كامب ديفيد – التقى زعماء الدول الثماني (جي ٨)، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وألمانيا واليابان وروسيا وكندا، السبت الماضي، في قمة “كامب ديفيد” وخرجوا ببيان شمل أبرز انشغالات المجموعة السياسية والاقتصادية والأمنية، ومن ضمنها أزمة الديون الأوروبية والأزمة السورية، وبرنامج إيران النووي، والأزمة الكورية، ومسألة النمو الاقتصادي والإصلاحات المالية، وضرورة استمرار إمدادات النفط.
الزعماء في عشاء عمل سبق قمة الثماني في كامب ديفيد. (رويترز) |
وبرز في القمة غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومشاركة رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف مكانه، في خطوة تعبر عن عدم الرضا الروسي عن المعالجة الغربية لملفات هامة كالدرع الصاروخي والأزمة السورية. كما كان لافتا حضور الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند الذي قد تشكل خلفيته الاشتراكية عنصراً معرقلاً لخطط إنقاذ منطقة اليورو.
وشارك زعماء مجموعة الثماني في عشاء عمل سيطرت عليه الملفات الساخنة على الساحة الدولية لا سيما الوضع في سوريا وأزمة الديون، وذلك قبل انطلاق قمتهم الرسمية في كامب ديفيد في ولاية ميريلاند الأميركية.
الأزمة السورية
في الملف السوري، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، السبت الماضي، اتفاق دول مجموعة الثماني بما فيها روسيا، على ضرورة تسريع العملية السياسية في سوريا، التي تستقبل عددا من المبعوثين الأمميين.
وقال أوباما “أجرينا محادثات حول سوريا، ونحن جميعا نعتقد أن الحل السلمي والانتقال السياسي هو الأفضل، وجميعنا قلقون للغاية بشأن العنف الذي يجري في سوريا وخسارة الأرواح”. وأضاف “نحن ندعم خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان وأعتقد أن هذا سينعكس في بياننا، ونتفق على أن خطة أنان يجب أن تطبق بشكل كامل وأن العملية السياسية يجب أن تمضي قدما بسرعة أكبر من أجل حل المسألة”.
وعلى الرغم من تصريح أوباما، أعلن مسؤول روسي أن ممثلي دول مجموعة الثماني لم يتوصلوا بعد إلى موقف موحد بشأن الملف السوري.
وصرح المستشار في الكرملين ميخائيل مارغيلوف على هامش اجتماعات قمة المجموعة أن موقف بلاده من الأزمة في سوريا لم يتغير، مشددا على أنه “لا يمكن تغيير النظام بالقوة”. وأضاف مارغيلوف “على السوريين أن يتمكنوا من حل مشاكلهم بأنفسهم”، متسائلا “من سيتسلم السلطة في حال تنحي النظام الحالي؟”. وخلص المسؤول الروسي إلى القول “لا يمكن استخدام الفأس لحل الأزمة في سوريا، لا بد من استخدام ملاقط صغيرة”.
ودعا الزعماء إلى وقف فوري للعنف في سوريا، وتنفيذ بنود خطة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في ختام القمة التي استضافتها بلاده، إن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة جزء من عملية التغيير.
إيران وكوريا الشمالية
من جهة أخرى، تعهدت مجموعة الدول الثماني بالالتزام بنهج مشترك في التعامل مع برنامج إيران النووي، وحثت طهران على انتهاز فرصة اجتماع مجموعة 5+1 في بغداد (تفاصيل صفحة ١٥) لإثبات سلمية برنامجها النووي وإعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي.
كما حض البيان الختامي لمجموعة الثماني طهران على “الوفاء بالتزاماتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان والحريات الأساسية”، وخصوصا حرية الديانة والصحافة، وعلى وضع حد “لعمليات التعذيب والإعدام التعسفية”.
وتطرق البيان إلى الأزمة الكورية الشمالية، وقال القادة “لا نزال قلقين بشدة حيال الخطوات الاستفزازية لكوريا الشمالية التي تهدد الاستقرار الإقليمي”، مطالبين بيونغ يانغ بالتخلي بشكل “يمكن التحقق منه” عن أي برنامج له صلة بالسلاح النووي.
أزمة اليورو
من جهة أخرى، ركز قادة مجموعة الثماني في قمتهم، السبت الماضي، على مسألة النمو الاقتصادي والإصلاحات المالية، ودعوا إلى منطقة يورو “قوية وموحدة” تشمل اليونان، والتزموا بـ”تشجيع النمو” ومكافحة العجز.
وكان ايجاد مخرج ممكن لليونان من ازمتها الاقتصادية الخانقة في مقدمة جدول اعمال القمة، لا سيما بعد الانتخابات اليونانية الأخيرة التي لم تكن حاسمة في تشكيل حكومة جديدة لها سلطة اتخاذ قرارات تخرج البلاد من ازمتها الشديدة.
وأعلن قادة الدول الثماني الأكثر تصنيعا، في البيان الختامي للقمة، أن “واجبنا هو تشجيع النمو والأعمال”، وحذروا من أن “إصلاح الاقتصاد العالمي يدل على إشارات واعدة، لكن رياحا معاكسة قوية لا تزال تهب”.
وقال أوباما في ختام القمة إن “جميع القادة كانوا متوافقين اليوم هنا، ينبغي أن يكون النمو والتوظيف أولويتنا المطلقة”.
من جهة ثانية، تعهد قادة مجموعة الثماني بضمان تزويد أسواق النفط بـ”الإمدادات الكاملة وفي الوقت المطلوب” لمنع ارتفاع أسعار النفط بسبب العقوبات القاسية المفروضة على تصدير النفط الإيراني.
وفي بيانهم قال القادة إنهم سيراقبون الإمدادات عن كثب، وسيطلبون من وكالة الطاقة الدولية اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تطلب الوضع ذلك.
وفي موضوع أزمة اليورو، قال الرئيس أوباما “نتفق مع الرئيس هولاند على ان هذه قضية على قدر كبير من الاهمية ليس لسكان القارة الاوروبية فحسب بل للاقتصاد العالمي ايضا”.
من جانبه، قال الرئيس هولاند، الذي تسلم مهام منصبه الاسبوع الماضي، إنه يشارك الرئيس اوباما “نفس القناعة بوجوب بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو”.
ويتوجه اليونانيون الى صناديق الاقتراع مجددا في السابع عشر من الشهر المقبل للمشاركة في انتخابات قد تقرر مصير برنامج التقشف الذي يصر دائنو اليونان الدوليون عليه كشرط لمواصلة الدعم المالي الذي يقدمونه للاقتصاد اليوناني.
ويخشى المستثمرون من ان يؤدي تراجع اثينا عن تنفيذ ما اتفق عليه من خفض في الانفاق الحكومي الى خروج اليونان من مجموعة الدول الـ 17 المتعاملة باليورو.
ففي هذه الحالة، قد تتعرض دول اخرى تعاني من عبء الديون، كإسبانيا وايطاليا، الى ضغوط شديدة مما قد يؤدي بدوره الى اضطراب كبير في منطقة اليورو بأسرها أو حتى الى ازمة مالية دولية تنافس في شدتها ازمة عام 2008. وقد اجتمع الرئيس الفرنسي في مقر السفارة البريطانية في واشنطن برئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، الذي قال إن على اليونان ان تقرر ما اذا كانت ترغب في البقاء ضمن مجموعة اليورو.
وتجدر الإشارة الى ان هرمان فان رومبي، رئيس الاتحاد الأوروبي، وجوزي باروزو، رئيس المفوضية الأوروبية، أيضاً حضرا مأدبة العشاء وشاركا في المناقشات.
Leave a Reply