هذا الشهر حافلٌ بالمواعيد والاحداث الهامَّة.. فعيد العُمَّال حلَّ هذا العام في الأوَّل من أيَّار (مايو) والبلد السائب متل «المي بالطلوع». الحالة العمَّالية الى تراجع والاقتصاد ارتدَّ على آثاره قصَصَاً. أصلاً لا أحد في بِأْس الوطن يُفكِّر في شيءٍ أسمُه عَمَل وعُمَّال. بلدٌ معادٍ للطبقة العُمَّالية منذ ولادته الجهيضة على يد القابلة الفرنسية غيرالقانونية عندما استَلَم بشارة الخوري الرئاسة نتيجة صفقة (deal) مع توأمه رياض الصلح كانت تجارة كاذبة جائرة لكلِّ مُكوِّنات المجتمع الأخرى سُمِّيَتْ «الميثاق الوطني». بشارة الخوري الذي يسمُّونه أحد آباء «الاستقلال» في كتاب التاريخ المُزوَّر الذي درَّسونا ايَّاه، أطلق العنان لشقيقٍ له إسمه سليم فَفَلتَ على البلد مثل الثور الهائج وجمَّع ثروةً بالفساد لدرجة إنَّه لُقِّبَ بالسلطان سليم.
وهكذا كرَّتْ سبحة الرؤساء وأولادهم أو إخوانهم أو أحدَ المُقرَّبين من حاشيتهم إلى أنْ وصل الأمر إلى الساكن الحالي في قصر بعَبدا، الذي يعيش آخر سنة من ولايته المليئة بالإنجازات الرهيبة التي نهضَتْ بالعُمَّال والبلد الى أعلى مصاف. فمنذ إضراب العُمَّال في «معمل غندور» الذي وقع ضحيته عُمَّالٌ أبرياء الى سلسلة الرتب والرواتب، يبدو أنَّ «شِبه الوطن» عنده حساسية ضد العُمَّال ومُنحاز الى أرباب العمل والمُحتكرين والاتحاد اللا عمالي وطبقة ٤ بالمئة من حيتان المال والسُلالات الحاكمة لا أبقاها الله في ديار أحَد!
وفي السادس من أيَّار تصادف ذكرى «الشهداء» الذين «طحلونا» بهم في الكتب المدرسيَّة حتى تبيَّن لنا أنَّهُم عملاء أرادوا إخراج البلد المزرعة من يد المجرم العثماني المُستعْمِر الى يد الناهب الفرنسي القاتل! وفي السابع من أَّيار ايضاً حَصَلَتْ «التأديبة» التي طالَ انتظارها ضد حُكم السنيورة وإبرائه المُستحيل وحكومته غيرالشرعية التي تسبَّبت بثلاثة أرباع المشاكل التي يعاني منها الشعب اليوم.، وذلك بعد التواطؤ السافر والعلني ضد المقاومة وسلاح اشارتها! هذا الإجراء من المقاومة كان مطلوباً بعد أنْ بلغ السيل الزبى.
واليوم، بعد أنْ خلقَت هذه التأديبة الايَّارية عقدةً لدى الزرقاويين وفرَّخَتْ طُفيليين وكراكوزاً ومُهرِّجاً في صيدا، وبعد أنْ بلغَتْ المؤامرة على سوريا حدَّها الأقصى بشكلٍ يُهدِّد بإنهاء القضيَّة الفلسطينية ويمحي القدرة والتصدِّي السوريَّيَن على الوقوف في وجه العدوُّ التاريخي وسط تلهِّي العرب أو مُشاركتهم بالتآمُر، لا بُدَّ من انتفاضة جديدة تقوم بها المُقاومة في هذا المُنعطف الخطِر من أجل منع تصفية الأمل الأخير بالانتصار على العدو بكافَّة أشكاله. من هنا يكْتَسَبْ خطاب السِّيد حسن نصرالله أهميَّةً بالغة. لقد جاء الخطاب في وقته بعد أنْ أفصحتْ إسرائيل عن تدخُّلها الفاضح في سوريا الى جانب الغرب والتكفيريين القَتَلة، وهي تُعدُّ العدَّة من اجل المشاركة في ضرب سوريا عسكرياً ونفيها عن خارطة النفوذ والدوَل! رسالة السيِّد نصرالله كانت موَجَّهة أوَّلاً الى العدو الذي تساورُه نفسه بضربةٍ عسكريةٍ مباغتة ضد ايران ومفاعلها النووي أو ضد سوريا من أجل تعويض التكفيريين على الهزائم المنكرة التي يتكبَّدونها على يد الجيش العربي السوري الذي قطَّع أوصالهم وأماكن تواجدهم. رسالة السيد إنَّ لا تحاول أنْ توهم إسرائيل نفسها بارتكاب حماقة التورُّط العسكري لانَّ هذه المرَّة لن تكون نُزهة فعلاً والمخاطر على الكيان من استعداد المقاومة ومفاجآٓتها لن تكون له قدرة له على تحمُّلها. وهذا الرُّعب الإسرائيلي من ردٍ إيراني أو من المقاومة هو الذي يمنع العدو من الإقدام على هذه الخُطوة ويمنع أميركا من الموافقة عليها وهذا ما عزَّزه تحذير السيِّد.
الرسالة الثانية كانت موجَّهة للداخل بعد أنْ نَفَذَ صبر المقاومة من سياسة «الَّلعي بالنفس» من قبل التوأمَين الوسطييِّين التي تضمَّنَتْ اعتبار إنَّ سوريا ساقطة قريباً بناءً على مُعطياتٍ غربية وعربية وبالتالي التصرُّف على أساس مُعاداتها وتَرْك السلفيين يعيثون فساداً ومرتعاً ووجوداً في لبنان وغَضّ الطرف عن التدخُّل العسكري الزرقاوي والعقاب صَقَري ضدَّالنظام السوري، مقابل التشكِّي والتظَّلُم منه عند الدفاع عن نفسه على الحدود خلافاً لكل مواثيق الأخُوَّة والتعاون التي ما زالت جارية مع سوريا. لقد اوحى خطاب السيِّد ان الجرَّة انكسرت مع ميشال سليمان الذي انضمَّ الى فريق حنيكر وعلناً. الرسالة التي بعثها السيِّد مفادها كما كانت عشية «٧ أيَّار»، لقد طفح الكيل من قصف الهرمل والقرى المحاذية على الحدود وخطف اللبنانيين في اعزاز وانتهاك المدن اللبنانية ومحاولة تدميرالمقدَّسات من اجل الفتنة المذهبية وتقسيم سوريا وبيع قضية فلسطين، فالمُقاومة لم تعد تلتزم بالخطوط الحُمر عندما تُصبح المسألة مسألة وجود ومصير المنطقة برُمَّتها.
إنِّي أرى رؤوساً «ربيعية» قد أينعت وحان قطافها!
Leave a Reply