خاص “صدى الوطن”، وكالات
خرج الأسبوع الماضي الى السطح تشكيك الثوار الليبيون في دور وأداء ”حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، الذي يتباطأ في كبح آلة العقيد معمر القذافي المستمرة في قتل المدنيين وفرض الرعب على المدن الليبية غير المحررة إضافة الى المدن المحاصرة ومدن التماس.
وأثبتت كتائب القذافي من خلال قدرتها على التحرك والقصف في أماكن متباعدة في ليبيا، أنها لم تتأثر كثيرا بالضربات الجوية التي جل ما حققته منع طائرات القذافي من قصف المدن المحررة، أما من ناحية الثوار، شعر المجلس الانتقالي بضرورة إجراء تغييرات في القيادة العسكرية بعد هزائم متتالية في المنطقة الممتدة من أجدابيا غرباً طغى عليها سوء التنظيم والانسحابات العشوائية.
وتنذر قوة كتائب القذافي العسكرية، وتباطؤ “الناتو”، وسوء تنظيم الثوار بحرب مفتوحة يصعب تحديد نهايتها.
وتشهد الخريطة العسكرية في ليبيا تغيرات كبيرة، بين كرّ وفرّ، في المنطقة الممتدة من مدينة أجدابيا التي استطاع الثوار من استعادتها، وصولا الى مشارف سرت الشرقية التي تمكنت “كتائب القذافي” من تمتين سيطرتها علىها مع تراجع وتيرة الطلعات الجوية لحلف “الناتو”.
من ناحيته، سعى حلف شمال الأطلسي، لطمأنة المعارضين الليبيين بأن غاراته الجوية على مواقع القوات الموالية للرئيس معمر القذافي مستمرة، من دون تراجع، مشيراً إلى أنه سيسمح للسفن بإيصال الإمدادات للمدن الواقعة تحت سيطرتهم. إلا أن مواقف بعض الدول مثل بريطانيا وروسيا أكدت أن قرار الأمم المتحدة الذي سمح بالعمليات العسكرية ضد نظام القذافي لم ينص على دعم الثوار إنما “فقط حماية المدنيين”.
إلا أن الواقع الميداني أثبت تقاعس “الناتو”، الذي يتولى تطبيق قرار مجلس الأمن بعدما تخلت الولايات المتحدة عن قيادة الحلف العسكري، عن حماية المدنيين، خصوصاً في مدينة مصراتة.
وكان قائد أركان جيش التحرير الوطني الليبي اللواء عبد الفتاح يونس قد انتقد بطء عمليات الأطلسي، وتردد الحلف في إنقاذ المدنيين، وخصوصاً في مصراتة، فيما قال متحدث باسم الثوار في مصراتة “أسأل المجتمع الدولي الذي ما زال مشوشاً ومحجماً عن قصف قواته (القذافي) بشكل مناسب: أليس هو التهديد الأكبر للمدنيين؟ هذا القصف يستهدف ترويع الناس. أطفالنا لا يذهبون للمدارس، والتوتر والانهيارات العصبية تزداد بين الناس”.
وأمام ضغط المجلس الانتقالي، شنت طائرات بريطانية، الأربعاء الماضي، غارات جوية على مواقع لقوات القذافي قرب مدينة مصراتة، المعقل الأبرز للثوار في الغرب (إضافة الى منطقة الجبل الغربي). وقال مسؤولون في الحلف إن الغارات أسفرت عن تدمير ست دبابات وشاحنات عسكرية، مشيرين إلى أنه ليس من حق المعارضة الليبية اتهام الحلف بالتباطؤ، ومشددين على أن الناتو سيقوم بكل شيء لحماية المدنيين في مصراتة.
وفي هذا الإطار، قالت المتحدثة باسم “الناتو”، كارمن روميرو إنه “لم يخفت إيقاع عملياتنا ولم يتغير هدف ولا موقع ضرباتنا”، مشيرة إلى أن فك الحصار على مصراتة ما زال يمثل الأولوية الكبرى، لكنها اعترفت بأن جيش القذافي أثبت أنه هدف مخادع ويملك الكثير من الموارد. وأضافت روميرو أن “قوات القذافي تغير تكتيكاتها باستخدام مركبات مدنية وإخفاء الدبابات في مدن مثل مصراتة واستخدام دروع بشرية للاختباء وراءها”.
ويذكر أن الحلف الدولي أسقط ما لا يقل عن ٢٠ مقاتلا من الثوار “عن طريق الخطأ” منذ بدء العمليات العسكرية.
رسالة القذافي لأوباما
سياسياً، رفضت الإدارة الأميركية دعوة وجهها القذافي، في رسالة بعث بها إلى الرئيس باراك أوباما، لوقف العمليات العسكرية الغربية ضد ليبيا، مشددة على أنها تريد أن ترى “أقوالاً لا أفعالاً”، فيما وصف دبلوماسي أميركي الرسالة بأنها “مناورة لكسب الوقت”.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن على القذافي ترك السلطة ومغادرة ليبيا، وذلك بعد طلب القذافي من أوباما وقف الغارات “من أجل خدمة السلام والصداقة بين شعبي البلدين، والوضع الاقتصادي والأمن ومحاربة الإرهاب”. وأوضحت كلينتون في مؤتمر صحفي مع نظيرها الإيطالي فرانكو فراتيني ردا على سؤال بشأن رسالة القذافي، أن “الرد واضح وهو أن يوقف القذافي إطلاق النار ويسحب قواته من المدن التي استولى عليها بالقوة ويتخلى عن السلطة ويرحل عن ليبيا”.
الثوار يستعيدون المبادرة
نجح الثوار الليبيون خلال الأسبوع الماضي من التقاط أنفاسهم والتقدم مجدداً نحو مدينة البريقة، ليستعيدوا السيطرة على مناطق صحراوية خسروها في انسحاب غير منظم أمام قوات القذافي الأقوى تسليحاً. وشهدت المنطقة الممتدة بين أجدابيا والبريقة تبادلاً للقصف الصاروخي، وثباتاً لدى الثوار بعد تغيير القيادة والتكتيك العسكري، مؤكدين تحقيق تقدم يسمح لهم باستعادة السيطرة على هذه المدينة النفطية الاستراتيجية، لكنهم شكوا تباطؤ الطائرات التابعة لحلف شمال الأطلسي في مؤازرتهم، مشيرين إلى أن الحلف لا ينفذ أي غارات على قوات القذافي.
بدوره، قال قائد عمليات الأطلسي في ليبيا الأميرال راسل هاردينغ إن ما من سبب يدعو المعارضة الليبية لعدم الثقة في دعم الحلف لها. وأوضح أن “ليبيا تمتد على مساحة 800 ميل وفي كل ذلك المجال الجوي الذي نهيمن عليه ربما يحدث -وأنا لا أنتقد أحداً- ألا يسمعنا أو يرانا أحد في منطقة أو اثنتين، ويمكنني أن أفهم كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى انعدام ثقة… لكن بوسعي أن أؤكد لكم أننا نتابع في كل ساعة في كل يوم ما يجري في ليبيا ونتأكد من أننا نحمي المدنيين”.
Leave a Reply