بعد أيام من المداولات قررت هيئة المحلفين في محكمة ديترويت الفدرالية، صباح الاثنين الماضي، إدانة رئيس بلدية المدينة الأسبق كوامي كيلباتريك بإدارة منظومة فساد بضمنها الابتزاز والرشوة إبان ترؤسه لبلدية اكبر مدينة في ميشيغن، حيث وجد أعضاء الهيئة كيلباتريك مذنباً في ٢٤ تهمة تصل عقوباتها للسجن أكثر من ٢٠ عاماً، وبذلك ينتظر رئيس البلدية الأسبق قرار القاضي في جلسة النطق بالحكم التي ستقام خلال نيسان (أبريل) المقبل.
وجاء في قرار الهيئة ان كيلباتريك وصديق عمره متعهد الانشاءات روبرت فيرغسون وفرا الحماية لمنظومة الفساد هذه من خلال مكتب رئاسة البلدية لعدة سنوات بهدف الاثراء.
وقد توصلت هيئة المحلفين الى ان كليهما مذنبان بتهم التلاعب في العطاءات واعادة هيكلة الهرم الوظيفي في البلدية بما يخدم مصالحهما وفي بعض الاحيان ادلى اصدقاء قدامى بشهادات قالوا فيها انهم سلموا رشاوى نقدية في مظاريف الى كيلباتريك. وقال احد اعضاء هيئة المحلفين عقب صدور القرار، ان الاعضاء تفحصوا كل تهمة بجدية كاملة وتوخوا الحذر الشديد في الادلة والبراهين, وقال عضو هيئة المحلفين رقم(8) «كان هناك حرص شديد على إصدار القرار الصائب»، فيما قال عضو آخر «رأيت أشياء تقلب المعدة بكل ما في الكلمة من معنى، لدرجة اني لم أكن لأصدق حدوث مثل هذه الاشياء»، وأضاف «ذلك لم يثر غيظي، لكني شعرت بخيبة الأمل».
وتأتي تصريحات الهيئة بعد أن شهدت قضية كيلباتريك انقساماً حاداً في الرأي العام، لاسيما في أواسط الأميركيين السود الذين يعتبرون أن كيلباتريك كان مستهدفاً منذ البداية.
وكان شهود أشاروا الى طبيعة الحياة الرغيدة التي كان ينعم بها كيلباتريك مثل الرحلات الفارهة، والبدلات المفصلة خصيصا له، وكذلك مشاركته بمباريات الغولف، برغم انه رئيس بلدية مدينة كانت تعصف بها الازمات المالية.
جاء قرار هيئة المحلفين بادانة كيلباتريك بـ24 تهمة من اصل 30، فيما تمت تبرئته من ثلاث تهم ولم تستطع الهيئة التوصل لقرار في أربع أخرى، وذلك عقب خمسة شهور من بدء المحاكمة تم فيها سماع 80 من الشهود الحكوميين والرسائل النصية والتسجيلات المسموعة والمرئية.
ونص قرار المحلفين كذلك على ادانة فيرغسون بتسع تهم من أصل 11 وجهت له. في حين ادين بيرنارد كيلباتريك، والد رئيس البلدية الأسبق، بتهمة واحدة من أصل أربع، حيث لم تتوصل الهيئة الى قرار في تهمة إدارة عمليات الابتزاز التي نفذت من مكتب رئاسة البلدية، فيما تمت تبرئته من تهمتين تتعلقان بالتلاعب الضريبي والابتزاز، حيث لم تقتنع هيئة المحلفين بأن بيرنارد كان ضالعاً في ابتزاز رجل اعمال حاول كسب صفقة بقيمة 1,2 مليار دولار لمشروع «سيناغرو» لمياه الصرف الصحي كانت البلدية تنوي تنفيذه.
وقال بيرنارد في تصريح صحفي عقب دقائق من مغادرة ابنه لمبنى المحكمة، ما اذا كان قرار المحلفين خاطئا بحق ابنه فقال «بالتأكيد» ولم يضف شيئاًَ، بل ركب سيارته من طراز فورد موستانغ حمراء اللون وغادر المكان.
وكان قرار هيئة المحلفين لاقى اصداء متضاربة من الحزن والفرح والانفراج في منطقة ديترويت، خاصة وأن كيلباتريك سيبقى بالسجن لغاية النطق بالحكم.
من ناحيته، وأثناء صدور الحكم ظهر كيلباتريك وهو يهز رأسه وبدت عليه علامات الصدمة لدى مغادرته قاعة المحكمة، رافضا الادلاء باي تصريح.
وقد اصدر القاضي أمرا بإيداع كيلباتريك وفيرغسون السجن. وتعهد محامي الدفاع عن كيلباتريك، جيمس طوماس، باستئناف قرار الحبس وكذلك قرار الادانة.
يذكر ان التهم الاخطر هي الابتزاز والاحتيال البريدي وتصل عقوبتهما القصوى الى السجن 20 عاما، في حين تصل عقوبة الرشوة الى 10 سنوات، فيما تصل عقوبة التلاعب الضريبي الى السجن 3 سنوات.
واشادت المدعي العام الفدرالي باربرا ماكويد بقرار هيئة المحلفين، مؤكدة ان الموضوع لا يتعلق بحل مشكلات ماضية بقدر ما يتعلق بمستقبل أفضل لديترويت، معتبرة أن ليست بلدية ديترويت من أفسد كيلباتريك بل كيلباريك هو من أفسدها. وقالت هذا الحكم بعث رسالة قوية مفادها ان لا تسامح مع الفساد والفاسدين في هذا المجتمع، «فالمواطنون في ديترويت يستحقون ويتوقعون افضل من هذا»، وانتقدت ماكويد كيلباتريك على جشعه حيث قالت «المرشحون لمناصب رسمية ينبغي عليهم السعي لإحداث فرق، وليس الجري وراء المال».
وقال القاضي ان هيئة المحلفين توصلت بالاجماع الى ادانة المتهمين في 40 تهمة من اصل 45، ومن بينها مساومة المتعهدين والتلاعب في العطاءات بهدف منحها لفيرغسون. وقال الإدعاء الفدرالي إن فلسفة «مشروع كيلباتريك الجنائي» بسيطة «اذا رغبت بإبرام صفقة مع بلدية ديترويت عليك اما التعامل مع فيرغسون أو في بعض الحالات مع والد رئيس البلدية».
Leave a Reply