إسرائيل تنسحب من القطاع بعد 22 يوما من العدوانآلاف الشهداء والجرحى ودمار هائل…
غزة – بعد 22 يوما من العدوان الغاشم على غزة قتل وجرح خلالها أكثر من 7000 فلسطيني ودمرت آلاف المباني أعلنت إسرائيل الأربعاء الماضي أنها أتمت انسحابها من القطاع بعد أيام قليلة من إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد وذلك بالتزامن مع تنصيب باراك اوباما بمحاولة لتجنب أي توتر مع الرئيس الاميركي الجديد، بينما أستأنفت الحكومة الفلسطينية المقالة أعمالها في القطاع. وقد احتشد عشرات الالاف من أهل مدينة غزة للاحتفال بـ«انتصار المقاومة على قوات الاحتلال الاسرائيلي». وملأ المتظاهرون ميدانا يقع في وسط المدينة ويواجه مبنى البرلمان الفلسطيني المدمر حيث راحوا يلوحون بأعلام حماس الخضراء ويرددون شعارات النصر على اسرائيل. كما ردد أنصار حماس شعارات تندد بإسرائيل وعدد من الدول العربية اعتبروها متواطئة معها.الانسحاب الإسرائيليوقال الناطق باسم الجيش المنسحب إنه «بحلول صباح الأربعاء غادر آخر جنود من قوات الدفاع الإسرائيلية قطاع غزة، وانتشرت القوات خارج غزة وهي مستعدة لأي أحداث». إلا ان الزوارق الحربية الإسرائيلية أطلقت عشرات القذائف وواصل الطيران تحليقه فوق غزةوعلق المتحدث باسم حماس فوزي برهوم على إعلان الإسرائيليين إتمام انسحابهم بالقول إن ذلك «ليس كافيا لحل الأزمة» داعيا إلى رفع الحصار المفروض على القطاع وفتح كل المعابر.وأعاد الجيش الإسرائيلي أعاد انتشار قواته بالقطاع، لكنه لوحظ استمرار إطلاق النار من قبل الزوارق الحربية في ساحل شمال القطاع كما استمر التحليق المكثف فوق غزة.وأوضح الناطق باسم الداخلية بغزة إيهاب الغصين أن الأوامر أعطيت للأجهزة الأمنية بمواصلة متابعة الطابور الخامس (العملاء) وضربهم بكل قوة. وأضاف أنه تم اعتقال العشرات «من العملاء الذين حاولوا ضرب المقاومة وإعطاء معلومات للاحتلال عن المقاومين».في غضون ذلك قالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إنها المعنية بهذه الحملة، لكن تصريحات الحكومة في غزة لم تشر إلى فتح بشكل محدد.وأصدرت فتح بيانا بعد انتهاء الحرب التي دامت 22 يوما قالت فيه إن أجهزة الأمن في غزة شنت حملة ضد أعضائها شملت «إطلاق الرصاص على أقدام (أبناء فتح) وارتكاب جرائم إعدام وحشية ورميهم بين الأنقاض والدمار» الذي خلفه الاحتلال في قطاع غزة.وناشد البيان السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس بالتدخل، في حين نفى الغصين من غزة هذه التصريحات قائلا إن الأجهزة الأمنية بدأت في تعقب المشتبه في تعاونهم مع إسرائيل.في هذه الأثناء أعلنت الحكومة المقالة أن كثيرا من الموظفين عادوا للعمل بوزارات نجت من القصف بينها وزارة التعليم، بينما انتشرت عناصر الشرطة بالشوارع وقامت بتنظيم المرور وحراسة المباني الحكومية.من جهة أخرى، قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن تحقيقا فتح داخل الجيش بشأن استخدامه القنابل الفسفورية ضد غزة بصورة مخالفة للقوانين الدولية.وأضافت المصادر أن هناك أدلة على استخدام إحدى وحدات الاحتياط تلك القنابل بحادثتين كانت إحداها ضد مدرسة تابعة للأونروا مما أدى لمقتل أكثر من أربعين فلسطينيا. وفي حادثة أخرى، أصابت ضابطين إسرائيليين خطأ.وكانت إسرائيل ادعت أن استخدام القنابل الفسفورية تم بصورة لا تخالف القانون الدولي.هذا وتواصل الطواقم الطبية وهيئات الإغاثة في غزة إزالة الأنقاض ورفع جثث الشهداء الذين قتلوا في الحرب. كما لا تزال عائلات كثيرة تبحث عن أبنائها المفقودين.المعابرمن جهة أخرى أعلنت إسرائيل أنها قررت فتح معبري المنطار وكرم أبو سالم لإدخال الإمدادات الإنسانية إلى القطاع. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن مائتي شاحنة محملة بالأغذية والأدوية دخلت لأول مرة القطاع منذ بدء الحرب، وأشارت إلى أنه سيعاد أيضا فتح معبر ناحل عوز (الشجاعية) لإدخال الوقود ومشتقاته للقطاع. مشعل يؤكد انتصار المقاومة من جهته، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن المقاومة انتصرت وانتصر معها الشعب الفلسطيني على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.وقال خالد مشعل في كلمة متلفزة ألقاها بمناسبة الانسحاب الإسرائيلي على قطاع غزة إن هذا «الانتصار جاء أكبر وأوضح من مزاعم المعتدين وتشكيكات المتخاذلين»، وأشار إلى أن إسرائيل اضطرت لوقف النار والانسحاب بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من العدوان دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها.وذكر زعيم حماس بأن إسرائيل قبل الحرب على غزة وبعدها حاولت فرض شروطها لدفع الفلسطينيين للاستسلام ولكنها لم تنجح في ذلك.واعتبر مشعل أن ما جرى في غزة هو أول حرب ينتصر فيها الشعب الفلسطيني على أرضه ضد عدوه، وذكر أن ذلك سيشكل نقطة تحول في مسيرة شعبنا وتؤسس لإستراتيجية فاعلة لتحرير فلسطين. ورأى مشعل أن تحرير فلسطين لم يعد مجرد حلم بل أصبح واقعا يمكن أن نراه.وفي تدليله على فشل إسرائيل في عدوانها قال رئيس المكتب السياسي لحماس إن النجاح المزعوم لإسرائيل تمثل في قتل المدنيين وخاصة الأطفال والنساء وتدمير المباني السكنية والمدارس والمساجد ومقار الأمم المتحدة.وأكد مشعل أن المجازر التي ارتكبها الإسرائيليون هي أكبر دليل على فشل إسرائيل لأنها جاءت للتغطية على فشله في تحقيق أهدافه ضد المقاومة.
إعادة الإعماروبينما تحدث عن الآلام والمعاناة التي تسبب بها العدوان على غزة، فقد أطلق مشعل وعودا للفلسطينيين بأن حماس والحكومة المقالة ستتحملان مسؤولياتهما كاملة تجاه الشعب الفلسطيني.وقال «سوف نداوي الجرحى جميعا»، ودعا الدول العربية والإسلامية للمساهمة في علاج الجرحى.وأضاف أن الحركة سوف تتحمل أيضا المسؤولية تجاه المشردين وأن قياداتها تتحرك لإنجاز مشاريع الإيواء والتعمير في غزة.وأكد أن هناك مسارين للحركة بهذا الخصوص «الأول عاجل، سوف نقدم لعوائل الجرحى والشهداء مبالغ محددة نترك تفاصيلها عند حكومة إسماعيل هنية، والثاني برنامج إعمار شامل».وشكر مشعل كل الدول العربية التي قدمت مساعدات للشعب الفلسطيني، ولكنه قال إن هذا المال «يجب أن يدقق في أين يوضع ولا يوضع بأيدي الفاسدين»، مشيرا إلى أن هناك خيارين للحكومات المساهمة: الأول أن تقوم هذه الحكومات بتسليم المساعدات للحكومة المقالة تحت إشراف ورقابة هذه الدول، أو أن تتولى هذه الدول المانحة ذلك مباشرة.وأكد مشعل أن «النصر العظيمز في غزة شاركت فيه ثلاثة أطراف هي المقاومة بكل أجنحتها، والشعب الذي التحم معها، والأمة العظيمة التي انتصرت لغزة وللمقاومة ضد العدوان وأجبرت العدو على وقف عدوانه والانسحاب من غزة، وبقيت معركتان هما كسر الحصار وفتح المعابر وعلى رأسها معبر رفح».وطالب مشعل المقاومة بأن «تظل أيديها على الزناد، فالعدو مخادع ولا يزال يرغب في الانتقام لهزيمته في لبنان وغزة».مصالحة على أساس المقاومةوتطرق مشعل للمصالحة الفلسطينية التي قال إنها يجب أن تقوم على قاعدة المقاومة وليس المساومة وتضييع القدس واستمرار الاستيطان.وأضاف أن «لا مصالحة على أساس التسوية والمفاوضات»، وطالب السلطة الفلسطينية بالإفراج عن المعتقلين والتعامل مع المقاومة على أنها سلاح شرعي، كما طالب الغرب بالتوقف عن محاولات إقصاء حماس.وفي نهاية خطابه دعا رئيس المكتب السياسي لحماس الدول العربية والصديقة لمحاكمة قادة إسرائيل كمجرمي حرب مثل ما جرى مع مجرمي صربيا والبلقان.القسامأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ان ما خسرته في الهجوم العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة «ضئيل جدا»، موضحة ان 48 من مقاتليها استشهدوا وان قوتها الصاروخية لم تتأثر. وكانت اسرائيل ذكرت انها قتلت 500 من مقاتلي الجناح العسكري لحركة حماس خلال هجومها الذي بدأ في 27 كانون الأول (ديسمبر). وقال الناطق باسم كتائب القسام ابو عبيدة في مؤتمر صحفي في غزة ان «ما خسرناه من امكانياتنا العسكرية في هذه الحرب هو ضئيل وقليل جدا وقد قمنا بترميم ما فقدناه اثناء الحرب وقبل انتهائها». واضاف «نزف استشهاد 48 مجاهدا من ابطال القسام في المعارك البطولية الرائعة وغير المتكافئة التي خاضوها» منذ بدء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة.من جهة اخرى، قال ابو عبيدة «تقديراتنا ان عدد قتلى العدو لا يقل عن ثمانين جنديا في ارض المعركة».واوضح انه «خلال المعارك رصدنا وبكل دقة عمليات قتل 49 جنديا صهيونيا بشكل مباشر وجرح المئات ناهيك عن العمليات التي لم يتم فيها مشاهدة القتلى بشكل مباشر مثل قصف اماكن تجمع الجنود الصهاينة بالقذائف واستهداف الدبابات وقنص الجنود». واضاف «نتحدى الجيش الصهيوني ان يعلن عن خسائره الحقيقية في هذه المعركة» متهما اسرائيل بفرض الرقابة العسكرية «للتضليل والحفاظ على المعنويات المنهارة لجيشها المهزوم الذي يخوض حربا لا أخلاقية وبدون هدف او عقيدة».واتهم ابو عبيدة الجيش الاسرائيلي بانه «حاول التغطية على فشله وهزيمته بارتكاب مجازر ضد المدنيين الأبرياء والعزل وبقصف من الجو بطائرات لا تستخدم إلا في الحروب بين الدول العظمى».ومن جهتها تقول إسروائيل انها نجحت من خلال هجوم استمر 22 يوما في انهاك الذراع العسكرية للحركة عبر استشهاد العديد من قادتها وايضا، وبشكل خاص، عبر تدمير قسم كبير من الانفاق التي يستخدمها ناشطوها في تهريب الاسلحة من مصر الى القطاع. وبحسب الجيش الاسرائيلي فان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لم تظهر في ميدان القتال على المستوى الذي كانت تدعيه وخسرت اكثر من 500 من مقاتليها مقابل 13 عشر قتيلا اسرائيليا سقطوا خلال الحرب ثلاثة منهم من المدنيين.دمار هائلوترك الهجوم الاسرائيلي البنية الاساسية في غزة في حالة دمار وتقدر تكاليف اصلاحها حسب تقديرات مكتب الاحصائيات الفلسطيني بنحو 1,9 مليار دولار.وقالت حماس انه تم تدمير خمسة الاف منزل و16 مبنى حكوميا و27 مسجدا ولحقت أضرار بنحو 20 الف منزل. وقالت اسرائيل ان الناشطين كانوا يخفون الاسلحة داخل المساجد.وقال مسؤولون طبيون في غزة ان من بين القتلى الفلسطينيين 700 مدني على الاقل. وقالت اسرائيل التي اتهمت حماس بتعريض غير المقاتلين للخطر من خلال العمل في مناطق مزدحمة بالسكان ان مئات الناشطين من بين القتلى.على مدى 22 يوما، اسفر الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة عن استشهاد 1315 فلسطيني على الاقل، بينهم 410 اطفال و801 نساء، فضلا عن اكثر من 5300 جريح، بحسب اجهزة الاسعاف والطوارىء في غزة.وفي جنيف حذرت مارغريت تشان رئيسة منظمة الصحة العالمية من ازمة صحية تلوح في لافق لعدد كبير بين 1,5 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع الذي يقع بين اسرائيل ومصر. وقالت تشان انها تشعر «بقلق شديد» بشأن وقف حملة التحصين والرعاية الصحية الاخرى اللازمة لانقاذ حياة السكان في الاراضي وعدم توفر أكثر من 2000 سرير بالمستشفيات في غزة.إسرائيلوشنت اسرائيل هجومها بتعهد «بتغيير الواقع» في البلدات الحدودية التي استهدفتها نيران الصواريخ من حماس ومنظمات فلسطينية اخرى منذ عام 2001.وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود ولمرت ان المهمة انجزت مشيرا الى الجهود الدبلوماسية التي قامت بها الولايات المتحدة ومصر ودول اوروبية لمنع اعادة تسليح حماس. وتعهدت اسرائيل بالرد على أي تدفق جديد للاسلحة الى غزة.وقال تساحي هنغبي وهو حليف لاولمرت ونائب بالكنيست لراديو اسرائيل «لقد خلقنا معادلة جديدة بموجبها لم تعد (الصواريخ) فقط تمثل استفزازا ضد اسرائيل وانما ايضا عملية اعادة التسليح سينظر اليها على انها حافز لعملية (عسكرية اسرائيلية)».وانتهى القتال قبل اسابيع فقط من انتخابات اسرائيلية ستجري في العاشر من شباط (فبراير). ومازال حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو يتقدم السباق لكن حزب العمل الذي يتزعمه وزير الدفاع ايهود باراك اكتسب شعبية.
Leave a Reply