في قضية قد تعيد تعريف أبعاد الزواج والخصوصية وحرية المعتقد الديني، سوف يستأنف خلال هذا الشهر توم غرين وهو أميركي الجنسية الحكم الصادر بحقه في يوتا، في قضية اعتدائه على قوانين المحكة العليا في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد تواجه المحكمة اذا ما قبلت هذه القضية قرارات عمرها مائة وستة وعشرين سنة كانت تتيح للولايات تجريم كل من تعاطى تعدد الزوجات، ما قد تجده قلة جائزا الآن رغم رفضها لتلك الممارسة. وقد تجد المحكمة نفسها ملزمة لمواجهة تناقضات فاضحة خلقتها في قرارات جديدة مسندة لقوانين دستورية.
ويغدو هذا الأمر بالنسبة للممارسي تعدد الزوجات أمرا عاديا تجري معالجته أمام القانون بصورة غير عادلة.
ذلك أن للأفراد حق يقّره الدستور في اقامة أية علاقة جنسية مع أي عدد من الشركاء الذين يروقون له.
ورغم أنه باستطاعة أي شخص أن يعاشر وحتى ينجب أطفالا ممن يعاشر بالقدر الذي يريد شريطة أن لا يكون متزوجا. وفي مطلق الأحوال، عندما يرتبط الشخص نفسه مع أي من هؤلاء بعلاقة شرعية كـ«زوج وزوجة» فاننا ندخلهم السجن. وفي السياق نفسه، امرأة كالمغنية بريتني سبيرز، يكون باستطاعتها أن تتزوج عددا من الرجال يتعاقبون الواحد تلو الآخر ولم تتزوجهم في الوقت نفسه. ورغم أنه بامكان بريتني سبيرز أن تتزوج وتطلّق بسرعة متلاحقة وأن تصبح نجمة غلافات المجلات، يبقى أنها اذا ما تزوجت اثنين مدى الحياة فانها قد تصبح «السيدة الجليلة».
تعريف هذه المشكلة من قبل الأديان
ان الاختلاف بين من يمارس تعدد الزوجات و من يتّبع نمطا معينا للحياة، هو في الغالب ديني. اضافة الى ذلك فان الخصوصية مصونة بالدستور، مما يعني أنه يتوجب على الدستور أن يحمي حق ممارسة الدين الا اذا ادى ذلك الى التعرض لحقوق شخص ثالث أو تسبب بأ خطار على المجتمع.
في كل الأحوال، وفي قرار المحكمة عام 1878 في قضية «رينولد ضد الولايات المتحدة» رفضت المحكمة الاعتراف بان نظام تعدد الزوجات هو نوع من ممارسة شرعية للدين وقد رفضت القضية بصورة عنصرية وضد «المرمون» كنوع من ظهور حصري لممارسات عيش لدى الأفارقة والآسيويين فقط».
وفي قرارات اخرى لاحقة أعلنت المحكمة أن تعدد الزوجات هو «وصمة عار في مجتمعاتنا» وقارنته بالتضحيات الانسانية «وعودة البربرية» وبمجمل القول، أن تعدد الزوجات هو مخالف لتعاليم المسيحية وضّد الحضارة التي أنتجتها مبادئ المسيحية لدى العالم الغربي.
ولكن على عكس تصريح المحكمة، فان تعدد الزوجات هو موضوع نقاش مشترك بين سائر الأديان، المسيحية واليهودية والاسلامية.
ويحتوي كتاب التوراة على قانون يتعلق بكيفية تقاسم الملكية الخاصة عند وجود عدة زيجات. ويبين العهد القديم كيف أن آبراهام ويعقوب وسليمان ودافيد، كانوا جميعهم محظيين لدى الله، حيث سمح لهم بممارسة تعدد الزوجات. سليمان كان حقيقة ممارسا بامتياز لتعدد الزوجات، اذ أنه كانت لديه 700 زوجة و300 جارية، وكانت لدى النبي محمد10 زوجات.
أما مارتن لوثر فقد قبل تعدد الزوجات كممارسة ضرورية. ويبقى تعدد الزوجات أمرا واقعا لدى اليهود في اسرائيل واليمن وحوض البحر الأبيض المتوسط.
في الحقيقة، لقد وجدت بعض الدراسات أن نسبة 78 بالمئة من الحضارات في العالم تمارس تعدد الزوجات بما فيها السكان الأصليين لأميركا كما أن «بعض قبائل الهنود الحمر يمارسون تعدد الزوجات» وفي «التيبت والنابال يمارس تعدد الأزواج» ويعيش أكثر من 50,000 شخصا ممن يمارسون تعدد الزوجات في الولايات المتحدة الأميركية.
أذا أخذنا بعين الاعتبار التاريخ والأعراف الدينية القديمة، لا يمكننا جديا أن ننفي أن تعدد الزوجات هو ممارسة شرعية لمعتقد ديني. وبما أن ممارسة تعدد الزوجات هي مخالفة للقانون، فان ممارسيها لا يسعون الى الاستحصال على أية تراخيص بالزواج. وفي كل الأحوال، حتى ولو استحصلت على ترخيص بالزواج فانك قد ترسل الى السجن. و قد طالب المدعون العامون من المحاكم اعلان أن هؤلاء هم متزوجون بحسب القانون وأوجب بالتالي أن تتم ملاحقتهم أمام القانون والحكم عليهم بممارسة تعدد الزوجات.
قضية غرين
هذا ما حدث في قضية غرين، حيث حكم عليه بالسجن من خمس سنوات الى مؤبد. في البداية لجأت الولاية في هذه القضية الى استعمال القانون العام لتصنيف غرين وأربع نساء على أنهم متزوجون رغم أنهم لا يحملون أي تصريح بالزواج. وهكذا حوكم غرين بممارسة تعدد الزوجات.
ورغم تغير التبريرات لمثل تلك القرارات عبر السنين تبقى الحجة المشتركة الأقوى في تبرير التجريم هي أن بعض الفتيات اللواتي كن أطرافا في زيجات من هذا النوع هم من القاصرات. والحقيقة أن هذه الحالات موجودة ولكن منع تعدد الزوجات ليس من شأنه أن يحل مشكلة استغلال الأطفال، على العكس من ذلك فقد يؤدي هذا المنع الى الحد من الاستغلال الزوجي.
أما في قضية غرين، فقد ظهر أنه متزوج من فتاة عمرها 13 سنة. ولو كان غرين يقيم علاقات معها، لكان جرم ولوحق بجرم اعتداء جنسي أو ممارسة جنس مع قاصر، مثله في ذلك مثل أي شخص مرتبط بزواج آحادي.
وقد صمم «التعديل الأول» من أجل حماية الأقل شعبية و سلطة بيننا. وعندما أصدرت المحكمة العليا قوانين ضد الممارسة الشاذة للجنس في قضية لورنس ضد تكساس، كنا أنهينا عشرات السنين من استخدام قوانين تلاحق اللوطيين.
على كل حال، ان التغيير الجديد قد أتى على خلفية التقبل الكبير للرجال اللوطيين والنساء السحاقيات في المجتمع ومن ضمنهم بصراحة كلية، اللوطيين من السياسيين والشخصيات التلفيزيونية الشعبية.
ان هكذا تقبل في المجتمع لن يحصل أبدا بالنسبة لممارسي تعدد الزوجات. انه من المستبعد لأي شبكة اتصال أن تعرض على الهواء «نظرة على ممارس تعدد الزوجات» بدلا من «اللوطي المتزوج امراءة واحدة» أو أضف الى ذلك أن تقلب الى «الكل يحب رايموند». لا يهم. ولكن لا ينبغي ان تكون حقوق ممارسي تعدد الزوجات مرتكزة على الشعبية وانما على المبادئ.
أما أنا شخصيا فانني أحتقر ممارسة تعدد الزوجات. ولكن اذا أسرعنا نحو رفضنا و اخترنا أقلية واحدة مكروهة، فسوف يصبح «التعديل الأول» أكثر من تظاهر كاذب بالدين والفضيلة ونصبح أكثر من متظاهرين كاذبين بذلك.
من جهتي، فانني أفضل أن يكون لدي جار متزوج من عدد من النساء على أن تكون دولتي اعمل بمعايير مختلفة بالنسبة لمواطنيه.
أعلم أنه باستطاعتي أن اربي ابنائي الثلاثة على أهمية الزواج الآحادي ولكن التظاهر الكاذب بالفضيلة والدين يمكن أن يترك انطباعا أكثر دواما.
جوناثان ترولي هو استاذ جامعي لمادة قانون المنفعة العامة بكلية الحقوق في جامعة جورج واشنطن
ترجمة سعاد الحسيني
Leave a Reply