يمثّل «الحب» كشعور وسلوك عاطفي، مفهوماً ملتبساً في الثقافة العربية، ويدخل في منطقة شبه محظورة، أو في باب «المسكوت عنه» على المستويات الشخصية والاجتماعية، رغم أنه الأكثر إعلاناً في الإنتاج الأدبي والفني، في الشعر والغناء والدراما والفنون الأخرى..ولعل أشهر قصص الحب العربية تعكس هذا الالتباس، بين الإعلان والإضمار، بين التشهير والإخفاء، فقصة الحب الشهيرة بين «قيس وليلى» رسّخت في الأذهان قيساً كشاعر رائع، وعاشق خائب. لقد نجح الشعر وفشل الحب، وكان ذلك بسبب ذيوع قصة العاشقيْن بين العرب، فقد رفض والد ليلى تزويجها من قيس بسبب انتشار أخبار ذلك الحب بين القبائل، ولم يغفر للعاشقيْن أن حبهما كان طاهراً وعذرياً..الحساسية في مسألة «الحب» تأتي بسبب مؤثرات ثقافية واجتماعية، لارتباطه مباشرة بقيمة «الشرف» و«العرض». والحقيقة أن الناس لم يتوقفوا عن الحب، ولكنهم ما زالوا في كثير من الأحيان يحيطونه بالسرية اللازمة لاستمراره دون منغصات ومعوقات.والـ«فالنتاين»، هو أحد المناسبات القادمة إلى الحياة والتقاليد العربية من ثقافة مختلفة لها تجربتها الحضارية وأساليبها الخاصة في التفكير وطرائق الحياة، والحب أيضاً. ورغم أن المجتمعات العربية استقبلت الكثير من مفاهيم وقيم الحياة الغربية وقبلتها واحتفلت بها في بعض الأحيان، إلا أن بعض القيم الغربية ما زال يلاقي ممانعات ومقاومات، من قبل أفراد، أو مؤسسات، أو حتى دول في بعض الأحيان..وممانعة الاحتفال بعيد الحب، أو الـ«فالنتاين»، تصل إلى حد التحريم في بعض الدول العربية، وإلى حد منع ومصادرة جميع الهدايا والورود الحمراء، في سلوك يقصد منه إعاقة إقامة الاحتفالات وتبادل الهدايا..والموضوع برمته، هو مسألة قابلة للنقاش والرأي والرأي الآخر، رغم أن الدافع لهذا الاحتفال، يدخل في باب الأخلاقيات النبيلة، ومنها الشوق والاحترام والتقدير والوفاء. كما أنه في ذات الوقت يدخل في باب الاحتفاليات الصغيرة التي تخفف من وطأة هذه الحياة ومرارتها وقسوتها وآلامها المتزايدة.لم يكن حب «قيس وليلى» مقبولاً في مضارب قبيلة عذرة، أشهر قبائل العرب في الحب، رغم عذريته وطهرانيته ونبله، لكن العاشقين في ذلك الزمن لم يوفرا فرصة إلا واجتمعا وتواصلا.. رغم جميع المخاطر والمحاذير التي وصلت إلى حد إهدار دم قيس بين القبائل.ترى، لو عرف قيس وليلى بأمر الـ«فالنتاين»، كيف كان لهما أن يحتفلا بهذا اليوم. لكل شخص وعاشق طريقته بالتعبير عن عواطفه وأشواقه، وما من شك، أن قيس ما كان ليفوّت مثل هذا اليوم، وبالتأكيد لن يذهب إلى معشوقته ليلى بدون قصيدة حب.. بكلمات حمراء ربما!
Leave a Reply