لانسنغ، ديترويت – خاص «صدى الوطن»
تشهد ولاية ميشيغن هذا الخريف معارك انتخابية كثيرة لكن لا شك أن أبرزها، السباق على مقعد سناتور الولاية في الكونغرس الأميركي والذي سيكون حاسماً بالنسبة للحزب الديمقراطي والرئيس باراك أوباما في معركة الحفاظ على الأغلبية داخل مجلس الشيوخ بواشنطن. والمعادلة واضحة في هذا الإطار، فإذا خسر الديمقراطيين مقعد السناتور ليفين لصالح مرشحة الحزب الجمهوري تيري لين لاند، فإنهم لاشك سيفقدون الأغلبية في مجلس الشيوخ، ليتحول أوباما، بحال حدوث ذلك، الى رئيس ضعيف أو «بطة عرجاء»، وفق قاموس السياسة الأميركية.
الجمهورية تيري لين لاند في إعلان مصور لحملتها. |
ويعول الديمقراطيون في هذا السباق على النائب الأميركي عن مقاطعة أوكلاند، غاري بيترز الذي قرر ترك مقعده في مجلس النواب بهدف خوض معركة الحزب للاحتفاظ بمقعد السناتور كارل ليفين الذي قرر بدوره التقاعد وعدم خوض السباق المحتدم.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخراً أن بيترز متقدم بفارق ضئيل جداً -لا يتخطى هامش الخطأ- بمواجهة لين لاند التي تمكنت حتى الآن من جمع تبرعات مالية ضخمة لصالح حملتها الإنتخابية، ما يعني أن الديمقراطيون وفي مقدمتهم الرئيس أوباما عليهم أن يبذلوا جهداً مضاعفاً لجذب ناخبي الولاية الى صناديق الإقتراع في انتخابات السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لاسيما مع إجهاض ورقة رفع الحد الأدنى للأجور التي كانت كفيلة بتحفيز الناخبين من الشباب ومحدودي الدخل، غير أن الحاكم ريك سنايدر وقع بهذا الشأن قانوناً رفع بموجبه الحد الأدنى تدريجياً الى 9,25 دولاراً للساعة بحلول مطلع العام 2018، ما أفقد هذا الإستفتاء الزخم الذي كان يُعوَّل عليه.
ولغاية الشهر الماضي، وصل حجم الانفاق على الحملات الدعائية لحملتي لاند وبيترز حوالي 11 مليون دولار منها سبعة ملايين أنفقها الجمهوريون بضمنها خمسة ملايين من جماعة «أميركيون من أجل الرفاه» الممولة من الأخوين تشارلز وديفيد كوخ وهما رجلا صناعة أثرياء، مقابل أربعة ملايين انفقها الديمقراطيون، وقد تعهد طوم ستاير وهو من انصار حماية البيئة بضخ عدة ملايين من الدولارات في حملة الديمقراطيين لمضاهاة إنفاق حملة الجمهوريين.
يذكر أن تعديل قوانين التبرع الإنتخابي جعلت من السهل على حملات الناخبين جمع المزيد من الأموال لاسيما من الشركات الكبرى والأثرياء.
غير أن المراقبين يرون أنه لا زال أمام الحزب الديمقراطي أوراق قوة عديدة في ميشيغن منها ما هو تقليدي، مثل أصوات الأقليات والنقابيين، ومنها ما هو استراتيجي، وفي مقدمته فرص الدعم التي يمكن أن توفرها إدارة أوباما لصالح إنهاض مدينة ديترويت التي تتظافر حولها جهود أقطاب السياسة والمال والأعمال. ولذلك يرجح المراقبون أن يقدم البيت الأبيض على قرارات هامة بشأن ديترويت في غضون الأشهر القادمة التي ستشهد ارتفاعاً متوقعاً في وتيرة المنافسة بين لين لاند وبيترز، لاسيما بعد انقضاء مرحلة الإنتخابات التمهيدية المقررة يوم الخامس من آب (أغسطس) المقبل.
وفي السياق، صدر الأسبوع الماضي قرار من جانب سلطة خفر السواحل منح بموجبه آخر تصريح مطلوب لبناء الجسر الدولي الجديد الذي يصل ديترويت بمدينة ويندسور الكندية، وهو المشروع الذي لطالما دعمه سنايدر وخاض من أجله معارك سياسية وانتخابية.
وأظهر استطلاع للرأي أجري لصالح شبكة «أن بي سي» (القناة الرابعة محلياً) وصحيفة «ديترويت نيوز»، تقدم الديمقراطي بيترز بفارق ضئيل على منافسته سكرتيرة ميشيغن السابقة، حيث تفوق النائب الديمقراطي بنسبة 4,3 نقاط مئوية وهي أعلى قليلاً من نسبة هامش الخطأ وذلك بحصوله على 39,6 بالمئة مقابل 35,3 بالمئة حصلت عليها لين لاند، فيما أبدى 23 بالمئة ترددهم من أصل 600 مستطلع من الناخبين المحتملين الذين شملهم الاستطلاع في الفترة الممتدة من 20 الى 22 أيار (مايو).
أما على ضفة الجمهوريين، فهناك أيضاً أوراق قوة كثيرة، تعكسها سيطرة الحزب على كافة المناصب التنفيذية على مستوى الولاية، إضافة الى استحواذهم بالأغلبية داخل مجلسي الكونغرس بالعاصمة لانسنغ، ويعول الجمهوريون هذا الخريف على تلوين ميشيغن باللون الأحمر بالكامل، وذلك عبر خطف مقعد السناتور ليفين، ويعول الحزب في ذلك على شعبية الحاكم ريك سنايدر التي اتسمت سنوات ولايته الأولى بتحسن اقتصادي ملحوظ الى جانب تأييده لجذب المهاجرين الى الولاية ما أكسبه شعبية إضافية في أوساط الأقليات والإثنيات المتعددة في ميشيغن والتي عادة ما تصب أغلب أصواتها في صالح الديمقراطيين.
وقد أظهر الإستطلاع أن سنايدر لا يزال يتقدم بفارق مريح على منافسه الديمقراطي النائب السابق في الكونغرس الأميركي عن ميشيغن، مارك شاور، والذي حصل على نسبة تأييد بلغت 35,2 بالمئة مقابل 45 بالمئة للحاكم الجمهوري الحالي، فيما أبدى 18 بالمئة ترددهم.
ولا شك أن نتائج الإستطلاع كانت مطمئنة لحملة سنايدر، حيث أشار خبير الاستطلاعات ريتشارد كزوبا الى أن مارك شاور، وقبل خمسة شهور من الانتخابات النصفية، مجهول من قبل أكثر من ٤٠ بالمئة من ناخبي الولاية، إذ لا يعرفه سوى 57,8 بالمئة منهم، كما أكد ثلث المستطلعين من الديمقراطيين أنهم لا يعرفون من هو شاور، وذكر 41 بالمئة من ناخبي منطقة ديترويت أنهم لا يعرفون شاور، بل أن ثلث الديمقراطيين قالوا إنهم سينتخبون سنايدر لو أجريت الانتخابات الآن.
في المقابل، قال 28 بالمئة من المستطلعين إنهم سمعوا عن شاور بأنه نائب أميركي سابق عن منطقة باتيل كريك لكن ليس لديهم أي انطباعات عنه.
كما أن مدعي عام الولاية بيل شوتي، وسكرتيرة الولاية روث جونسون، يسيران بخطى ثابتة للاحتفاظ بمنصبيهما.
أما بخصوص الإنتخابات التشريعية على مستوى كونغرس الولاية، فمن غير المرجح أن تتهدد الأغلبية التي يسيطر عليها الجمهوريون في المجلسين. وفيما يخص مقاعد ولاية ميشيغن الـ١٤ في مجلس النواب الأميركي، فتشير التوقعات الى أن التوازن الحالي غير مرجح للتبدل، إذ يسعى الجمهوريون الى الإحتفاظ بتسعة مقاعد منها، كما يسعون الى انتزاع المزيد.
ويخشى الديمقراطيون أن يلجأ الناخبون الى اختيار قائمة الجمهوريين كاملة نظراً لتأييدهم سياسات سنايدر مثلاً أو رغبتهم بالإقتراع لنائب محلي أو أميركي من الحزب الجمهوري، الأمر الذي سيعزز حظوظ لين لاند بشكل واضح.
تبقى جميع الإحتمالات الإنتخابية مفتوحة إلا أنه لاشك ستشكل الإنتخابات هذا العام انعطافة مصيرية بالنسبة للسنتين الأخيرتين من عهد أوباما الذي لا تزال لديه أجندة زاخرة بالمشاريع الطموحة التي تشمل ملفات الهجرة والمناخ والحد من انتشار الأسلحة وغيرها من المواضيع الداخلية المثيرة للجدل والتي يحتاج معها أوباما الى ظهير يعينه في الكونغرس، ما يضع الرئيس الأميركي في موقع لا يتحمل معه فقدان حزبه للأغلبية في مجلس الشيوخ، وخاصة مقعد ميشيغن الذي كان من المفترض أن يكون في الجيب.
على أي حال، فإن التعاون بين حكومة سنايدر وإدارة أوباما بشأن ديترويت سيكون ذات دلالات كثيرة في الأشهر والأشهر القادمة، وحتى تشرين الثاني المقبل، يبقى على الناخبين في ميشيغن، وبينهم العرب الأميركيون الذين باتوا يشكلون ثقلاً انتخابياً أساسياً في منطقة ديترويت، مراقبة السباق عن كثب لاختيار مرشحهم المفضل لقيادة سفينة الولاية وأيضاً المرشح المناسب لتمثيلهم داخل مجلس الشيوخ الأميركي الى جانب السناتور الديمقراطية الحالية دبي ستابينو.
Leave a Reply