سكرمنتو – نشرت صحيفة «نيويوركر» الأميركية تفاصيل مثيرة عن لاجئ عراقي مهدد بالترحيل من الولايات المتحدة بعد اتهامه بقضايا إرهاب، منها قتل شرطي عراقي والانتماء لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وبحسب التفاصيل، زعم عمر أمين أنه تمكن من الفرار من قرية راوة في محافظة الأنبار، وكان يتنقل من مكان إلى آخر خوفاً من أن يختطفه مسلحون أو يقتلونه، حتى وصل إلى أميركا عن طريق طلب لجوء قدمه للأمم المتحدة، وفقاً لموقع «الحرة».
إلا أن السلطات الأميركية علمت مؤخراً أن أمين مطلوب قضائياً بقضايا إرهاب في العراق، بتهمة قتل شرطي عراقي –بالشراكة مع عضو آخر في تنظيم «داعش»– بعد سقوط مدينة راوة في قبضة تنظيم «داعش» في حزيران (يونيو) 2014، وفقاً لوثائق محكمة عراقية.
وأمام فريق الدفاع عن أمين مهلة حتى 29 كانون الثاني (يناير) الحالي لتقديم حججهم الأخيرة قبل صدور الحكم في قضية ترحيله إلى العراق.
من العراق إلى أميركا
وفق الرواية التي قدمها لسلطات الهجرة الأميركية، قرر أمين –عام 2012– مغادرة العراق بشكل دائم هرباً من الإرهاب، فكانت تركيا التي دخلها بتأشيرة سياحية محطته التالية، حيث تقدم هناك عبر الأمم المتحدة بطلب لجوء، وأبلغ ممثلاً أممياً بالحياة العصيبة التي أمضاها في العراق حيث ادعى أن تنظيم «القاعدة» قتل والده فيما اختُطف أحد إخوته على يد ميليشيات شيعية.
التحقت زوجته خنساء وأطفاله الثلاثة به في تركيا، وبعد عامين من انتظار الموافقة على طلب اللجوء، تم تحديد الولايات المتحدة وجهة لهم كلاجئين، كي يبنوا هناك مستقبلاً جديداً.
وبحلول الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وصلت الأسرة إلى مدينة سولت ليك سيتي بولاية يوتا، حيث عمل الأب في منظمة خيرية وفي مصنع لإنتاج المكملات الغذائية، والتحق الأطفال بالمدارس فيما بدأ عمر وخنساء بتعلم اللغة الإنكليزية.
وبعد أشهر في يوتا، انتقلت الأسرة للعيش في منطقة سكرمنتو بولاية كاليفورنيا. وفي المدينة الجديدة، عمل أمين سائق «أوبر»، وسائقاً في خدمات التوصيل لساعات طويلة وصلت أحياناً إلى 22 ساعة في اليوم.
كما عمل بدوام جزئي ميكانيكياً وأصبح معروفاً بين أفراد الجالية العراقية المقيمة في المنطقة.
تقدم وزوجته للحصول على بطاقة الإقامة الدائمة (غرين كارد) ورزقا بطفل رابع، لكن طول الانتظار دفعه إلى إرسال رسالة في تموز (يوليو) 2018 إلى عضو الكونغرس الأميركي عن منطقته، النائب الديمقراطي آمي بيرا، التمس فيها تدخل الأخير.
وتقول «نيويوركر» إن رد مكتب عضو الكونغرس جاء في رسالة بتاريخ 13 آب (أغسطس)، ذكر فيها أن دائرة الجنسية والهجرة أبلغته بـ«تعذر اتخاذ قرار حول استمارة عمر أمين إلى حين حل بعض الأمور».
بعد ذلك بيومين فقط، استيقظت الأسرة على أصوات قرع باب شقتها بشكل شديد، ليتبين أنها قوة أمنية لمكافحة الإرهاب، ليتم اعتقال أمين الذي وصفته وسائل إعلام بأنه «قائد رفيع في داعش» وهو واحد بين عدد من اللاجئين الذين تحتضنهم المدينة.
إرهابي خطير
محامي الدفاع بن غالواي، اطلع على وثائق المحكمة التي تتهم أمين بقتل شرطي في راوة بالعراق، وبأنه كان ضمن فريق من «داعش» مكلف بتنفيذ الاغتيالات.
الجريمة وفق الوثائق، وقعت خلال فترة إقامة أمين في تركيا وقبل أشهر على وصوله إلى الولايات المتحدة، فظن غالواي أن إثبات براءة موكله سيكون أمراً سهلاً لأنه لم يكن أصلاً في العراق وقت تنفيذ الجريمة، كما يقول.
لكن التحقيقات التي أجرتها السلطات الفدرالية توصلت إلى استنتاجات معاكسة. ففي صيف 2017، توجه وكيل خاص من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) إلى قاعدة عسكرية في الأنبار للحصول على معلومات عن أمين، من مخبر عراقي يعمل مع الجيش الأميركي، وفق تقرير «نيويوركر».
وبناء على المعلومات، تبين للادعاء العام الفدرالي، أن أمين ارتكب تزويراً في استمارة الهجرة، إذ قال إن والده قتل على يد «القاعدة»، في حين أن المخبر قدم وثيقة وفاة تشير إلى أنه توفي إثر جلطة دماغية.
في المقابل، ادعى أمين –في دفاعه– أن المخبر عبد الجبار برزان قدم معلومات مغلوطة عنه للانتقام منه، وهو ما نفاه برزان للمحكمة، قائلاً إنه ليس مدفوعاً برغبة في الانتقام، رغم أن غسان أمين (ابن عم عمر) شارك في هجوم أسفر عن إصابة والدته، وفقاً للصحيفة.
وتشير الوثائق إلى أن مراهقاً عراقياً اتهم أمين بقتل عمه، وبأنه «كان متورطاً في زراعة العبوات الناسفة» و«صديق مقرب من أبو بكر البغدادي».
وجمع برزان شهادات إضافية تتهم أمين بالإرهاب، قدمها إلى وكيل «أف بي آي» في 21 أيلول (سبتمبر) 2017.
لكن «نيويوركر» شككت في مصداقية بعض الشهادات العراقية التي تتهم أمين بتنفيذ عمليات «القاعدة» مع ابن عمه غسان عام 2007، لاسيما وأن الأخير كان معتقلاً لدى الأميركيين منذ عام 2005.
كذلك، في 15 نيسان (أبريل) 2018، أدلى رجل عراقي بشهادة أمام قاضي تحقيق في بغداد، في جلسة حضرها ثلاثة مراقبين من «أف بي آي»، زاعماً أن أمين اختطف ثلاثة من أعمامه في نوفمبر 2016، وهو تاريخ كان خلاله أمين في الولايات المتحدة.
ورغم الشكوك حول الكثير من الشهادات ضد أمين، قررت مساعدة الادعاء العام الفدرالي في شرق كاليفورنيا، أودري هيميساث، إصدار مذكرة تدعم تسليم أمين إلى السلطات العراقية لمحاكمته بتهم الإرهاب والقتل.
حالة أمين
في الوقت ذاته، بدأ الإحباط يتملك أمين الذي كان يقبع في سجن يخضع للحراسة المشددة، وتوقف عن تناول الطعام لدرجة أثارت قلق الحراس. فسأله أحدهم «هل أنت صائم؟». فأجاب بـ«لا». ثم سأله: «هل تريد أن تموت؟»، فأجاب: «نعم».
نقل على أثر ذلك إلى مكان آخر حيث قدمت له أدوية مضادة للاكتئاب، وتفقده العاملون هناك كل 30 دقيقة. وبعد أيام، بدأ ينام ويأكل من جديد، وأعيد إلى زنزانته.
وذكرت «نيويوركر» أن وزارات العدل والخارجية والأمن الداخلي الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي رفضت التعليق على المعلومات الواردة في تقريرها.
وجاء التدقيق في قضية أمين، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي ينتقد بشدة برنامج اللجوء في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، مشككاً بالتدابير التي اتخذت لمنع الإرهابيين من دخول الأراضي الأميركية كلاجئين.
ونقلت «نيويوركر» عن مسؤولين، لم تكشف عن هويتهم، أن أمين كذب بشأن عضويته في تنظيمين إرهابيين عندما تقدم بطلب الحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.
Leave a Reply