واشنطن – «صدى الوطن»
أكدت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تفوقها على منافسها بيرني ساندرز في الجولة الأخيرة من الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، بعد فوزها، الثلاثاء الماضي، بأربع ولايات من أصل ست خاضت فيها منافسة شرسة مع سناتور فيرمونت الذي يرفض التسليم بهزيمته رغم الفوز العريض الذي حققته كلينتون في كاليفورنيا ونيو جيرزي اللتين كان يعول عليهما المرشح اليساري لقلب الطاولة على مرشحة الحزب المدللة.
وأمام تمسك ساندرز بترشيحه حتى النهاية، وجد الرئيس باراك أوباما نفسه مضطراً للتدخل ورأب الصدع داخل الحزب الديمقراطي استعداداً لمواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حيث عقد أوباما صباح الخميس الماضي اجتماعاً مع سناتور فيرمونت في البيت الأبيض، أعلن بعده رسمياً دعمه لترشيح كلينتون لكنه لم يتمكن من إقناع ساندرز بالانسحاب من السباق قبل انعقاد مؤتمر الحزب، الشهر القادم.
وقال أوباما في رسالة عبر الفيديو بثت بعيد لقائه ساندرز: «أنا معها»، في إشارة الى كلينتون التي تستخدم هذا الشعار لحملتها، وهنأها لكونها «صنعت التاريخ».
وأعلن أوباما أنه سيشارك كلينتون في حملة انتخابية في ويسكونسن الأسبوع المقبل.
ساندرز صرح، عقب الاجتماع مع أوباما الذي استغرق أكثر من ساعة، بأنه عازم على مواصلة خوض آخر جولات الانتخابات التمهيدية في العاصمة واشنطن يوم الثلاثاء القادم غير أنه تعهد بالعمل مع هيلاري للتصدي للمرشح الجمهوري المفترض الملياردير دونالد ترامب.
وقال ساندرز إنه يتطلع إلى لقاء هيلاري قريبا لرص الصفوف من أجل مواجهة ترامب لكن من دون تحديد موعد للقاء، مؤكداً أن رئاسة يتولاها ترامب ستكون «كارثة».
وكانت كلينتون قد تمكنت من جمع العدد المطلوب من المندوبين لضمان ترشيح الحزب الديمقراطي قبل الجولة الأخيرة من السباق، غير أنها نجحت الثلاثاء في توسيع الفارق مع ساندرز بعد فوزها بولايات كاليفورنيا ونيو جيرزي ونيو مكسيكو وساوث داكوتا، فيما تمكن ساندرز من انتزاع الفوز بولايتي نورث داكوتا ومونتانا متعهداً بالاستمرار «حتى النهاية»، رغم تهنئة أوباما لمنافسته على حسمها السباق الديمقراطي.
عناد ساندرز
ويعود تمسك ساندرز بعدم الاعتراف بالهزيمة أمام كلينتون، لأن الفارق بينه وبينها يمكن أن يعدّله المندوبون الكبار Superdelegates، وهم كبار سياسيي الحزب من الاعضاء المنتخبين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب وحكام الولايات ويمكنهم تغيير قرارهم في أي وقت، ولدى هؤلاء 712 صوتاً كفيلة بقلب المعادلة لصالح ساندرز الذي حصل على تأييد 48 منهم ففقط مقابل 574 لكلينتون، مما أوصل رصيد الأخيرة الى 2777 مندوباً مقابل 1876 لساندرز.
ولذلك يؤكد ساندرز أن منافسته لا يمكنها أن تعلن فوزها قبل مؤتمر الحزب الديمقراطي المقرر في فيلادلفيا بين 25 و28 تموز (يوليو) المقبل.
غير أن كلينتون ترجهت في رسالةٍ بالبريد الإلكترونيّ، إلى مؤيّديها بالقول «معاً ضمنّا التّرشّح عن الحزب الديمقراطي» وذلك بعد صدور النتائج النهائية لمنافسات «الثلاثاء الكبير الأخير».
وأشادت كلينتون بـ«الحدث التاريخي» للنساء في الولايات المتحدة، وتوجّهت إلى مؤيّديها بالقول «بفضلكم وصلنا إلى هذه المرحلة المهمة، هذه المرّة الأولى في تاريخ بلدنا تنال فيها امرأة ترشيح أحد الحزبين الكبيرين».
وأكّدت، في كلمةٍ أمام مؤيّديها في بروكلين بنيويورك، أنّ «الفوز هذه الليلة ليس لشخص، بل إلى جيل من النساء والرجال الذين قاتلوا وضحوا وجعلوا هذه اللحظة ممكنة».
وتعهدت بالعمل على تحقيق «العدالة الاقتصادية وتعزيز المشاركة السياسية وتمكين المرأة وخلق الجسور للتواصل وليس لإحداث فرقة». وكررت قولها إن المرشح الجمهوري دونالد ترامب «ليس مؤهلا للرئاسة»، بسبب تصريحاته عن الأميركيين من أصول مكسيكية والمسلمين والمرأة.
وفازت كلينتون بولاية كاليفورنيا بعد حصولها على 1.9 مليون صوت مقابل 1.5 لساندرز.
وقد تصبح كلينتون -وزيرة الخارجية السابقة وهي أيضاً عضوة سابقة بمجلس الشيوخ الاميركي- أول إمرأة على الاطلاق يرشحها حزب سياسي رئيسي للرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة الذي بدأ قبل 239 عاما.
لكن حملة ساندرز توعدت بمواصلة المعركة في السباق الرئاسي الذي كشف عن صدوع عميقة بين الجناح اليساري والجناح الاكثر وسطية في الحزب الديمقراطي.
وقال ساندرز، خلال تجمّعٍ في سانتا مونيكا بكاليفورنيا، «سنكافح بجدّ للفوز في انتخابات الثلاثاء المقبل في واشنطن العاصمة» (آخر جولة تمهيدية)، مشدّداً على مواصلة «معركتنا من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية والعرقية والبيئية في فيلادلفيا»، حيث يعقد الحزب الديمقراطي مؤتمره لتعيين مرشح رسمي سينافس الجمهوري دونالد ترامب على الرئاسة.
ويريد ساندرز تنازلات من كلينتون والحزب الديموقراطي حول جدول أعمال السنوات الأربع المقبلة، وإصلاحات انتخابية ترتبط بدور القيادة في تسمية المرشح والتبرعات المادية.
أوباما لرأب الصدع
إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أنّ الرّئيس الأميركي باراك أوباما هنّأ كلينتون على حصولها على عدد المندوبين الّذي تحتاجه لكي تصبح مرشّحة الحزب الدّيمقراطي.
وقال أوباما، الأربعاء الماضي، إنه يأمل بأن تلتئم الانقسامات بين الديمقراطيين خلال الأسبوعين المقبلين، بعد حملة انتخابية حامية. وحذر الرئيس الأميركي خلال مقابلة مع المذيع جيمي فالون من المرشح المفترض للحزب الجمهوري دونالد ترامب قائلا إن الانتخابات الرئاسية ليست برنامجاً لـ«تلفزيون الواقع».
واتصل أوباما بكلينتون وكذلك منافسها ساندرز. وهنأ كلا منهما لإجرائهما «حملتين انتخابيتين ملهمتين» وكذلك بظهور «جيل جديد من الأميركيين في العملية السياسية للبلاد»، شاكراً كلينتون وساندرز على لفت انتباه الأميركيين إلى أفكار سياسية مهمة، لكن تأخر عن إعلان دعمه رسمياً لكلينتون الى ما بعد لقائه ساندرز بحضور نائبه جو بايدن.
وقال أوباما، في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية السابقة، إن حملتها التاريخية ألهمت الملايين وتمثل امتدادا لنضالها على مدى حياتها من أجل مصالح الطبقة الوسطى والأطفال. كما شكر ساندرز على تشجيع ملايين الأميركيين من خلال سعيه إلى معالجة قضيتي عدم المساواة وتأثير الشركات العملاقة على السياسة الأميركية.
وليس سراً أن أوباما يتوق الى دخول المعركة الانتخابية لمصلحة كلينتون التي ستستفيد من دعم الرئيس الذي يتمتع بشعبية جيدة نسبياً وخصوصاً في اوساط الفئات التي انتخبته مرتين والتي تحتاج اليها كلينتون للفوز، أي الاميركيين ذوي الأصل الافريقي والاميركيين اللاتينيين والنساء. وسوف يكون الرئيس أوباما، الذي يستمتع بالنشاطات الانتخابية، عاملاً مهماً في تعبئة القاعدة الديمقراطية، وفي جذب شريحة مهمة من اصوات الناخبين المستقلين لايجاد ائتلاف مشابه لذلك الذي شكّله قبل ثماني سنوات والذي أوصله الى البيت الأبيض.
وضمن كلينتون وترامب في الواقع ترشيح الحزبين الديمقراطي والجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. إلا أن ترشيحهما سيتم رسميا في مؤتمري الحزبين في تموز المقبل، حيث من المتوقع الإعلان عن اسمَي المرشحَين لمنصب نائب الرئيس عن كل حزب.
الأصوات الشعبية
وفي نهاية الانتخابات في جميع الولايات الأميركية، باستثناء العاصمة واشنطن، التي سيعقد فيها الديمقراطيون جولة ختامية يوم الثلاثاء القادم، وصل مجموع الأصوات التي حصلت عليها كلينتون في السباق الديمقراطي الى 15.7 مليون صوتاً مقابل 12 مليوناً لساندرز.
أما على الجانب الجمهوري فقد حصل ترامب على 13.3 مليون صوتاً بفارق 5.6 مليون صوتاً عن أقرب منافسيه، سناتور تكساس تيد كروز.
Leave a Reply