه والكل سواسية كأسنان المشط وبيوتهم من زجاج. ولم يخجل ويهتم؟ فكل شيء طبيعي فـي مسخ الوطن غير الطبيعي الذي لا تهزُّه الفضائح ولا الفساد ولا الشواذات.
فـي كل بلدان العالم «الطبيعي» تحدث ثورات بعد وقوع أهوال مثل إنتحار مواطن فـي برج البراجنة حرقاً أو جريمة طعن جورج الريف، أو كشف فضائح خيانة وفساد وإفساد، إلا فـي نتشة الوطن حيث الدولة العاجزة لا تعرف أنْ تحْكُم من دون دولة خارجية وصية عليها منذ الإستقلال المزعوم وحتى اليوم. حتى نفاياتها لا تعرف كيف تصرفها!!! لقد كانت أمام هذا النظام المشَوَّه خُلُقياً فرصة ذهبية لأنْ يجتث جذور التدخلات الخارجية و«يلبنِن» كل استحقاقاته فـي عام ٢٠٠٥، بعد انسحاب القوات السورية من لبنان وحصول نوع من الوحدة حول اغتيال الرئيس رفـيق الحريري. لكن الذي حصل أنَّ قرطة حنيكر من ثوار بولتون وفـيلتمان حرفوا الدفة وأوقعوا البلد فـي وصاية أشد مضاضة وتخلفاً. على الأقل أيام السوريين كان هناك هيكل دولة ولو ان المخالفات التي وقعت كان سببها المنشق الخائن لبلده عبد الحليم خدام وزلمه فـي لبنان من «العناترة» الجدد من السياسيين فـي «١٤ عبيد زغار» المدعين أنهم كانوا مغلوبين على أمرهم أيام السوريين! أما اليوم فلا دولة ولا مؤسسات ولا خدمات وما أزمة النفايات إلاَّ تعبيراً عن أزمة النظام المتخلف منذ القِدْم، الذي حوَّل البلد إلى مكب لكل أنواع الأوساخ والقمامة الفكرية والسياسية والزبالة المحلية والدولية. ومن أفضل ماقيل حول مشكلة النفايات أنَّ الزبال فـي لبنان الذي غاب أسبوعاً تبيَّن أنه أفضل من رئيس الجمهورية الذي يكاد غيابه يصل إلى عامين.
هذه ليست زبالة فـي طرقات وشوارع بيروت والضواحي، هذه زبالتنا التي انتخبناها وسمحنا لها بالتمديد فرُدَّتْ الينا.
Leave a Reply