لم يترك ساسة لبنان باباً الا وأقفلوه أو تركوه مُوارباً الى أجل غير معروف، في وجه اللبنانيين. البعض من اللبنانيين اعتاد على قراراتهم وتصرفاتهم فقرّر مُجابهتهم بجملة واحدة: «ليس هناك بلد أجمل من لبنان، وإذا كان قدرنا أن نعيش فيه، في حُلوه ومُرّه، فليكن إذاً»، بينما أخذ آخرون قراراً في الوقوف أمام أبواب السفارات والصلاة علّ السفارة تمنحهم تأشيرة تحرُّر من البؤس اللبناني. وما بين أولئك وهؤلاء، هناك شريحة قرّرت المحاربة من خلال الإضرابات والإحتجاجات، وشريحة أخرى حطّت برحالها في بلاد الغربة، هرباً، وهي لا تدري اذا ما كان حنينها يؤرّقها لتعود الى لُبنان على حساب أعصابها فقط لوجود عائلتها هناك أم لتلعنه لحظة تلو الأخرى على تشريدها.
لم يُخطىء رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في إطار زيارته على رأس وفد وزاري الى كل من بلغاريا وهنغاريا والتي انتهت يوم الثلاثاء بعد لقاءات مع كبار المسؤولين تمّ فيها الحديث عن توطيد في العلاقات مع البلدين، عندما أكّد على عزم الحكومة على تعيين هيئة البترول. فأخيراً، وفي لحظة تاريخية فريدة من نوعها قامت الحكومة بإقرار هيئة النفط لست سنوات وتعيين أعضائها وذلك بعد ضغط مارسه الرئيس نبيه بري بناء على معلومات علمية عن مخزون النفط والغاز الطبيعي المتوفّر في البحر. وفي حين اتّخذت هذه الخطوة منحى «سياسياً» تمثّل في إثبات على العمل الجاد والجدي الذي تقوم به الحكومة في وجه المعارضين لبقائها والمشدّدين على اسقاطها، شدّد الرئيس بري على الإمكانيات التي تحملها هذه الهيئة للبنان واللبنانيين خاصة من ناحية الأبعاد الإقتصادية الإيجابية التي يُعتبر لُبنان في أمس الحاجة اليها. وبما أنّ المرحلة الأولى انتهت على خير، فسيتم الآن الإنتقال الى المرحلة الثانية والتي تتضمّن استدراج العروض والمناقصات قبل البدء بالحفر والتنقيب عن الغاز والنفط. وبالرُغم من أنّ الخطوة الثانية لا بدّ أن تأخذ وقتاً، لكن ما هو مؤكّد أن تطوير الإقتصاد وإنعاش القطاعات كافة هو حقاً ما يحتاج اليه لبنان في الوقت الحالي.
وفي الجلسة ذاتها التي تقرّر فيها إقرار الهيئة النفطيّة، فقد كان آخر ما قرّرته الحكومة فيما يخص موضوع سلسلة الرتب والرواتب هو إرجاء البت في مصادر تمويلها لنحو أسبوعين بعد الإستماع الى حاكم مصرف لُبنان رياض سلامة والذي اقترح التقسيط على مدى خمس سنوات. وكرد على قرار مجلس الوزراء المجحف كعادته في هذا الخصوص، أعلنت هيئة التنسيق النقابية تنفيذها لإضراب عام يشمل القطاع التعليمي والادارات والمؤسسات العامة مع توعّدها بالتصعيد من خلال شل تام للقطاع العام في حال بقي الوضع على ما هو عليه وأصرّت الحكومة على تناسي معاناة الناس.
من ناحية ثانية وإنما دون شك مُتّصلة، اعتصم أصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهي ونُقباء القطاع السياحي في السوديكو، في وجه القانون 174 والذي يُحظّر التدخين في الأماكن العامة والمغلقة. وقد دعا الجميع الى وقف العمل بهذا القانون في انتظار تعديله في ضوء الوضع الإقتصادي المزري الذي يعيشه لبنان، والذي تفاقم بعد اغتيال العميد وسام الحسن في الأشرفية. وقد أسفرت الأزمة السياسية مُرفقة بهذا القانون عن انخفاض ملحوظ في نسبة السياح مما انعكس سلباً على أصحاب الفنادق والمطاعم، قاطعاً أرزاقهم ومؤدياً الى تراجع مهول في القطاع السياحي.
من جهة أخرى، قام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بزيارة خاطفة الى بيروت استمرّت ثلاث ساعات. وقد حذّر هولاند ضمن لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الإثنان لاحقاً، من مغبّة الفراغ في هذه المرحلة الحساسة التي يعيشها لُبنان والتي زادت خطورتها بعد إغتيال الحسن. وفي ظل تداعيات الأزمة السورية على الواقع اللبناني والتي شكّلت مصدر قلق فرنسي، أكّد على مخاطر إسقاط الحكومة على القرار 1701. ومن خلال هذه الزيارة التى نوّه فيها الرئيس الفرنسي بجهود ومواقف سليمان فيما خص مُطالبته بعدم إيقاف الحوار السياسي البنّاء ودعم المؤسسات، برهن بطريقة غير مُباشرة على قرار فرنسا، التي أكّدت على دعمها لسليمان، في أن يكون لبنان معبرها الى الشرق الأوسط.
وفيما يخصّ موضوع الإنتخابات، فإنّ أفضل عبارة تخدم وصفه في الوقت الحالي هي «مكانك راوح». من جهته، عبّر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس السابق فؤاد السنيورة، وفي إطار لقاء جمعه بالبطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، عن ثقته بالدور الإيجابي الذي يلعبه رئيس الجمهوريّة مؤكداً على أهمية إزالة التوتّر الحاصل قبل الإنتخابات النيابيّة. وفي الوقت ذاته، أشار الى أهمية توفُّر حكومة حيادية والرجوع الى الأصول التي حدّدها الدستور. أيضاً، شدّد مجلس المطارنة الموارنة على الإستجابة للحوار والمطالبة بقانون انتخابي جديد.
أمنياً، وبناءً على توجيهات المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة، قائد وحدة القوى السيارة العميد روبير جبور، قامت قوة من قيادة سرية السجون المركزية تؤازرها قوة من القوى السيارة – سرية الفهود بتفتيش مبنى «ب» ومبنى المحكومين في سجن رومية المركزي. وقد تمّ ضبط مجموعة من الهواتف المحمولة عدا عن جهاز بث انترنت وحاسوب لوحي «آيباد».
Leave a Reply