دمشق – لم يتأخر الرد السوري-الإيراني على تمنيات واشنطن بضرورة التباعد بين البلدين، فجاءت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى دمشق الأسبوع الماضي لتؤكد على متانة العلاقات الاستراتيجية مع الرئيس بشار الأسد. وكانت الترجمة بالإعلان عن توقيع اتفاق يلغي تأشيرات الدخول بين البلدين للرد على دعوة وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، سوريا إلى الابتعاد عن إيران.
تحذير كلينتون لم يكن يتيما بل سبقه سيل من التهديدات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة لسوريا ولبنان والفلسطينيين وإيران، وبعد ردود أوليّة صدرت من سوريا على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم، ومن لبنان على لسان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، رفعت إيران وسوريا مستوى التحدّي ليصل الى درجة “التهكم”، في ختام قمّة جمعت الرئيسين بشار الأسد ومحمود أحمدي نجاد، وتلتها لقاءات جمعت الرئيس الإيراني بقيادتي المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ولقاءات بين القياديين المقاومين والقيادة السورية.
وجاء الرد الإسرائيلي على القمة بعد ساعات حيث أشار الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى أن فرصة السلام مع سوريا قد تتبدد في ظل وجود “حزب الله”.
ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر مطّلعة أن القمة السورية-الإيرانية، واللقاءات الأخرى التي عقدت، ركّزت على مجموعة نقاط أبرزها إعلان الجهوزية والاستنفار لمواجهة احتمال قيام إسرائيل بعدوان، وسط استمرار ورود معلومات عن نية إسرائيل القيام بعمليات عسكرية وأمنية، كما أكدت المصادر المواجهة المباشرة وعدم ترك العدو يحدد سياق أي معركة مقبلة وإطارها، وإعلان رفض أي محاولات لثني “تيار المقاومة” عن تعزيز قوته وجهوزيته في كل مكان. وركز الرئيسان على التشديد على العلاقات المتينة التي تربط سوريا بإيران وتأكيد رفض التهديدات التي تتولّى جهات أوروبية نقلها إلى سوريا خصوصاً، والتي تستهدف وقف دعم المقاومة في لبنان وفلسطين من جهة، واتخاذ دمشق خطوات أحادية إزاء التفاوض مع تل أبيب من جهة ثانية.
وكان الأسد قد أوضح، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نجاد، أن المباحثات التي أجرياها تطرقت إلى “العلاقات الثنائية، والقضايا الأخرى الموجودة على ساحتنا السياسية إلى العراق والانتخابات المقبلة فيه، وتأثيرها على العملية السياسية وعلى الاستقرار وعلى انسحاب قوات الاحتلال لاحقاً، وعلى مستقبل المنطقة عموماً”. ورأى الأسد أنه “رغم الإحباطات والعثرات الكبيرة التي أصابت المنطقة وشعوبها، فإن المحصّلة خلال المرحلة الماضية كانت لمصلحة قوى المقاومة في المنطقة، التي قاومت ودافعت عن حقوقها”. وأضاف “في المقابل، كان الفشل مصير القوى التي وقفت في الخندق المقابل”.
وشدد الأسد على أهمية تمتين العلاقات بين “شعوبنا لأنها تحوّلنا من مستوردين للمستقبل إلى صنّاع له”. وعبّر عن “استغرابه” للدعوة التي وجّهتها وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لسوريا للابتعاد عن إيران.
وقال الأسد متهكّماً “نحن التقينا اليوم لنوقّع اتفاقية ابتعاد بين سوريا وإيران”. وأضاف ضاحكاً “لكن بما أننا فهمنا الأمور خطأً ربما بسبب الترجمة أو محدودية الفهم، وقّعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات، لا نعرف أكان هذا يتوافق مع ذاك”. وأبدى الأسد استغرابه “كيف يتحدثون عن الاستقرار والسلام في المنطقة، وعن كل المبادئ الأخرى الجميلة، ويدعون إلى الابتعاد بين دولتين، أيّ دولتين؟”. وقال “نتمنى من الآخرين ألّا يعطونا دروساً عن منطقتنا وعن تاريخنا”. وأضاف “نحن نحدد كيف ستذهب الأمور، ونحن نعرف مصلحتنا ونشكرهم على نصائحهم، ولن أقول أكثر من ذلك”.
من جهته، دعا الرئيس الإيراني إسرائيل “إلى عدم تكرار أخطاء الماضي مرةً أخرى، لأن ذلك يعني نهايتها المحتومة”. وقال إن “كل شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم سوريا وإيران ولبنان والعراق وجميع الشعوب، سيقفون بوجهه (الكيان الصهيوني) وسيقتلعون جذوره”. وأوضح “هم كانوا يتمنّون شرق أوسط جديداً تحت هيمنة الصهاينة، وهذه الأمنية دُفنت”. وقال “أقول لهم الشرق الأوسط الجديد هو في طور الوجود، وهذا الشرق الأوسط من دون صهاينة”.
وردّ على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية بالقول إنّ كلام كلينتون مثل “كلام أمّ العروس” لأنه ليس في مكانه، معتبراً أنّه “ليس هناك من مسافة تفصل بين سوريا وإيران”. وأعرب عن اعتقاده بأن “كل الحكومة الأميركية لا تؤثر في علاقات المنطقة وشعوبها”. وقال “لقد انتهى العهد الذي تدار فيه الأمور من وراء البحار، إنهم يريدون الهيمنة، ويشعرون بأن سوريا وإيران تحولان دون ذلك”، مقترحاً عليهم “أن يغادروا ويريحونا”.وأدى الرئيسان صلاة الظهر في جامع الرئيس حافظ الأسد، وشاركا في الاحتفال الديني الذي أقامته وزارة الأوقاف احتفاءً بذكرى المولد النبوي.
وعن أدائه الصلاة في أحد مساجد دمشق “السنية”، قال الرئيس الإيراني، خلال المؤتمر الصحافي، إن “شعوب المنطقة شعوب واحدة وموحّدة”. وأضاف “رسولنا كان يدعو إلى الوحدة بين الأمة الإسلامية، واليوم أعداؤنا متّحدون، من الطبيعي علينا أن نأخذ الدروس من سيرة رسولنا”. وأشار نجاد إلى أن ما يحدث في العراق من اقتتال طائفي سببه الاحتلال الأميركي، قائلاً “قبل الاحتلال لم يكن أحد يسأل سنّي شيعي كردي، لنا ربّ واحد وكتاب واحد ونسير في مسار واحد وسنصل إلى أهدافنا”.
Leave a Reply