دمشق – بعد سنوات من برودة في العلاقات بين البلدين جاءت قمة الأسد-عبدالله في دمشق الأسبوع الماضي لتعيد الروح الى العمل العربي المشترك، فقد حرصت كل من دمشق والرياض على التأكيد أن صفحة معقدة من العلاقات السورية السعودية قد طويت بالكامل بين البلدين، وفتح الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشار الاسد صفحة جديدة، كان عنوانها تبادلهما الاوسمة الارفع في بلديهما تقديرا لدور كل منهما في خدمة القضايا العربية والعلاقات الثنائية بين البلدين.
كما كان لافتا الحرص السعودي على محو آثار مرحلة موجعة في العلاقة مع سوريا، حيث اصطحب الملك معه وفدا حكوميا موسعا ورؤساء تحرير 18 وسيلة إعلام سعودية خاصة وحكومية، صافحوا جميعا الأسد خلال مراسم الاستقبال الرسمي الذي أقيم على شرف الملك السعودي، الذي وصل الى دمشق الأربعاء الماضي للمرة الأولى منذ توليه العرش في العام 2005.
وحسب مصادر رسمية سورية، أكد الزعيمان في جلستي محادثات موسعة وثنائية عقدتا فور وصول الملك السعودي حرصهما على فتح آفاق جديدة للتعاون تخدم الشعبين وتساهم في مواجهة التحديات التي تعترض سبيل العرب، وضرورة تضافر الجهود لرفع الحصار المفروض على الفلسطينيين ووقف الاستيطان، واتخاذ الخطوات التي تصون الحقوق العربية المشروعة وتلاحق ما يرتكب بحقها من إجرام يخرق كل المواثيق والأعراف الدولية. وشددا على متابعة الجهود لتعزيز العمل العربي المشترك خدمة لمصالح الأمة العربية وقضاياها المحقة، واعتبرا أن ارتقاء العلاقات الثنائية سينعكس إيجابا على القضايا التي تهم العرب جميعا.
وقلد الأسد الملك السعودي وسام “أمية ذا الوشاح الأكبر” وهو أعلى وأرفع وسام وطني في سوريا. كما قلد الملك عبد الله الرئيس السوري “قلادة الملك عبد العزيز”، وهي أعلى وأرفع وسام في السعودية. ووقع الجانبان، بحضور الأسد والملك السعودي، على اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي على الدخل ورأس المال بين البلدين الشقيقين.
وتناولت المحادثات الموسعة والثنائية بين الجانبين “علاقات الأخوة والروابط التاريخية التي تجمع سوريا والمملكة، وسبل توطيد التعاون بينهما في جميع المجالات”، حيث أكد الأسد وعبد الله “حرصهما على دفع هذه العلاقات قدما من خلال البناء على ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية، وإزالة جميع العوائق التي تعرقل مسيرة تطور هذه العلاقات، وفتح آفاق جديدة للتعاون تخدم الشعبين الشقيقين ومصالح البلدين المشتركة وتساهم في مواجهة التحديات التي تعترض سبيل العرب جميعا في بلدان عربية عديدة وخاصة في فلسطين المحتلة والقدس الشريف”.
ودعا الجانبان إلى “ضرورة تضافر جميع الجهود العربية والإسلامية والدولية لرفع الحصار اللاإنساني المفروض على الفلسطينيين ووقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، ووضع حد لتمادي قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر على حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والتي كان آخرها محاولة اقتحام المسجد الأقصى”. وأكدا “ضرورة اتخاذ الخطوات التي تصون الحقوق العربية المشروعة وتلاحق ما يرتكب بحقها من إجرام ويخرق كل المواثيق والأعراف الدولية”.
وشدد الجانبان خلال المباحثات “على أهمية تطوير العلاقات العربية-العربية ومتابعة الجهود المبذولة في سبيل تعزيز العمل العربي المشترك خدمة لمصالح الأمة العربية وقضاياها المحقة، خاصة أن جميع دول العالم تسعى إلى تكتلات إقليمية تعطي لموقعها وزنا على الساحة الدولية بينما ما زال العرب يعانون من فرقة وانقسام في المواقف، الأمر الذي يضعفهم جميعا”.
وأكد الأسد والملك عبد الله “حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين، وعلى جميع التسويات في القضايا والملفات التي تهم الشعبين الشقيقين، ولاسيما أن ارتقاء العلاقات السورية السعودية سينعكس إيجابا على مختلف القضايا التي تهم العرب جميعا”.
ومن جهته وصف وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة “العلاقات السعودية السورية بالتاريخية والمتميزة جدا”، لافتا إلى أنها “ستشهد تطورا كبيرا في المستقبل القريب”. وقال إن “مباحثات الملك عبد الله مع الأسد ستحل العديد من مشاكل المنطقة، لأن نتائج لقاء الأخوة دائما مفيدة وطيبة”.
ولخصت المستشارة السياسية والاعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان أجواء الجلسة الموسعة بـ”الإيجابية والبناءة والودية”، مشيرة في موقف لافت إلى أن التنسيق السوري والسعودي يهدف إلى “خلق فضاء عربي يخدم مصالح الأمة العربية ويحاول أن يستفيد من الطاقات العربية لرفع كلمة العرب على الساحة الإقليمية والدولية”، وأنه “يضاف إلى التنسيق الذي تقوم به سوريا مع كل من تركيا وإيران لخلق فضاء إقليمي عربي إسلامي يستطيع أن يواجه التحديات الكبيرة التي تعترض الأمتين العربية والإسلامية”.
وأضافت شعبان أن الملك عبد الله، وبعد أن قلده الأسد وسام سوريا الأرفع، أثنى على تاريخ العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أنها “ذات تاريخ طويل من التعاون والتنسيق”، فيما أشاد الأسد “بعروبة الملك عبد الله”. وقال “إننا حين نذكر اسم الملك عبد الله، الكل يعلم أنه الملك العروبي الذي يؤمن بالعروبة وبالتنسيق العربي”.
وفي الرياض، اعتبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبد الرحمن العطية إن “الزيارة تكتسي أهمية إضافية وتعبر عن حرص مشترك لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين اللذين يؤديان دورا مهما لدعم القضايا العربية والإسلامية في مقدمتها القضية الفلسطينية”. ورأى العطية، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية (واس) أن محادثات الملك السعودي والرئيس السوري “ستفتح آفاقا جديدة للعمل العربي”، موضحا أن “زيارة الملك لدمشق تجدد التأكيد على حيوية الدور الخليجي في دعم العمل العربي المشترك والإسهام الفاعل في قضايا الأمة من اجل تحقيق رفاه وأمن واستقرار وازدهار دولها وشعوبها”.
Leave a Reply