أخرج “تيار المستقبل” مشروعه الحقيقي إلى العلن بعد ست سنوات من الكذب والنفاق والتدليس، ولم يجد حرجاً بإشهاره على الملأ، وإن تتطلب الأمر جرأة استثنائية تصل إلى حد الوقاحة.
عندما يعلن تيار المستقبل بأن سلاح المقاومة هو سلاح غير شرعي وبالتالي يجب نزعه، فإنه يمهد الطريق لعودة “اللحدية السياسية” الى لبنان، بعد أن استطاعت المقاومة دحر “اللحدية العسكرية” من الجنوب الى غير رجعة. وغداً، عندما تنفذ إسرائيل تهديداتها وتشن اعتداء جديدا على لبنان بهدف نزع سلاح المقاومة، فلن يكون أمام “تيار المستقبل” سوى الخروج الى الساحات والشوارع مهللا ومطبلا للحرب الإسرائيلية على لبنان، فقط من باب الانسجام مع مواقفه السياسية. ومن غير المستبعد أن يشكل “المستقبل” لجانا شعبية وهيئات دعم تساند الجيش الاسرائيلي في حربه على المقاومة من أجل تحقيق “النصر المؤزر” المشترك الموعود والموهوم، طبعا من غير أن ننسى ما يمكن أن تقوم به “القوات اللبنانية” من جهود ومساعدات في هذا المضمار لما لها من خبرة سابقة بالتعامل مع الإسرائيلي.
هذا هو مشروع “المستقبل” من الآن وصاعدا: استهداف المقاومة بقرار اتهامي يأتي على صهوة المحكمة الدولية تحت مسميات وادعاءات العدالة والحقيقة.
وقد استطاع “المستقبل” أن يروج ويرسخ اتهام المقاومة داخل قواعده الشعبية بشكل مريب ومخيف، مستعينا بماكينته الحزبية ووسائله الاعلامية، ومستفيدا من الخلافات السياسية ومن الواقع الطائفي والمذهبي الذي تعيشه البلاد، ومعولا بدرجة أساسية على “الغباء السياسي” وغياب الوعي والتثقيف داخل القواعد.
وإذا خاصمك الحظ وجالست أحدهم أو مجموعة منهم، فإن رواية الاغتيال حاضرة في قالب جاهز، عماد مغنية هو من خطط ونفذ عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بقرار سوري-ايراني، ثم قامت سوريا بتصفية عماد مغنية، بعد أن انكشف أمر الجريمة، فيصار الى الصاق التهمة به حصرا، كما اقترح “الشيخ سعد” على “السيد حسن” في آخر جلسة لهما العام الماضي. والدليل الحجة هو بيانات الاتصالات الهاتفية بالتزامن.
ومن أجل عدم إثارة الفتنة (لأن ذلك يتنافى ويتعارض مع تيار المستقبل العلماني) يروج التيار بأن اتهام الأفراد هو ليس اتهاما للطوائف، واتهام الأحزاب ليس اتهاما للطوائف، وبقي أن يعلن “المستقبل” بأن اتهام الشيعة في اغتيال الحريري ليس اتهاما للطائفة الشيعية. وطبعا لا يمكننا إلا شكر التيار على جهوده الجبارة في وأد الفتنة ومحاصرتها.
تعصف هذه الأيام بـ”المستقبل” موجة سخط وتشنج بفعل الخسارة الكبرى للسلطة في لبنان. خسارة لا يعادلها الا تخريب البلاد وجرها الى أتون الفتنة. وما “يوم الشغب” اللبناني إلا مثالا مصغرا عن همجية العملية التخريبية التي ينوي التيار خوضها. ليس هذا فحسب، فقد قرر التيار نقل معاركه إلى بلاد الله الواسعة، إلى بلاد الاغتراب، كي يبدأ بمشروعه الفتنوي.
من ميشيغن، ومن مدينة ديربورن قرر “تيار المستقبل” أن يفتتح أولى معاركه التخريبية والتحريضية، ولشد العصب وشحذ الهمم فقد بدأ التيار باختراع أولى حكاياته المملة عن التهديد والاضطهاد، ظنا منه أن تلك الأساليب تنفعه في إعادة ترتيب صفوفه ولفت أنظار قيادته في بيروت، التي يظن أنها ستسارع إلى بعث الدعم اللوجستي لنجدته ودعم صموده بوجه “الهجمات والتهديدات” التي يتعرض لها.
ولابد هنا من الاعتراف لـ”تيار المستقبل في ميشيغن” بإتقان تسويق الكذب وتلفيق القصص والروايات بشكل يصلح لتحقيق الابتزاز المنشود لقيادته المركزية في لبنان. إلا أن ذلك يبقى شأنا داخليا بينه وبين قيادته (موضوع الابتزاز). أما موضوع الكذب والافتراء ونسج البطولات على حساب اللبنانيين في ديربورن فذلك موضوع لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن السكوت عن مجموعة من المتوترين تسعى وتدعو للشقاق في جاليتنا اللبنانية وتحرض عليها في العلن، ولا يمكن أن يتخيل المرء ما يخطط له هؤلاء في السر وفي عسس الليل من وشايات ومؤامرات. ألم يقل بالأمس أحد “الموتورين”، بأن ما قبل الحفل ليس مثل ما بعد الحفل..
يا للمهزلة..
Leave a Reply