بقلم: فيروز زيدان فردون
كيف لا.. وأنتِ النسمة الهادئة المعطّرة التي لامست كلّ القلوب الدافئة.. وحرّكت الصخر برقّتها؟ لا يليق بك الموت، فأنت في لحظة الوداع وُلدت، وبكلّ نفسٍ ومكان وزمان وُلدت، في عناوين القصص وفي صفحات الكتب وُلدت، على جدران المنازل والشهادات المعلقة ولدت، ولحظة رحيلك ولدت، ويوم حلول أفضل الشهور رحلتِ، ليكون ذلك الرحيل بصمة حزنٍ يعيشها محبّوك وتبكيها القلوب التي تنبض بالشوق إليك، وتخشع لها النفوس التي خسرتك يا أكبر الخسارات وياشعلةً للعلم ويا أمثولة البنات.
يا أديبة، يا مؤدّبة، يا راقية بأخلاقك يا كلّ الصفات العظيمة يا كلّ العبر في السماحة، يا ابنة الربيع المزهر الفوّاح، أبكرت الرحيل يا دمعة الحزن ياغصّة القلب في فراقكِ، يا حرقة الكبد في بعادك، فقد غيّبك الموت فأحرقت قلوبنا من غير شعلة نار، كيف لا.. وأنت الشجرة الشامخة المثمرة.. يا كلّ البنات، لن تتساقط أوراقك، فهي تطير عالياً رافضةً الهبوط، تطير لتلامس الأفق، تنتشر عبر أرجاء الكون، لتفصح عن انتشار المعرفة وتبلّغ عن (زينب) بشتّى معاني الوفاء وحسن السيرة والقرب من معاناة الناس.
آه.. زينب علي عجمي.. من أنا لأكتب عنك.. من يستطيع وصفك فأنت تستحقّين عباقرة العلم ليكتبوا عنك وتفسّرك أقلامهم، كيف للحروف البكماء أن تصفك؟ فلا الأقلام ولا الكلمات ولا الدموع استطاعت رسمك يا أحلى البنات، يا فخرنا عبر الزمن.
زينب.. كلّ الناس ترحل، كلّ الشموع تنطفئ، كلّ البدايات تُفضي إلى النهايات، كلّ الجمال يزول، إلّا أنت يا أجمل الجميلات، يا خلوقة، فبرحيلك لقاء، وبشمعتك نور شمسٍ لا يخبو وضوء قمر لا يغيب، ولغيابك عودة لعمر جديد لا ينتهي.
قصيرة كانت زيارتك بيننا، لكنها خالدة يا ملكة الفكر.. قاسية تلك الحكمة ومريرة، وسنشتاق إليك أبداً، وفي قلوبنا المحترقة لك زاوية نعيشها بصمت خالٍ من الفرح وألمٍ لا يشفيه دواء، فوداعك أسكت الفرح على مدرج منزلك، وأطفأ شموعاً أنيرت للحفاوة بعودتك، وأذبل زهوراً بنفسجية غُرست وأزهرت لاستقبالك، فإذا الحريق يشبّ والنار تتأجّج في القلوب، والشهور تتعدّد لتطرق باب السنة الكاملة لسفرك الطويل.
كيف أنهي كلماتي إليك، وأنا أحمل السلام من أخوتك ووالديك؟ في جنة الخلد أنت يا زينب، يا حبيبة القلوب، والقهر يقطّع أحشاء من قال: وداعاً، في كلّ صباح وغروب.
Leave a Reply