وليد مرمر
منذ أسابيع قليلة وفيما كانت طائرة «تورنيدو» بريطانية الصنع تسقط قذائفها العشوائية على الأحياء الآمنة في اليمن غير مميزة بين مدني وعسكري، تصدت لها الدفاعات اليمنية ونجحت في إسقاطها في محافظة الجوف. ولم تمض دقائق قليلة حتى تجمع سكان البيوت المجاورة حول أشلاء المقاتلة محاولين إخماد النيران.. ثم جاء الأطفال من كل حدب وصوب، ربما بدافع الحشرية، أو لأخد «سيلفي» للتاريخ مع بقايا الطائرة المحطمة. فجآةً، حلّقت في الأفق مقاتلة «تورنيدو» أخرى… لكن لم يجزع أحد من الذين تجمعوا حول بقايا الطائرة، إذ لم يخطر في بال أي منهم أن تلك الطائرة ستقوم باستهدافهم بطريقة مباشرة وإجرامية… هذا بالضبط ما حصل. إذ سقط حينها عشرات الضحايا المدنيين معظمهم من الأطفال، لكن وسائل الإعلام العالمية لم تنشغل بالخبر.
وكأني بإحدى النسوة الثكالى اللواتي فقدن فلذات أكبداهن ترفع يديها إلى السماء عقب صلاة الفجر وتدعو بقلب جريح أن ينزل الله نقمته على الظالمين ومن حاباهم!
ربما، خرق دعاؤها الحصار وحجبَ السموات السبع ذلك أن المسافة بين السماء والأرض ما هي إلا دعوة مظلوم! والله أخفى أولياءه بين عباده.. ورب داع غير مردود الدعاء، إذا رأيته خلته عبداً ضعيفاً مستضعفاً ولكنه إذا أراد، أراد الله! وإذا أراد الله، «أنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين».
لعل الله أنزل جنوداً لم يرها آل سعود والدول «المتحضرة» المشاركة في العدوان على اليمن بالقتل والإبادة وتدمير البنية التحتية ونشر الأوبئة والأمراض تحت حصار خانق.
ربما أنزل الله جنوداً لا تُرى بالعين المجردة، فضحت عورات المنافقين. فلقد نشر آل سعود، الأوبئة في اليمن بين المدنيين وسمموا الآبار المائية بالكوليرا فيما العالم المتحضر يساند ويدعم، وفي أحسن الأحوال يغض الطرف!
وحسب «نيويورك تايمز» أصيب أكثر من 150 أميراً سعودياً بينهم فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود حاكم منطقة الرياض الذي يقبع في العناية المركزة. وهذا ما حدا بسلمان وابنه إلى عزل نفسيهما بشكل تام عن مقابلة أي شخص.
بين ليلة وضحاها، هبط سعر النفط إلى الحضيض، وتفشى كورونا بين الأمراء، وتعطلت الرحلات الجوية وفرض حظر التجول وتوقفت مناسك العمرة وتوقف معها ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد السعودي، كما توقفت الدول الغربية «المتحضرة» عن المشاركة في العدوان لانشغالها في مواجهة الوباء، بينما انهارت خطوط التحالف في مناطق عدة في اليمن آخرها مأرب، ما دفع بالرياض وأبوظبي إلى مواراة هزيمتهما في اليمن بتصريح ذليل مقتضب عبر ممثل السعودية في مجلس الأمن الذي صرح أن «الوقت قد حان لإنهاء أزمة اليمن». لكن المنهزم لا يختار توقيت إنهاء الحرب ولا يضع الشروط!
لذلك كان رد الحوثيين عبر وثيقة للحل الشامل سلّمت لمندوب الأمم المتحدة تحتوي على بنود لإنهاء الحرب ورفع الحصار وانسحاب آخر جندي أجنبي من الأراضي والجزر والمرافئ اليمنية ثم وقف إطلاق النار وإطلاق الحوار السياسي.
محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله» قال إن قرار السعودية لا يعبر عن قناعة بالسلام بل عن حاجة تكتيكية و«هي ليست لديها رغبة في السلام»، «فهنالك حالة انهيار لصفوف مرتزقتهم وهم يريدون أسبوعين لإعادة ترتيب صفوفهم ثم البدء في جولة عدوان جديدة».
لقد اسقط كورونا الأقنعة وعرى العالم المتحضر من وريقات التوت التي كانت تغطي عوراته. وأصبحت الدول الكبرى تجند كل طاقاتها الاقتصادية والعسكرية لقرصنة الكمامات من «حلفائها» في المطارات! هكذا تخلى العالم «المتحضر» عن دعمه اللامحدود لابن سلمان في عدوانه على اليمن لانشغاله في مواجهة جنود لا ترى..
شكراً كورونا!
Leave a Reply