من مهد البن في اليمن إلى شارع شايفر في ديربورن
يعتبر البن ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط الخام، حيث تتنشر المقاهي في جميع أنحاء المعمورة بما في ذلك منطقة ديترويت التي تعج بالمقاهي والسلسلات الشهيرة ومحطات الوقود التي تقدم القهوة للزبائن يومياً، ولكن قليلين حظوا بفرصة الاستمتاع بأحد أجود أنواع البن في العالم وأقدمها على الإطلاق، وهو البن اليمني.
فكثيرون يعرفون بأن اليمن كان مهد القهوة وأول من صدر البن إلى العالم عبر ميناء مخا، الذي يحمل اسمه شراب «الموكا» الشهير، ولكن هؤلاء أنفسهم ربما لم يحظوا قط بفرصة تذوق هذا البن الأصيل.
مدفوعاً بالشغف الشخصي والفخر الوطني، وجد اليمني الأميركي ابراهيم الحاصباني الفرصة التجارية سانحة لإطلاق مشروع تجاري ناجح، يعيد به القهوة اليمنية إلى الواجهة عبر تقديمها بطريقة مبتكرة في مقهى «قهوة هاوس» على شارع شايفر بمدينة ديربورن.
وفيما يواصل الحاصباني تحضيراته لإقامة الافتتاح الكبير لـ«قهوة هاوس»، قال لـ«صدى الوطن» إن هدفه من المشروع هو «تقديم القهوة اليمنية لعشاق هذا المشروب.. لأنها الأفضل والأجود في العالم».
ارتفاع ثمن البن اليمني يلعب دوراً كبيراً في عدم
رواج القهوة اليمنية، حيث يتجاوز سعر الباوند الواحد أكثر من 200 دولار في بعض الأحيان،
وقد أخذ الحاصباني على عاتقه تقديم القهوة بأسعار تنافسية، حيث يتراوح سعر الباوند في «قهوة هاوس» عند 25 دولاراً.
والحاصباني، ليس «متعدياً على الكار»، بحسب المثل الشعبي، فهو ليس مجرد رجل أعمال يبحث عن فرصة تجارية لتحقيق الأرباح وحسب، بل هو ينحدر من عائلة ذات خبرة مديدة في زراعة البن وتحضير القهوة.
وتملك عائلة الحاصباني مزارع البن التي يستورد منها قهوته، حيث لا يستخدم في «قهوة هاوس» سوى بن العائلة في إعداد كافة المشروبات.
وقد هاجر الحاصباني إلى أميركا في العام 2011 حيث أقام في بادئ الأمر بمدينة نيويورك قبل أن يقرر الانتقال إلى مدينة ديربورن التي استهوته لطابعها الخاص الذي يحمل «مزيجاً من الثقافتين العربية والأميركية».
وأضاف «بسبب هذا المزيج والتنوع.. أحب المدينة»، مشيراً إلى أنه قرر الابتعاد عن صخب وضجيج نيويورك، ليتمكن من «التقاط أنفاسه»، والبدء بمشروعه الجديد الذي وصفه بأنه «ليس مجرد مقهى.. وليس مكاناً عادياً.. إنه محاولة لإعادة تقديم القهوة اليمنية التي تستحق موقع الصدارة في العالم».
ويتميز المقهى بسقف عال ولافتات خشبية ومنحوتات يمنية تزين المكان
قائمة متنوعة
قائمة «قهوة هاوس» لا تقتصر على تقديم القهوة اليمنية، فهو يقدم جميع المشروبات المتوفرة في المقاهي التقليدية بأميركا، مثل الـ«لاتيه» و«كابتشينو» و«إسبريسو» وغيرها، إضافة إلى بعض المأكولات والحلويات والمعجنات اليمنية التقليدية.
ويتميز البن اليمني عموماً بمذاقه الحلو الطبيعي. وأكد الحاصباني أن أفضل طريقة لإعداد القهوة هي الـ«بوور أوفر» التي تساعد –عبر إيقاع بطيء– على زيادة النكهة والجودة إلى الحد الأقصى. (شاهد الفيديو على موقع «صدى الوطن»)
أحد المشروبات التي يقدمها «قهوة هاوس» يتم إعداده بشكل أساسي من قشور البن، ويؤكد الحاصباني أن هذا المشروب إلى جانب مذاقه المميز، «مفيد للمعدة وللجسم بشكل عام.. كما أنه يساعد على إنقاص الوزن»، مشيراً إلى أن «القهوة الجيدة ليست بالضرورة تلك التي تزود الجسم سريعاً بجرعة الكافايين المطلوبة لتعديل المزاج».
ويمكن للزبائن أيضاً الاستمتاع بشراب الشاي المضاف إليه بعض التوابل، بحسب الطلب، لكن من المعروف أن الشاي اليمني التقليدي يقدم مع القرفة والهيل. كما يقدم «قهوة هاوس» طبق «بنت الصحن» أو «صبايا» وهو طبق مفضل لدى اليمنيين الذين يتناولونه خلال وجباتهم الغذائية، فيما يفضل الحاصباني تناوله بعد انتهائه من الطعام كنوع من التحلية.
وقال «يحب الكثير من اليمنيين أن يتناولوا «بنت الصحن» خلال وجباتهم.. أنا أفضله بعد انتهائي من الطعام لأنه حلو». وأضاف «نقدم معجنات أخرى مع العسل الطبيعي.. عسلنا معروف ومشهور.. نسميه باللهجة اليمنية «سدر».. وهو عسل طبيعي 100 بالمئة يساعد في مد الجسم بالطاقة». كما يقدم المقهى «الكيك» وبعض الحلويات الأخرى، من منتجات «زينغرمان» بمدينة آناربر.
ويستعد الحاصباني لإقامة حفل افتتاح كبير لـ«قهوة هاوس» (٦٦٥٥ شايفر) في غضون الأسابيع القليلة القادمة.
حالياً يفتح المقهى أبوابه من الساعة 9:30 صباحاً حتى الـ10 مساء يومياً، وبعد الافتتاح سيتم تعديل ساعات العمل.
وختم الحاصباني حديثه لـ«صدى لوطن» بالقول «القهوة هي فخر العائلة وفخر البن اليمني.. ونحن نقدمها لجميع الزبائن على هذا الأساس».
Leave a Reply