ديترويت – يعمل النائب الاميركي جون كونيارز على حملته الانتخابية بقوة وجهد أكبر من المعتاد للحصول على الولاية رقم 26، بعد أنْ تعرَّض لخضة وهلع سياسي في شهر أيار (مايو) الماضي ناجم عن تقصير في جمع التواقيع على عريضته الانتخابية كاد أنْ يطيح بمسعاه الطموح ليصبح أول عميد أسود في الكونغرس في حال فوزه بالانتخابات التشريعية المقبلة.
النائب كونيارز، الديمقراطيي من ديترويت، يقوم هذه الأيام بنشاط غير عادي تضمن جمع تبرعات بمئات الآلاف من الدولارات، وعقد مؤتمرات صحفية يشجب فيها قرار بلدية ديترويت بوقف المياه عن ١٥ ألف أسرة تخلفت عن الدفع واصفاً إياه بالقرار «المفرط في حماسته». هذا النشاط العلني المبالغ فيه يأتي بعد أنْ كاد صديق عائلتة ومنافسه في إنتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية، القس هوراس شيفيلد من ديترويت، يخرجه من حلبة السباق بالضربة القاضية.
وفي حديثٍ لصحيفة «ديترويت نيوز» قال كونيارز «أريد أن يعرف الجميع ما كنا نقوم به وما زلنا بشكل كامل وما كنت أحاول القيام به. لقد بنيت سيرة ذاتية زاخرة على مر السنين وراق للناس ما قمت وأقوم به وأنا لا أرى أي سبب لعدم الاستمرار على هذا المنوال. أشعر براحة جيدة جداً بالنسبة للإنتخابات».
وكان القاضي الفيدرالي، ماثيو لايتمان، قد أمر بوضع إسم كونيارز، البالغ من العمر 85 عاماً، مجدَّداً على القائمة الأولية للمرشحين، متجاوزاً قرار مسؤولي الإنتخابات المحلية والولاية الذي قضى بمنعه من الترشُّح لتقصيره في تأمين مئات التواقيع على عريضة ترشيحه. القاضي لايتمان أعاد إسمه على قائمة الاقتراع لسبب وجيه هو احتمال كبير بنجاح كونيارز في تحدي قانون ميشيغن حول استيفاء شروط الترشيح على أساس عدم دستوريتة.
وكان شيفيلد قد وضع سجل كونيارز على محك التساؤل بطرق مختلفة مشيراً إلى أنه لا يستحق هذا المنصب «لأنَّ الفقراء وغيرهم الذين يدَّعي عضو الكونجرس تمثيلهم في ديترويت، وخاصة في وسط المدينة، قد تركتهم النهضة الاقتصادية الوليدة على قارعة النسيان».
ولكن خبراء سياسيين يقولون أنَّ شيفيلد، وهو إبن نقابي معروف وناشط في مجال الحقوق المدنية وكذلك والد عضو مجلس بلدية ديترويت لولاية واحدة ماري شيفيلد، يخوض معركة شاقة ضد أقدم عضو أفريقي أميركي في الكونغرس. كما انه قصَّر عن تقديم تقرير لجمع التبرعات كان مقرَّراً قبل أسبوع.
وقال ستيف ميتشل، وهو محلِّل سياسي استراتيجي مقره شرق لانسينغ «كونيارز هو إسم مألوف لدى البيوتات الاميركية ولديه فرصة ليصبح عميد مجلس النواب بعد تقاعد جون دنغل (الديمقراطي من ديربورن الذي يشغل حاليا منصب العضو الأطول خدمة في المجلس). لذا فشيفيلد سيجد صعوبة في إعطاء الناخبين أسباباً موجبة لإلحاق الهزيمة به رغم مساعيه الضخمة لذلك».
كذلك يبدو أنَّ شيفيلد يواجه أيضاً تحدياً في عملية جمع التبرعات. فقد جمع كونيارز 228,263 دولار في الأشهر الستة الأولى حتى 30 يونيو (حزيران) وفقا لتقرير عن الحملة نُشر يوم الثلاثاء. وكانت ثلاثة أرباع المساهمات المالية صادرة عن لجان العمل السياسي من شركات إقتصادية كبيرة بما فيها «جنرال اليكتريك» و«غوغل» و«لوكهيد مارتن» و«ماكدونالدز»، و«وول مارت» و«سوني بيكتشرز». كما لديه 143,806 دولار نقداً في متناول اليد.
شيفيلد رسمياً لم يجمع عشرة سنتات لأنه لم يقدم حتى الآن تقريراً عن تمويل الحملة الانتخابية، ويقول محللون سياسيون انه يحتاج الى جمع مئات الآلاف من الدولارات إذا أراد مجرد محاولة التغلب على نقطة كبيرة لصالح كونيارز وهي انه الشاغل الحالي لمنصب النائب.
معركة شاقة
تشمل الدائرة الانتخابية الثالثة عشر المتنازْع عليها أجزاءً من ديترويت وكذلك من المدن التالية: «روج ريفر» و«ايكورس» و«ديربورن هايتس» و«غاردن سيتي» و«هايلاند بارك» و«انكستر» و«ميلفنديل» و«ريدفورد» و«راميولاس» و«وين» و«ويستلاند».
ومن المرجح أن يكتسح الفائز الديمقراطي في الإنتخابات الأولية المرشَّح الجمهوري جيف غورمان من «غاردن سيتي» الذي فاز بالتزكية لخوض السباق عن حزبه في الانتخابات التمهيدية.
وقال شيفيلد إنه يعي خوضه معركة شاقة في هذا السباق، ولكن رسالة منافسه تحمل أجندة شخصية ما يمكن القيام به للمنطقة. وأضاف شيفيلد، الذي تساءل عما إذا كان كونيارز قادراً عقلياً وجسدياً على تمثيل الدائرة، إنَّ حملته هي لخدمة سكان المنطقة من المحرومين.
وتساءل شيفيلد مجدَّداًمتوجِّهاً لكونيارز «ما يفيدك أن تكون أولاً والباقون منا (هم) أخيرون؟»، مستطرداً «أنا لست مرشَّحاً لمنفعة شخصية لنفسي، ولكن لإفادة الجماهير في ديترويت …ولأكون صوتاً للناس الذين يتفقون على أن هذه هي أموالنا (التي تُجمع) وأنه ينبغي أنْ تُصرَف علينا… لدينا جيل من السكان الذين يشعرون بأنَّ كل ما يجري هو لصالح الأشخاص الذين يعودون (للسكن) بدلاً من أولئك الذين بقوا هنا».
وأشار إلى مشروع الترامواي «أم -١» المزمع بناؤه على طول شارع «وودوارد» في ديترويت كمثال على تبذير المال لأنه لا يربط الناس بالوظائف الملائمة. وأردف «هذا (المشروع) ليس للأشخاص الذين يحتاجون لوظائف في «ليفونيا» و«غرب بلومفيلد» وهذا هو التركيز لدي» منتقداً أيضاً كونيارز لعدم القيام بمساعي أكثر خلال الأزمة المالية في المدينة.
لكن في فبراير (شباط) الماضي، وجِّهتْ التهم لشيفيلد بارتكاب جنحة العنف المنزلي ومنع الجريمة بموجب تقرير ناجم عن حادثة مزعومة وقعت في 10 يناير (كانون الثاني) مع زوجته المنفصلة عنه حالياً في منزله بديترويت. إلا أنَّ محامي شيفيلد، أليسون فولمار، قالت إنَّ زوجة شيفيلد السابقة، ديانا لاشال سولومون، تحاول «تدمير سمعته».
في هذه الأثناء بدأ كونيارز، يضاعف من جهوده منذ اهتزاز حملته بسبب فشل تواقيع عريضته الذريع في ربيع هذا العام. وتمكن كونيارز في الأسابيع الأخيرة من الحصول على موجة من الدعم من الوزن الثقيل داخل الحزب الديمقراطي، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما وزعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي، من ولاية كاليفورنيا، وأعضاء كتلة النواب السود بالكونغرس. وكذلك حاز على دعم مكتب ميشيغن في المنظمة الحقوقية السوداء AFL-CIO ونقابة «عمال السيارات المتحدة».
في أواخر يونيو (حزيران) جهر كونيرز علناً بمطالبة أوباما ومسؤولين آخرين للعمل على تأمين الإغاثة الفورية فيما يتعلق بإغلاق المياه في ديترويت. كما أنه كان أكثر حضوراً وتواجداً في الدائرة الانتخابية في الأسابيع الأخيرة، وتضمن هذا التواجد الحصول على دعم من عدة رؤساء بلديات في مدن الضواحي.
وفي هذا الصدد أكد كونيارز «أردت فقط جلب بعض من زملائي للسماح للجميع ليعرفوا ما لدينا وإني لست وحدي أعمل على القضايا التي تخدم القاعدة الانتخابية من خلال مجلس النواب. إني اعتزم مساعدة الناس لفهم كيف تُنجز الأشياء في الكونغرس والتأكد من أننا سنتمكن من الحصول على أقصى قدر ممكن من الدعم للبرامج والقضايا والمشاريع التي أحملها إلى ديترويت».
ويصف المتحدث باسم الحملة رون سكوت إمكانيات كونيارز القيادية «داخل مجلس النوَّاب بأنها ضرورية للحزب الديمقراطي، فضلاً عن ولاية ميشيغن، التي لا تزال تواجه تحدياً مالياً عسيراً»، وأضاف «(القيادة) هناك هي حاجة لإعطاء شبكة أمان جديدة للناس، والتركيز على كيفية الحفاظ على التوجه المضطرد في أميركا والتموضع ضد التحدي الذي يشكله أولئك الذين يريدون إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء ولا يريدون العمل بشكل جماعي متخطين حدود حزبهم للقيام بما هو ضروري».
وأضاف كونيارز إلى ذلك بالقول «حيازة لقب عميد هو أكثر من مجرد لقب فخري أو رمزي. فهو يوفر لك المرتبة التي كنت قد تم وضعك فيها ويمكنك من أنْ تقول لقد كنت هنا لفترة أطول، وتعلمت المزيد… انه لقب مهم جداً وأنا أتطلع إلى نيله ويحدوني الأمل للفوز به».
كونيارز ينجو بعد «هلع» انتخابي
كادت الحملة أنْ لا تؤتِ ثمارها. إحتاج كونيارز لشن معركة قانونية لإعادة وضع إسمه على قائمة الاقتراع بعد أنْ اكتشف مسؤولو مقاطعة «وين» أنَّ عريضة التواقيع لعضو الكونغرس كانت أقل 540 توقيعا من أصل ألف توقيع مطلوب من الناخبين المسجلين بشكل صحيح حتى يتأهل للإقتراع.
وحالما أمر القاضي الفيدرالي بإعادة كونيارز إلى قائمة الترشيح بناء على سوابق قانونية من محكمة الاستئناف الأميركية وقرارات المحكمة العليا، امتنع المسؤولون في المقاطعة عن استئناف الحكم.
وقال شيفيلد «الآٓن وقد عاد (للترشح) على الناس أنْ ينظروا للسباق على ما هو عليه – سباق شخصنة مليءٌ برسالته الخاصة وحملته الانتخابية، وهذا وحده كافٍ ليطرح لماذا نحن بحاجة الى شخص مثلي».
وقال المحلل بيل بيلينجر من منظمة «داخل سياسات ميشيغن» ومقرها لانسينغ، إنَّ المشاكل الاقتراعية جعلتْ من الصعب على شيفيلد لكي يسود انتخابياً لأنها حملت الناخبين على التعاطف أكثر مع كونيارز. وأردف «كان هناك بعض من شعور (عن كونيارز) بأنه يتماشى بالكاد مع الحملة وربما كان غير منخرط مع الجمهور بشكل كامل. ولقد تحداه شيفيلد بقوة وبدأ لتوِّه يطلق تصريحات استفزازية بأنَّ كونيرز غائب عن القضايا. وعندما وقعت واقعة التواقيع ساد الاعتقاد أن الورطة ستعزز رسالة شيفيلد».
وخلص بيلينجر إلى القول «لكن هناك إحساس أنَّه يمكن لكونيارز صنع التاريخ إذا أصبح أقدم عضو يخدم في الكونغرس، وهذه رسالة يتردد صداها لدى الكثير من الناخبين».
التقي المرشحيَن
المرشحان الديمقراطيان الاثنان المتنافسان في الدائرة الانتخابية الـ١٣ في انتخابات 5 أغسطس (آب) الأولية هما:
بطاقة تعريف
جون كونيارز العمر: 85 مسقط رأسه ديترويت الخبرة المهنية والسياسية عضو الكونغرس لما يقرب من 50 عاما؛ عضو من الديمقراطيين في اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي، عضو عميد ومؤسس لكتلة النواب السود بالكونغرس
هوراس شيفيلد العمر: 59 مسقط رأسه ديترويت الخبرة المهنية والسياسية راعي الكنيسة المعمدانية في ديترويت (المصير الجديد)، عضو سابق في مجلس التعليم بديترويت، مؤسس ورئيس سابق لمنظمة «شبكة العمل الوطني» لفرعي ميشيغن وديترويت.
Leave a Reply