بعض مطلقي النَّار في لبنان هم أكثر من غوغائيين بل متخلفون لا يكادون يفقهون قولاً. في كل المناسبات يقوصون بأعيرتهم النارية في الهواء فلا يبقى الرصاص مخترقاً الفضاء بل يصيب من النَّاس والأطفال والنساء مقتلاً. في مناسبات الأفراح والأعراس يحتفلون بالرصاص، وفي الجنازات لا يرضون إلا مشاركة البعض بموت صاحبهم وفي الخطابات يطلقون النَّار في كل الاتجاهات غير عابئين بالتحذيرات ورسائل الموت وضاربين عرض الحائط بكل القيم والمخاطر والمحاذير الناجمة عن هذه العادة البربرية.
وهكذا اشتعل لبنان يوم الخميس ناراً والسبب إعلان نتائج شهادة البريفيه، فكيف لو كانت شهادة دكتوراه يا جماعة؟ ومثل كل مرة، حصيلة الرصاص الطائش نجمت عنها عدة جرحى وقتلى أبرياء.
وبدل أنْ يحتفل أولياء الطلبة ويتسببوا بكوارث لأجل «شقفة شهادة»، كان الأحرى والأجدى بهم أنْ يفرحوا ويبتهجوا بزوال «داعش» الإرهابية من العراق التي سقطت بشهادة الحق والعدل وأن يوفروا ذخيرتهم للمقبل من الأيام بعد استعادة الاراضي التي سلبها الدواعش من العراق وخطورة تقوقع السفَّاحين الممكن في مناطق خارج العراق وانفلاشهم إلى لبنان ممَّا يضع اليد على القلب في هذه الفترة الحرجة من الزمن.
كلما أعلن الجيش العراقي الباسل وقوات الحشد الشعبي عن تقدمهما في الموصل وحتَّى الحدود السورية كلما بانت صورة ذلك الجندي السوري الشهيد قبل أن يعدمه مجرمو «داعش» عندما قال كلماته الاخيرة مقسماً «والله لنبيدها»، وها هو قسمه يتحقق بطرد فلول الشياطين من الموصل وبتقدم القوات السوريَّة والمقاومة رغم المخطط الغربي بمنع انهيار التكفيريِّين الوهابيين. لكن مهما كان المخطَّط فلن يلغي الحتمية التاريخية بالقضاء على بؤرة الارهاب مهما طال الوقت وذريعة واشنطن بتهيؤ الجيش السوري للقيام بهجوم كيميائي ما هي إلا فقاقيع صابون وقنابل دخانية.
إلا أنَّ الخطر من إيجاد موطيء قدم جديد للخوارج المجرمين هو أمرٌ وارد نتيجة استمرار الصراع السعودي الإماراتي والقطري. وهنا ملاحظة مهمة على الهامش ان الفكر الوهَّابي الذي كان يروِّج لوجود فتنة سنية–شيعية (وآخرها خطاب خادم بنيرءعود في الحرم) تبيَّن انها مفتعلة وسياسية بدليل ان مملكة بني سعود ومشيخة قطر تعتنقان نفس عقيدة الوهَّابية التكفيريَّة المارقة وهم الآن يكادون يبيدون بعضهم. فكل كلام عن الفتنة الطائفية هو هراء ومن صنع الوهابيين الذين يقال انهم فرزوا المئات من الجيش السعودي الالكتروني لبث الفرقة بين المسلمين الشيعة أنفسهم في ظل انتصارات القوات العراقية والسورية ضد التكفيريِّين الذين يحملون نفس عقيدة الوهَّابية.
الاحتمال الكبير أن يتمدد التكفيريُّون إلى ليبيا أو السودان بعد أن باع بركيل الخرطوم نفسه وبلده وجيشه وشرفه لبني سعود. ويبقى الخطر في لبنان الذي لا يزال الوضع السياسي هشاً فيه بفضل الزعماء والقادة الممددين لأنفسهم والمتلهين بالعراضات الانتخابية واللوائح الانتخابية منذ الآن غير ملتفتين إلى ما يدور حولهم من تحالف علني بين بني سعود وبني صهيون ثمنه تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى العدو الاسرائيلي بعد أخذها من مصر. إلا أنَّ مهزلة المهازل هو ما جرى مع المطربة المارقة ضد وطنها أصالة نصري التي ضُبطت متلبسة في مطار بيروت بكمية من الكوكايين ثم رغم عطلة نهار الأحد سارع القضاء اللبناني «الحمش» إلى الإفراج عنها بعد ساعات قليلة بينما إمرأة حاجة مسنة طاهرة مريضة بالسرطان من بلدة النبطية وُضعت قيد الإعتقال عشرة أيام بسبب بناء أولادها لخيمة على السطح ولم يكن العقار حتَّى بإسمها. وبالمناسبة، لم تتم احالة تلك القاضية المتصابية الحاقدة على التحقيق وتمت لفلفلة القضية مثل كل الفضائح في مسخ الوطن. لكن أصالة يُخلى سبيلها اما اعتقال شخص للاشتباه بإسمه يبقى في السجن ستة أشهر؟ بل ماذا عن ذلك الفلسطيني المتهم بقتل دبلوماسي أردني حيث بقي في الحبس 15 عاماً رغم اكتشاف القاتل الحقيقي بعد عدة سنوات من الجريمة؟ يحيا العدل!
بلبنان «ما في شي بيفشّ الخلق يا خيي» لأن النَّاس عم يفشّ فيها الرصاص الطائش وميزان العدل الطابش!
Leave a Reply