بالرغم من تدنّي نسبة المقترعين عامة في الإنتخابات البلدية التمهيدية إلا أن النتيجة المتوخاة جاءت لتصب في خانة الجالية العربية الأميركية والجالية الإسلامية في مدينتي ديربورن وهامترامك حيث فازت اللائحة المدعومة من قبل اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (أيباك).
فقد حظيت إنتخابات المجلس البلدي في ديربورن بالنصيب الاكبر من الإهتمام بفوز ثلاثة مرشحين عرب أميركيين وتقدمهم إلى الانتخابات النهائية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وهم مايك سرعيني وسوزان دباجة وطارق بيضون الذين أحدثوا جلبة اعلامية قوية بسبب مشاركة متطوعين كثر في حملاتهم الانتخابية وتواجدهم المكثّف في 50 مركز اقتراع في مختلف أنحاء المدينة.
إلا أن الحلقة المفقودة في الإنتخابات كانت نسبة الإقبال المتدنية، فبعد منتصف النهار الانتخابي تبيّن أن وتيرة المصوتين كانت ضئيلة قياسا على ما كانت عليه في العام الماضي، ففي قلمي اقتراع وليام فورد الواقعين على شارعي «فورد» و«تشايس» في شرقي المدينة، أدلى ما مجموعه 85 شخصاً فقط بأصواتهم حتى الثالثة بعد الظهر، هذا الرقم يعتبر متدنياً جداً إذا ما عرفنا أن عدد المسجلين للتصويت يبلغ ألف شخص في هذين المركزين الإنتخابيين.
وفي محصلة اليوم الإنتخابي لم تتخط نسبة الإقبال في ديربورن نسبة ١٩ بالمئة.
روز العبد، وهي متطوعة في إحدى الحملات الإنتخابية، أعربت عن خيبة أملها من ضآلة نسبة الإقبال في شرق ديربورن، وقالت: «هذا مستقبل أولادنا لذلك من المهم جدا للجالية أن تخرج وتصوت» معتبرة أن إحجام العديد من المرشحين عن اعلان معلومات عن برامجهم الانتخابية في حال تم انتخابهم قد يكون ساهم في عدم حماسة الناخبين عموماً.
ومثل كل مرة، بدأت بورصة التكهنات حول أسباب تدني نسبة الاقتراع أولها، كما ذكر بعض الاشخاص: هو حلول شهر رمضان المبارك وبالتالي فإن الصائمين لم يخرجوا جميعا للتصويت هذه المرة لصعوبة ومشقة الخروج وتكبد عناء الحر والعطش.
ومن أجل التعويض عن هذا التباطؤ في التصويت بدأ مسؤولو حملات سرعيني ودباجة وبيضون، الذين يترشحون لأول مرة لعضوية المجلس البلدي، بالتحرك بسرعة في فترة بعد الظهر من أجل التعويض عن نقص الأصوات من خلال دق الأبواب وحث السكان على النزول إلى المعركة الإنتخابية إضافة الى بث اتصالات هاتفية مسجلة تدعو الى التصويت. وفي هذا المجال قالت المتطوعة رينيه هادي ممازحة: «لقد طرقت الكثير من الابواب ونقلت العديد من الاشخاص بسيارتي إلى قلم الإقتراع طيلة النهار، لذا فإن طارق بيضون وسوزان دباجة مدينان لي بثلاث تنكات بنزين».
ولوحظ وجود مكثف هذا العام أمام مراكز الإقتراع لطلاب الثانوية العامة والكليات وخصوصا لجهة تواجدهم لدعم حملات المرشحين العرب الثلاثة المدعومين من قبل «أيباك»، وقد شوهد طلاب «إتحاد الطلبة العرب» في «جامعة ميشيغن-ديربورن» وجامعة «وين ستايت» و«ثانوية فوردسون» يعملون كمتطوعين نشطين أمام مراكز إقتراع ديربورن.
فريد شلحوت، رئيس «إتحاد الطلبة العرب» في «جامعة ميشيغن» أشار إلى انخراط الطلاب «العميق في حملتي بيضون ودباجة في قسمي المدينة الشرقي والغربي وتطوعهم للمساعدة وكان بينهم مترجمون أيضاً وعلى الجالية أن تعلم أن هذه مدينتها وهذه فرصة تمثيلها لذا من المهم أن نعمل سويا لتحقيق مبتغانا».
حتى في الجانب الغربي من المدينة التي حوت سابقاً أكبر مراكز إقتراع، كانت أرقام المقترعين غير باهرة أيضاً، ففي مدرسة «أدسل فورد» صوّت 111 شخصاً فقط حتى الساعة السابعة مساء، وقد أبلغ عاملو مركز الانتخاب هناك «صدى الوطن» أن اليوم الانتخابي كان هادئا لكن أصوات المقترعين غيابيا كانت كبيرة.
أحد المتطوعين، جهاد الزيات، الذي كان يساعد حملة سرعيني في المساء، أعرب عن خيبة أمله من قلة الناخبين وقال: «بالرغم من انها انتخابات تمهيدية حيث يكون العدد ضئيلا عادة، الا أن تدنّي نسبة المصوتين أثارت لدينا الكثير من الاستياء. وللأمانة يمكنني القول أني لم أر عربيا أميركيا واحدا طيلة فترة وجودي في قلم الإقتراع وأنا أعتقد أن المرشحين العرب الثلاثة يحملون كفاءات متساوية ويستحقون أن يصلوا إلى المجلس البلدي، آمل أن تكون نسبة الإقبال على التصويت في قلم إقتراع (سالاينا) أكبر من هنا».
ويبدو أن أمنية كثافة الإقبال قد تحققت نوعاً ما بحلول ساعات المساء سيما في قلم إقتراع «سالاينا» في منطقة ديكس حيث ذكر متطوعون أن الاقبال كان بطيئاً جداً في الصباح لكن حصيلة النهار كانت جيدة والاقبال كان معقولا مقارنة بالإنتخابات السابقة.
المتطوع عبد الله الحاج قال: إنه سعيد لرؤية الاقبال الكبير على التصويت من قبل الجالية في هذا المركز وأضاف أنه بعد الصلاة بدأ تدفق المقترعين للتصويت بكثافة.
إلا أن الأمور لم تبعث على التفاؤل في قلمي إقتراع مدرسة «ماكدانولد» الابتدائية كما حصل في العام الماضي حيث كانت نسبة المقترعين هي الأعلى باقتراع 623 شخصا لكن هذا العام هبطت الارقام الى ادنى مستوى لها حيث بلغ عدد المقترعين 315 مقترعاً فقط عند إغلاق القلم الانتخابي.
الناشطة جاكلين زيدان التي تطوعت في ماكينة انتخابية بمركز «ماكدونالد» لسنين طويلة وأيضا هذا العام كانت متفاجئة لأن لائحة المرشحين العرب لم تجذب المزيد من الاصوات، وقالت: «يبدو أن الوضع كان يعاني من اخضاع للمشاعر وأنا اعلم أن العديد طرقوا الابواب في الاحياء لكن السكان كانوا متعبين جدا وأنا متأكدة أن شهر رمضان لعب دورا ولكن اعتقد أن الانشغال سيكون اكبر لأن كل المرشحين كانوا يتحركون بفعالية وكنت أظن أن هذا سيحمّس العديدين للذهاب الى التصويت لكن للأسف لم يحصل».
وحسب المعلومات الصادرة عن مكتب البلدية فإن عدد المصوتين يوم الانتخابات كان 11,795 صوتاً من أصل 61,120 مسجلين للانتخاب، أي ما يعادل نسبة 19 بالمئة من أصوات المقترعين، وبينما تعتبر الانتخابات الاولية انها تجذب عددا اقل من المقترعين الا ان السبب الآخر هذا العام هو عدم وجود اقتراحات تشريعية أو إستفتاءات شعبية لكي يصوت السكان عليها عدا عن أن سباق رئاسة البلدية لا يشهد منافسة جدية للرئيس الحالي جاك أورايلي.
وقد فاز أروايلي بسهولة فائقة حيث حصد 8,592 صوتا في حين حصل أقرب منافسيه ادوارد بينكلي الذي حل بالمرتبة الثانية وتأهل الى انتخابات الخريف العامة على 989 صوتاً. وأمام بينكلي الكثير من العمل الجاد لكي يُطرح فعليا كمنافس جدّي للرئيس الحالي في الانتخابات النهائية.
نتائج سباق المجلس البلدي
وكان لافتاً حلول المرشحين مايك سرعيني وسوزان دباجة مباشرة خلف متصدر السباق العضو الحالي المدعوم من «أيباك» أيضاً، طوماس تافلسكي، الذي حصد 5637 صوتاً. فيما حل سرعيني ثانياً (٥٣٠٢) ودباجة ثالثة (٤٦٩٦) ليتفوقا بذلك على العديد من أعضاء المجلس البلدي الحاليين المدعومين من أورايلي من بينهم مارك شوشانيان، براين أودونيل، روبرت ابراهام، وديفيد بزي الذين انتقلوا جميعا للمنافسة في الانتخابات النهائية ضمن قائمة الـ١٤ التي ستتنافس على المقاعد السبعة للمجلس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وبعد إعلان فوزه قال سرعيني، الذي حظي بدعم «أيباك» وأورايلي معاً: «أنا أعرف أن عملي قد بدأ الآن وسأبقى أمشي في الأحياء وأطرق الابواب وأصغي الى مشاكل أهلنا وكلّي ثقة بأني سوف أحصل على الدعم المطلوب لتحقيق هدفي بتمثيلهم».
أما فوز المرشحة العربية الأخرى سوزان دباجة بالمرتبة الثالثة فجاء مفاجئاً للجميع حيث أنها دخلت السباق مدعومة من «أيباك» فقط. وقد واظبت دباجة خلال الأسابيع الماضية على تفعيل حملتها الإنتخابية حيث كانت تزور الاحياء طيلة الصيف في جزئي المدينة الشرقي والغربي، كما تواجدت بكثافة في قلم إقتراع «سالاينا».
وقد شكرت دباجة المتطوعين في حملتها الذين امضوا النهار في اقلام الاقتراع والغالبية منهم كانوا صائمين لكنهم أسهموا في إنجاح حملتها بشكل كبير. وقالت في بيان لها: «إن حملتنا الانتخابية تعتز بالفيض من الدعم الذي لقيناه من الجالية ونشكر كل من كرّس وقته وجهده المضني بلا هوادة وبمساعدتكم نتطلع الى الفوز النهائي في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم».
وكانت دباجة قد أنهت يومها الإنتخابي الطويل في نادي بنت جبيل جنبا إلى جنب مع طارق بيضون الذي كان أيضا يحتفل بفوزه بالمرتبة التاسعة بحصوله على 3308 صوتا وهي نتيجة مدهشة باعتباره يترشح للمرة الاولى.
ذكر بيضون أنه أصدر من خلال حملته الانتخابية العديد من النداءات إلى المقترعين من أجل الخروج للتصويت بكثافة مستخدما «المكالمات الآلية» والرسائل النصية والبريد الالكتروني والعادي الى كل البيوت العربية والاميركية وهو متفائل بصورة الوضع في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر).
وقال بيضون: «اعتقد ان الناس سيكونوا أقلّ تعبا في نوفمبر وهذا عامل مساعد تماما، أنا مرشح للمرة الاولى وقد تعلمت الكثير اليوم وآمل أن نرى تعديلات على الثغرات التي ارتكبت ونصحح الخلل في مسيرتنا الى انتخابات الخريف وأنا بدوري أشكر كل سكان ديربورن الذين دعمونا في هذه الحملة وأخص بالذكر 500 متطوعا ومتبرعا لحملتنا حتى الآن».
وفي حين يسود شعور أن مشاركة الجالية كانت من المفترض أن تكون أكبر خلال الانتخابات الاولية من المهم الاشارة الى أن كل المرشحين الذين دعمتهم «أيباك» قد فازوا في المرحلة الاولى وانتقلوا الى المرحلة النهائية في تشرين الثاني (نوفمبر) من ضمنهم أول أربع مرشحين حصلوا على أعلى نسبة من الأصوات وهذا دليل على أن الصوت العربي هو صوت وازن في المدينة. المرشحون الباقون الفائزون والمدعومون من «أيباك» هم باتريك ميلتون (٤٣٢١ صوتاً) وجاين آهرن (٣٠١٣) وكريستين تايلور (٢٢٧٧).
الا ان الانتصار المدوّي الاكبر للجالية حصل في هامترامك حيث تمكن المرشح اليمني الاميركي لرئاسة البلدية الدكتور عبدالكريم الغزالي من التفوق على رئيسة البلدية الحالية كارين ماجاوسكي التي حصدت 670 صوتاً مقابل 731 لغزالي المدعوم من قبل «أيباك».
وسبق لغزالي أن خدم لولايتين متتاليتين كرئيس للمجلس البلدي، ويأمل أن يصنع التاريخ في المدينة بوصول أول عربي أميركي الى رئاسة البلدية في انتخابات الخريف المقبل و«هذا سيكون أنجازا طال انتظاره في تلك المدينة التي يشكل المسلمون فيها نسبة 60 الى 70 بالمئة من عدد السكان».
Leave a Reply