كوثر الجوعان: المرأة الكويتية استطاعت ان تثبت جدارتها على الصعيد السياسي

حصلت على جائزة القيادات النسائية العربية من الـ«اي دي سي»

ديربورن – خاص «صدى الوطن»

قد تكون مشاركة المرأةِ الرجلَ في الحياة السياسية لأي مجتمع الدليل الاقوى على صحتة. فإلى اي مدى نستطيع ان نصف المجتمعات العربية بالصحية؟ بل الى اي مدى يجب ان تتوغل المرأة في الحياة السياسية فتمنح المجتمع عافيته: وهل نجحت النساء العربيات في ذلك؟ ربما لا معيار واضح يمكن القياس عليه كما انه من الصعب مقارنة الحركات النسوية العربية بمثيلاتها في الدول غير العربية لنقف على مدى نجاحها. وتنبع صعوبة المقارنة من امرين:ان المجتمعات العربية تتميز، اولا، بالذكورة المفرطة؛ وتتميز ثانيا، بانكار مجتمع الرجال على النساء منازعتهم القرار السياسي. ثم ان الامر يزداد صعوبة في حالة الدول العربية خصوصا وان كثيرين من مناهظي اشراك المرأة يحتجون بالنصوص الدينية والتقاليد العربية ليشكلوا منها قفصا من افكار يحتجزونها في داخله! ويبقى على المرأة العربية ان تمارس نضالها على اكثر من مستوى: 1- مستوى فكري ديني يحرر النصوص الشرعية من عبء التراث الذكوري؛ 2- ومستوى عملي يبحث عن حلول لمشاكل اجتماعية اسرية يحرر المرأة من سطوة الرجل؛ 3- ومستوى اخير سياسي يثبت اهلية المرأة على منازعة الرجل سلطته السياسية لإيجاد مكان لها قربه في المجالس البرلمانية.

كوثر الجوعان

وهي مستويات ليست بالسهلة وبالتالي، وطبقا لظروف المجتمعات العربية، يبقى اي انجاز في تلك المجالات المتقدمة نجاحا جيدا يضاف الى النجاحات المتراكمة يمكن ان تكون انطلاقة لمشاركة المرأة الرجل في المجالات المتعددة لاسيما صناعة القرار السياسي. وفي الكويت، صاحبة اول برلمان منتخب مباشرة من قبل الشعب بين دول الخليج العربي، ساهمت المرأة في المجتمع بدور متميز منذ تأسيس الدولة الحديثة في اوائل ستينيات القرن الماضي. ولعبت الحركة النسوية دورا هاما في المطالبة بحقوقها ومنحها دورا في مجالات العمل او في الحياة السياسية. وخاضت المرأة الكويتية معارك اعلامية كانت ساحتها الصحف المحلية لشرح وجهة نظرها لمشاركتها في الحياة الاجتماعية والسياسية وللرد على المحافظين المحتجين بالنصوص الدينية التي فهموها حثّا للمرأة على ملازمة المنزل والاحجام عن الخروج للعمل. ولم تتوقف المعارك عند صفحات الصحف بل تعدتها الى داخل مجلس الامة بين الليبراليين المساندين لانخراط المرأة في العمل من جهة والمحافظين، من جهة اخرى، الذين ربما يخشون ان تُخسرهم مشاركة المرأة في التصويت والترشح مواقعَهُم السياسية على الاخص وان اعطاء الحق للمرأة في التصويت سيرفع اعداد الناخبين الذين يحق لهم الادلاء باصواتهم من حوالي 140 الف ناخب الى 340 الفا (اي بزيادة 242 بالمئة) في حال تسجلت كل الناخبات للتصويت وذلك بالطبع قد يقلب موازين القوى السياسية. (بلغت نسبة اصوات الناخبات المسجلات لسنة 2006، 57 بالمئة من من مجمل الناخبين).ورغم ان الدستور الكويتي في صيغته الواضحة لا يفرق ما بين النساء والرجال في الحقوق الا ان القانون الانتخابي في مادته الاولى يضع الذكورة شرطا للانتخاب والترشح معا مما يمنع المرأة حقا دستوريا. وتقول السيدة كوثر الجوعان انه كان هناك 12 محاولة نيابية تقدم بها اعضاء مجلس الامة لالغاء المادة الاولى من القانون الانتخابي لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها السياسية. وتعدد السيدة الجوعان اسباب احتجاجات المحافظين من انها في البداية كانت حجج اجتماعية ثم اصبحت دينية ترى عدم مشاركة المرأة في تمثيل الامة لأن عمل النائب هو من باب الولاية التي لا تصح للمرأة ورأي بعض النواب ان الشريعة الاسلامية تمنع المرأة من المشاركة السياسية. لكن من وجهة نظر السيدة الجوعان والنساء الناشطات هي انه ليس هناك نص شرعي صريح قطعي الثبوت والدلالة يمنع المرأة من المشاركة .كما ظهرت أراء وسطية لرجال دين تساند حق المرأة بالاضافة الى التوعية والندوات وكتابات في الصحف اليومية شكلت نوعا من الوعي ردا على هذه الأراء.وتطور الوضع شيئا فشيئا فمنذ صدور الدستور حتى عام 1999 لم يكن هناك اي مشروع قانون من قبل الحكومة لتغيير المادة الاولى من قانون الانتخاب والتي لا تمنح حق التصويت الا للرجال وكان موقف الحكومة حياديا ربما لأن الوقت لم يكن مناسبا في وجهة نظرها. وتضيف السيدة الجوعان انه «في أيار (مايو) 1999 اصدر صاحب السمو الراحل الشيخ جابر الاحمد الرغبة الاميرية الثانية لتمكين المرأة ممارسة حقوقها السياسية معتبرا ان الوقت قد حان لذلك وكان على اثرها صدور مشروع لالغاء المادة الاولى من قانون الانتخابات وكان تحرك السلطة التنفيذية وعلى رأسها امير البلاد دافعا قويا لكل قطاعات المجتمع كي تتحرك بقوة في ذلك الاتجاه وتبع ذلك نقاش حاد في مجلس الامة». ورغم ان المرسوم سقط في تلك الجلسة النيابية الا ان مجرد نقاش الموضوع في مجلس الامة الكويتي رفع القضية الى مستوى غير مسبوق وكان اعترافا من قبل الحكومة الكويتية ان هناك خلل في قانون الانتخاب.ومع ان المرأة كانت موجودة فعلا في كل مجالات القرار من سفيرة (في فيينا مثلا) الى مديرة جامعة وغيرها لكن عدم وجودها في مناصب تشريعية ابقاها دون كامل حقوقها السياسية. وتقول السيدة الجوعان ان «المجتمع والنساء الناشطات تحرك قانونيا وانا تقدمت بدعاوى الى المحكمة الادارية لعدم قدرتنا على تسجيل اسمائنا في اللوائح الانتخابية ثم عملت على ان يقوم رجل وهو السيد عدنان العيسى كونه يملك الحق في الطعن في قانون الانتخابات بتقديم الدعوى باسمه ووصلت القضية الى المحكمة الدستورية للنظر في دستورية قانون الانتخاب لكن الدعوى ردت شكلا».وفي العام 2003 حققت النساء انتصارا بعد ان اسفر تحركهن عن اضافة مادة في قانون الانتخاب البلدي تسمح بمشاركة المرأة في عمليات انتخابات المجالس البلدية، وفي العام 2005 قام وفد نسائي كانت السيدة كوثر الجوعان مشاركة فيه قمن بمقابلة امير البلاد ومناقشة امكانية تقديم مشروع لتعديل قانون الانتخاب لمجلس الامة (المجلس النيابي) والمحاولة مرة ثانية. وقامت الحكومة، بالفعل، في مايو 2005 بمفاجأة الجميع بتقديم المشروع وطلبت التصويت عليه وتمت الموافقة على الغاء المادة الاولى من قانون. وتتابع السيدة الجوعان ان ازدياد اهمية المرأة الكويتية اسفر عن تعيين اول وزيرة لدولة الكويت عام 2005 وهي الدكتورة معصومة مبارك في وزارة التخطيط ثم في العام 2007 عينت الاستاذة نورية الصبيح في وزارة التربية. وقبل ذلك كان تعيين عدد من السفيرات الكويتيات. وتؤكد الجوعان ان المرأة الكويتية اثبتت جدارتها على كل الاصعدة لا سيما السياسية.

الجوعان فـي سطورتشغل المحامية الكويتية كوثر عبدالله الجوعان منصب سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة.والجوعان محامية مختصة بالقضايا الدستورية والمحكمة العليا الكويتية، راكمت في مهنة المحاماة 30 سنة في قضايا الحقوق المدنية وقضايا المرأة على المستوى المحلي والعالمي. مثلت دولة الكويت في اكثر من قضية على جانب من الاهمية في الأمم المتحدة وشاركت في العديد من المؤتمرات العربية الرسمية وغير الرسمية بما في ذلك مؤتمر الامم المتحدة العالمي للمرأة في المكسيك في العام 1975، مؤتمر الامم المتحدة لحقوق الانسان والقانون الدولي في جينيف عام 1977، مؤتمر المرأة لدى جامعة الدول العربية (1973-1986)، مؤتمر المرأة العربية الاول في القاهرة عام 2000، ومؤتمر المرأة للتنمية والسلام في اليونان عام 2001، ومؤتمر اتحاد النساء الدولي للنساء في قبرص 2003، وغيرها العديد من المؤتمرات. حصلت مؤخرا على درع القيادات نسائية عربية من اللجنة العربية الاميركية لمكافحة التمييز في ميشيغن في احتفالها السنوي الاسبوع الماضي الذي اقيم في فندق الحياة ريجينسي في مدينة ديربورن، ميشيغين. كما ستشارك السيدة كوثر الجوعان في المؤتمر النسائي الذي ستقيمه المؤسسة النسائية زأويرس التابعة للجنة العربية الاميركية لمكافحة التمييز، عام 2009 في ميشيغن.