سؤال يطرح على تيار المستقبل هو التالي: هل كان ليقبل باتفاق الدوحة بكل بنوده لولم يحصل ما حصل في بيروت وباقي المناطق؟ ألم يقاتل اعطاء الثلث المعطل للمعارضة، بكل ما اوتي من قوة المكر والخداع والمماطلة؟ الم يوقف البلاد ويعطل المؤسسات بسبب تعنته لأكثر من عامين (لأن الازمة الحكومية تعود الى ما قبل حرب تموز 2006
السؤال الاول المطروح ليس بالضرورة تأكيدا لمسؤولية تتحملها المعارضة عما حصل في ذلك اليوم، ولكنه اشارة اولية الى ان ما حصل بعد الاحداث في الدوحة، كان بمثابة هزيمة سياسية لتيار المستقبل وفشل لخياراته ولتطلعاته المستقبلية المتعلقة باستمراره على نهج الرئيس الراحل رفيق الحريري كما يدعي التيار. وهنا لا بد من تسجيل انه ليس بالضرورة اذا كنت مهزوما انك لا تتحمل المسؤولية عن بدء تلك الاحداث التي ادت الى انكسارك وتراجعك. فهزيمتك لا تعفيك من المسؤولية ولا تغسل يديك من الدماء التي اريقت من كل الاطراف، انما ذلك دليل اضافي على التوغل في غابات الغباء المستفحل التي وقع فيها تيار المستقبل بزعامة مراهقة لم تبلغ الفطام السياسي بعد، وهي تسبح في بحر سياسي هائج لا يرحم ولا تنفع معه العنتريات والمظاهر المتورمة والوعود الحريرية والرشاوى وشراء الذمم والضمائر.
فليس كونك فشلت في المواجهة انك لم تعد العدة ولم تستنفر كل عصبيتك الفئوية والمذهبية التي ادت، وكانت السبب المباشر في نهاية المطاف، للانفجار. وربما كانت غلطتك الجسيمة هي تقديرك بأن الخصم لن تجره استفزازاتك المتكررة الى المعارك الضيقة، ولكن، لسوء حظك العثر، هذه المرة آثر تأديبك وجلدك بما تستحقه، بعد ان تماديت في عدوانك ومديت في طغيانك، مسديا اعظم الخدمات للدولة العنصرية اسرائيل عبر محاولة كشف ظهر المقاومة، فنلت المستحق من نصيبك بلا اسف، ونال جزء من الشعب اللبناني حقوقه المستباحة من قبل زعامتك التي احتكرت حقا ليس لها في بيروت والشمال، على امل ان يعتمد قانون انتخابي نسبي كي يزول معه سطوك على اصوات الناخبين في كل بيروت.
اما مالك السياسي فقد سقط بملياراته وبكل ما قد يصل اليه، تحت اقدام الشعب في جزء منه، والجزء الآخر بلعته جيوب الموالين المستنفعين، فصاروا كمن اكل الطعم وبصق على الصياد والسنارة.
عسى ان يأخذ تيار المستقبل العبر المفيدة من الاحداث الاخيرة، وعساه يفهم ان المال السياسي لا ينفع ولا يؤسس لمشاريع سياسية حقيقية وبناءة، انما الشراكة القائمة على الاعتراف بحق الآخر وعدم الاستئثار بالسلطة، وبتحصين الوطن من التدخلات الاجنبية والمشاريع المشبوهه وبصد الاعتداءات والاطماع الاسرائيلية من خلال مقاومة قوية معززة بحمايتين سياسية واجتماعية.
فالمليارات العشرة التي رصدتها السعودية مؤخرا لدعم الموالين لها لن تنفع ولن تؤتي اكلها، ولن يكون مصيرها احسن من سابقاتها التي صرفتها في طول وعرض البلاد من غير ان تؤدي الى النتائج المرجوة. فهذه الاموال لن تجعل سمير جعجع زعيما مسيحيا متفوقا على الجنرال عون ولو تحولت جبيل وكسروان وبعبدا الى رياض يجري من تحتها النفظ والغاز الطبيعي.
لا بأس ان عاد فؤاد السنيورة مرة جديدة، ولو اخيرة، رئيسا للحكومة اذا كان ذلك يشعر قوى «14 آذار» بأنها لم تهزم نهائيا، فليس ذلك هدفا بحد ذاته بقدر ما هو هزيمة لمشروع سياسي وليس لاشخاص. ولا بأس اذا كانت عودة السنيورة الى الحكومة تعطي تيار المستقبل فرصة اطلاق النار في الهواء ابتهاجا ليقول بأنه لن يستكين ولن يستسلم، فالعبرة بالقدرات والامكانات والمثابرة والجد والعمل المضني وليس بالنكايات والكيديات التي اوصلت اصحابها الى الفشل والتضعضع.
لا بأس اذا عاد السنيورة رئيسا للحكومة، ولكن من دون بأس، وبلا حول ولا قوة، طالما ان هنالك في مكان ما من يقول له، والى حين الانتخابات المقبلة، قف مكانك يا فؤاد، راجع قرارك، فانك لست بمسيطر، اخلع نعليك، وانزع عنك حلتك الخارجية، انك في وادي الثلث المعطل…
Leave a Reply