علي حرب – «صدى الوطن»
تعددت أسباب حماسة واندفاع الناخبين العرب فـي مترو ديترويت للتصويت للمرشح الرئاسي بيرني ساندرز الذي حاز يوم الثلاثاء الماضي على معظم أصوات الجالية العربية فـي تمهيديات الحزب الديمقراطي، بحسب ما أظهرت نتائج الانتخابات فـي ديربورن وديربورن هايتس والتي يبدو أنها كانت حاسمة فـي ترجيح كفة ساندرز على منافسته هيلاري كلينتون، التي خسرت بفارق عشرين ألف صوت، فقط على صعيد ميشيغن.
ساندرز في لقاء مع ناشر «صدى الوطن» أسامة السبلاني وعضو المجلس التربوي في ديربورن فدوى حمود والفنان الكوميدي عامر زهر. |
ومنذ انطلاق حملته للرئاسة، نجح السناتور بيرني ساندرز فـي استقطاب الصوت العربي بسبب خطابه المعتدل حول قضايا الشرق الأوسط وفـي مقدمتها دعوته لإنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وموقفه المعارض لغزو العراق، فضلاً عن خلو سجله من أية مواقف معادية للإسلام، كما أن قوة ساندرز الحقيقية تكمن فـي قدرته على استقطاب فئة الشباب وإثارة حماسهم من خلال خطابه اليساري-التقدمي الذي يلقى تجاوباً كبيراً لدى الناخبين اليافعين، لاسيما دعوته الى جعل التعليم الجامعي مجانياً فـي أميركا.
ورغم تعدد الأسباب التي دفعت العرب والمسلمين فـي مترو ديترويت للتصويت لساندرز الذي حاز على دعم «صدى الوطن» قبل أربعة أيام من موعد الانتخابات، إلا أن النتيجة كانت صادمة للكثيرين، وذلك لسبب وحيد: كيف صوت العرب والمسلمون ليهودي؟
صدمة فـي الإعلام الأميركي
أثار فوز بيرني فـي ديربورن اهتماماً إعلامياً كبيراً، وصل إلى حد الصدمة والحيرة، خاصة لناحية ذهاب الأصوات العربية والإسلامية لصالح مرشح يهودي، الأمر الذي دفع بالمحلل السياسي ومقدم البرامج على قناة «أم أس أن بي سي»، لورنس أودونيل، إلى التعليق على ذلك الفوز بالقول متهكماً «المرشح اليهودي يحصد أصوات المسلمين» فـيما وصف المحرر فـي مجلة «ذا ويك» (الأسبوع) بيتر ويبر فوز ساندرز فـي ديربورن بأنه «واحد من الغرائب فـي انتخابات مليئة بالغرابة».
وعلى نفس الخلفـية، دفعت نتائج انتخابات ديربورن مناصري ساندرز إلى استخدامها فـي حملته الانتخابية لتأكيد قدرته على توحيد البلاد بجميع مكوناتها عبر الإضاءة على التناقض العربي-اليهودي، والإسلامي-اليهودي، الذي لم يكن عائقاً أمام ساندرز «التوحيدي».
من جهة أخرى، شجب بعض العرب الأميركيين التعليقات والتحليلات السياسية و«الضجة» التي أحدثها فوز «مرشح يهودي» بأصوات «العرب والمسلمين»، وقال الكوميدي عامر زهر إن تلك النتائج التي يعتبرها البعض مفاجئة مردها إلى افتراض أن العرب والمسلمين معادون للسامية، واصفا تلك المواقف «بالعنصرية» ومضيفاً بأن «القول بأن العرب والمسلمين يكرهون اليهود، فكرةٌ عهدناها منذ وقت طويل، وهي من ترويج اللوبي الإسرائيلي، وقد أثبتت انتخابات ديربورن زيف تلك الادعاءات».
وأشار إلى أن سكان مدينة ديربورن لم يصوتوا للمرشحين على أساس الدين أو العرق وإنما على أساس برامجهم الانتخابية، وقد شكل برنامج ساندرز السياسي «الخيار الأفضل لمجتمع جاليتنا، ولم تقف يهوديته عائقا فـي هذا المضمار» بحسب زهر.
من ناحيته، قال المرشح لمجلس نواب ولاية ميشيغن (عن مدينة ديربورن) براين ستُون: إن التفكير بأن سكان مدينة ديربورن لن يصوتوا لصالح ساندرز لكونه يهوديا هو تفكير عنصري، وأضاف «ليس عدلا الافتراض بأي حال أن عرب ومسلمي ديربورن معادون للسامية» مؤكداً أن المجتمع العربي فـي المدينة يساء توصيفه.
واعترف ستُون -المناصر للمرشحة هيلاري كلينتون- بأن ساندرز حصد معظم أصوات الناخبين فـي ديربورن كونه المرشح الأكثر مناصرة لقضايا العرب الأميركيين.
وأما أستاذة الدراسات العربية الأميركية فـي «جامعة ميشيغن»، سالي هاول، فقد رأت أن تصويت العرب والمسلمين لصالح مرشح يهودي غير مفاجئ، وليس جديداً، فأجيال منهم صوّتوا فـي السابق لمرشحين يهودا لمختلف المناصب، مثل تصويتهم لعضو الكونغرس الأميركي كارل ليفـين.
وأضافت أن العرب الأميركيين مناصرون للفلسطينيين ولكنهم يفرقون بين الصهيونية وبين اليهود الأميركيين، وقالت «أبناؤهم يذهبون إلى المدارس حيث البعض من أساتذتهم وزملائهم هم يهود، كما أن بعضهم يعيشون فـي أحياء ومناطق ذات أغلبية يهودية، والبعض منهم يعملون مع يهود.. اليهود والعرب معا هم جزء من نفس المجتمع هنا، فـي ميشيغن».
وعبر أستاذ القانون خالد بيضون عن إحباطه من العناوين الإعلامية التي تناولت فوز ساندرز اليهودي فـي ديربورن، وكتب على صفحته على موقع «فـيسبوك»: إن 70 بالمئة من أصواتنا كانت لصالحه بسبب رؤيته المتزنة لمختلف القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. لقد التقى بنا وتكلم عن المسائل التي تهمنا وتقلقنا.
Leave a Reply