اعتبرت الصحف الأميركية أن المناظرة التليفزيونية الأولى بين المرشحيَن الى البيت الأبيض جون ماكين وباراك أوباما كانت جيدة بشكل عام لكن أياً منهما لم يُحقق تفوقاً على الآخر.
ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن المرشحيَن حافظا على لهجة رصينة رغم توجيه بعض السهام القاسية. وربما يعود عدم حسم المعركة حسب الصحيفة الى تفادي كلا المرشحين الخوض في التفاصيل كما ينبغي ولئن كانت الأزمة المالية أخذت حيزا مهما من وقت المناظرة فان الجدل حول الحرب على العراق تميز بالحدة بين الرجلين، فنأى أوباما عن قرار شنها ووعد بانهائها ان ترأس، بينما أصر ماكين على النصر فيها قريبا وأن الأمور تسير نحو الأفضل في العراق. ويرى مايكل روبن الباحث في معهد «أميركان انتربرايز» أن آراء أوباما في السياسة الخارجية خطيرة وغير عملية.ويضرب مثالا على ذلك قول المرشح الديمقراطي انه مستعد للتفاوض مع الرئيس الايراني أو الكوري الشمالي اذا كان ذلك سيحمي مصالح الولايات المتحدة. غير أن روبن يذكر أوباما بأن مشكلة ايران وكوريا الشمالية ليست في قلة المفاوضات وانما في كثرتها، حسب تعبيره.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان النقاش لم يتضمن أي مفاجآت، وأن المرشحيَن فازا في المواضيع التي يرتاح لها كل منهما أي في السياسة الخارجية لجون ماكين والشؤون الوطنية لباراك أوباما. واعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» أن النقاش سمح باظهار نقاط الاتفاق بين الخصمين.
أما صحيفة «يو اس اي توداي» فرأت أنه رغم أن المناظرة الأولى من أصل ثلاث مناظرات تم الترتيب لها بين المرشحين كانت مخصصة للسياسة الخارجية، فان الأزمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة فرضت نفسها في جل النصف الأول من 90 دقيقة التي كانت هي المدة الاجمالية للمناظرة. وأضافت الصحيفة أن المرشحين اتفقا على تحديد المشاكل التي تواجهها أميركا في ثلاث مسائل أساسية هي: ترنح اقتصاد البلاد وتلطخ سمعتها عالميا وتعرضها المستمر للتهديد الارهابي. غير أن أوباما و ماكين استماتا في محاولة كل منهما اظهار نفسه على أنه الشخص الأنسب للتصدي لهذه المشاكل، مستعرضاً سجله وطريقة حكمه على الأشياء دليلا على قدرته على اجراء الاصلاحات اللازمة لتصحيح المسار السياسي للولايات المتحدة.
ولم تر صحيفة «واشنطن بوست» فرقاً جوهريا بين المرشحين فيما يخص السياسة الخارجية خلافا لما يعتقده كثير من الناخبين. بل قالت ان لديهما نفس الأفكار تقريبا حول مسألة احتواء البرنامجين النوويين لايران وكوريا الشمالية وحول كيفية الرد على عدوانية روسيا اتجاه جيرانها، وكذلك بشأن الحرب في أفغانستان ومسلسل السلام بالشرق الأوسط. ولا تتوقع الصحيفة أن يبتعد أي منهما في تعامله مع القضايا المذكورة عن السياسة التي سيرثها عن الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش.
أما صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فقالت ان المناظرة الحالية كان يفترض أن تصب في صالح ماكين لأنه يوصف بأنه الأفضل فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، الا أن أوباما استطاع تقليص تلك الحظوظ بتجنبه لجل لكمات خصمه وتجاهله لبعضها وتركيزه على خطأ الحرب على العراق وتأثيرها السلبي على «حرب الارهاب».
تعليقات من رجال السياسة
وقد أعلن كل من الفريقين الديمقراطي والجمهوري فوز مرشحه الى البيت الأبيض عقب أول مناظرة تليفزيونية الجمعة بين باراك أوباما وجون ماكين. وقال ديفيد بلوف مدير حملة سناتور الينوي فور انتهاء المناظرة «انه فوز واضح لباراك أوباما في ملعب جون ماكين»، مضيفا «أن السناتور ماكين لم يكن لديه أي شيء يقدمه الا نفس السياسة الخاطئة لجورج بوش». وقالت مديرة الاتصالات لسناتور أريزونا جيل هازلبيكر في الوقت ذاته تقريبا «ان جون ماكين كسب هذه المناظرة وسيطر على الحوار أكان حول الاقتصاد والضرائب والنفقات أو العراق وايران».
وقد أجمع خبراء مستقلون على القول بأن جون ماكين الذي تراجع كثيرا في استطلاعات الرأي الأخيرة كان بحاجة لأداء متفوق، واعتبروا أن المرشح الجمهوري دافع عن نفسه بشكل جيد لكنه لم يزعزع فعلا خصمه. وكرر ماكين مرات عدة أن خصمه لا يفهم في مسائل السياسة الخارجية، لكن باراك أوباما لم ينفعل مطلقا وظهر واضحا بشأن أفغانستان وباكستان وايران.
وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المؤيد لماكين خلال حوار تليفزيوني «أعتقد أن الفرق بين السناتور ماكين والسناتور أوباما تجلى في عمق خبرة ماكين. وخلال حملة الانتخابات الأولية ورَّط السناتور أوباما نفسه عندما صرَّح بآراء لم تعد مقبولة الآن، ومن بينها ما قاله بشأن استعداده للتفاوض مع بعض الحكام الطغاة. وعليه فانني أعتقد أن ماكين أكثر استعدادا من أوباما لأن يكون رئيسا للبلاد في العشرين من يناير المقبل».
غير أن السناتور جون كيري المؤيد لأوباما قال «المهم هو أن ننظر الى الفرق الحقيقي بين هذين المرشحين. فأنا أعتقد أن جون ماكين يجسِّد النظرة القديمة للعالم، بينما يجسد أوباما نظرة القرن الـ21 فيما يتعلق بتوفير الأمن لأميركا».
Leave a Reply