بلال شرارة
إسرائيل استدعت أربع فرق احتياط جديدة لمواجهة استمرار «قيامة» الشعب الفلسطيني.
«القيامة الفلسطينية» اتسعت نحو الخليل وغزة، واسرائيل تسعى لعزل الخطر الفلسطيني ليس بالنار فقط وإنما بالخندق، إنشاء خندق حول غزة دون ان تنتبه الى ان الخطر ينبع من الاحتلال والقمع وليس من غزة.
الخندق صنعتنا، والرسول النبي محمد عليه أفضل الصلوات انشأ الخندق حول المدينة بمشورة الصحابي سلمان الفارسي ليمنع تحالفاً دولياً آنذاك من جيوش المشركين من بلوغ المدينة، وانتهت واقعة الخندق بالمبارزة الشهيرة التي انتصر فـيها الامام علي بن أبي طالب (ع) وقتل الفارس المشهور عمر بن ود العامري.
الآن لا خندق ولا «طل الطلابا» سيمنع الشعب الفلسطيني من تحقيق أمانيه الوطنية فـي تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
لن تتمكن الفصائل الرسمية الفلسطينية (فصائل السلطة وحماس) حتى ولو توحدت بفعل المصالح (السيطرة) من امتصاص مشاعر الشارع الفلسطيني واخضاعها، وسبق أن فشلت محاولة (كيري- نتنياهو- عبدالله) فـي امتصاص «انتفاضة» الشعب الفلسطيني على المشروع الاسرائيلي الهادف الى إحلال التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، فـي وقت عبرت وتجاوزت قيامة الشعب الفلسطيني حماية الاقصى الى شمول المطالب الفلسطينية لشعارات «تقرير المصير» وإقامة الدولة ووقف الاستيطان.
فـي كل يوم هناك محفّزات اسرائيلية لردود الفعل الفلسطينية. المستوطنون الذين أطلقت السلطات الاسرائيلية الرسمية العقال لعنفهم ولم تعد تستطيع ردهم الى الوراء، وهم بالاضافة الى الموقف الرسمي الاسرائيلي يملكون صفة المشروع (الايديولوجي) الذي يُشرع لهم «قتل الاغيار» غير اليهود، ثم أن الاعدامات الرسمية الاسرائيلية من قبل الشرطة والجيش لشبان فلسطينيين أمر يثير أكثر وأكثر اندفاعة الشعب الفلسطيني الذي يجد نفسه مقتولاً بموجب القوانين الاسرائيلية التي تبيح قتل الفلسطيني لمجرد الاشتباه انه قد يهاجم جنوداً أو مستوطنين بسكين أو يرشقهم بحجر، ثم ان هناك امراً يحفّز الحركة الشعبية الفلسطينية وهو جدار الفصل العنصري الذي حرم الفلسطينيين من أملاكهم وارضهم وجردهم من الحركة بحرية بين مناطقهم.
ان هناك ممارسات اسرائيلية تعبر من حدود السلطة المركزية (حكومة نتنياهو) الى السلطات المحلية (البلديات) خصوصاً بلدية القدس، التي تنفذ مخططات تتضمن هدم منازل والاستيلاء على مقبرة «باب الله» لإقامة أحياء يهودية وتعزيز الاطواق الاستيطانية حول القدس وحفريات أسفل المدينة، خصوصاً المسجد الاقصى المبارك.
إن أحداً فـي الدنيا لا يستطيع كبح المشاعر الفلسطينية ولا يستطيع الإمساك بردة الفعل الفلسطينية وحركة الشعب الفلسطيني المدنية المسلحة بأقصى الحالات بسكين أو مقلاع أو حجر.
أقول ذلك لأن ما يجري ليس مجرد «هبّة» فلسطينية موضعية وليس «انتفاضة ثالثة»، بل قيامة فلسطينية وصراع وجود يحاول خلاله هذا الشعب تأكيد وجوده، واثبات أن نكبة 1948 ونكسة 1967 وتشريده والمجازر التي ارتكبت منذ عام 1936 الى اليوم لم تستطع احباط أمانيه الوطنية.
كل يوم سيكون العالم وفـي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية التي تملك الكثير من أوراق اللعب أمام حدث فلسطيني جديد، ولا يمكن اقصاؤه ولا تحويل الانتباه عنه، ولا يمكن كذلك حل مسائل وتوترات وملفات الشرق الأوسط بتجاهل الوقائع الفلسطينية، وازعم ان الحرب الانسانية ضد الارهاب تبدأ بهزيمة «الدولة» التي تمثلها إسرائيل والتي اضحت قاعدة ارتكاز لحركة الإرهاب الدولي.
Leave a Reply