يستعد لبنان للإنتقال مجددا الى صدارة المشهد الإقليمي بعد الزيارتين الرسميتين لموفد إيراني وآخر أميركي اختصرتا طبيعة الصراع في المنطقة مرة جديدة من البلد الصغير.
وعلى الرغم من تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن تزامن الزيارتين محض صدفة، إلا ان الملفات، التي حملها كل من نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان برفقة عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جوزف ليبرمان، تؤشر بوضوح الى حجم الآمال والأهداف التي يعلقها كل طرف على الساحة اللبنانية.
الدبلوماسي الإيراني التقى كل من الرؤساء الثلاثة والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، واضعاً كل امكانات ايران في خدمة الشعب اللبناني، وداعياً الى “ضرورة تثمير الاتفاقات ومذكرات التفاهم الثنائية لما فيه مصلحة البلدين”.
ولئن كان المعلن من زيارة الوفد الإيراني الرفيع المستوى دعم لبنان على الصعيد الاقتصادي تحديداً، عبر إعادة الحديث بالطرح الايراني لحل مشكلة الكهرباء المزمنة، فإن مضمون الزيارة حمل في طيّاته اهتماماً إيرانياً بعدم تغير بوصلة سياسة لبنان دولياً، في ظل الضغوط الاميركية ومع اقتراب استحقاق الانتخابات التي بدأت عمليا مع انطلاق البحث في قانونها.
قانون الانتخابات هذا كان البند الأول على جدول أعمال الضيف الأميركي جيفري فيلتمان الذي حاول جاهدا ضخ دم جديد في “ثورة الأرز” من خلال لقاء حار في منزل النائب بطرس حرب غابت عنه “القوات” و”الكتائب” والنائب ليلى معوض.
وكان فيلتمان قد التقى فور وصوله الى بيروت النائب وليد جنبلاط الذي أولم على شرف “صديقه”. كما شملت جولة فيلتمان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع والمطران الياس عودة.
غير أن اللافت في الحراك الأميركي كان الجولة الميدانية للسناتور جوزف ليبرمان على الحدود الشمالية مع سوريا، بما لا يخفي رهانا اميركيا على التصويب من لبنان باتجاه دمشق، على ان تكشف الأيام القليلة المقبلة عن طبيعة هذا الرهان. وشملت لقاءات ليبرمان افرادا وجهات مناهضة للنظام السوري، قبل أن يجتمع برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللذان أكدا ضرورة إبعاد لبنان عن تداعيات الملف السوري.
في هذه الأثناء، شكلت الزيارات الدبلوماسية الاميركية والايرانية فرصة للحكومة لترتاح من مناقشة عقيمة للملفات المعيشية، فتم إرجاء كافة الامور المالية في جلسة الاربعاء الماضي الى جلسة الخميس الماضي، ثم تم الغاء جلسة الخميس نظراً للإنشغال بالضيوف!
وبدا واضحاً ان سبب الإلغاء يعود الى عدم توافر توافق حول موضوع الانتخابات واقرار مشروع انفاق الموازنة، في حين نفذ الاتحاد العمالي العام اضرابا يتيما لم يلق صدًى لدى العمال نتيجة انعدام الثقة بقيادة الاتحاد عقب جولات التفاوض مع الحكومة في الفترة السابقة.
عقبات تواجه اقتراع المغتربين
موافقة مجلس الوزراء في الجلسة الحكومية ما قبل الأخيرة على اقتراح وزير الخارجية عدنان منصور السماح باقتراع المغتربين بقيت خطوة ناقصة، بسبب غياب الآليات المطلوبة لتحقيق هذه الخطوة. ولعلّ ابرز المعوقات امام تطبيق هذا الاجراء يعود الى غياب المكننة الالكترونية اللازمة لتحقيق الربط المعلوماتي بين البعثات الدبلوماسية في الخارجية والوزارات المختصة بالعملية الانتخابية. مع الاشارة الى ان غياب الامكانات لمواكبة اقتراع المغتربين في الخارج فرض أيضا تأجيل البحث في قرار “كوتا” نيابية لهم من عشرة نواب موزعين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
وبموجب الأفكار المتداولة، على المغترب التوجه الى سفارة لبنان في البلد الذي يقيم فيه لملء نموذج يسمح له المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، حيث يتضمن النموذج اسمه واسم والدته ورقم جواز سفره وتاريخ صدوره ورقم سجله ومحل وتاريخ ولادته، مصرحاً إن كان يريد الانتخاب في بلد الاغتراب أو في لبنان.
وفي حين يجري العمل حاليا على انجاز لوائح اللبنانيين الذي تقدموا بطلبات حتى الساعة في الخارج، فقد شهدت عملية ملء الاستمارات نقلة نوعية نسبيا بعد ان عمدت بعض السفارات، كما هو الحال في أميركا وفرنسا مثلا، الى وضع النموذج على موقعها على شبكة الانترنت، وأعلنت استقبال النموذج عبر الشبكة الالكترونية.
وقد بلغ عدد اللبنانيين المغتربين الذي سجلوا اسماءهم ما يناهز الخمسة آلاف، علما ان هناك متسع من الوقت قبل انطلاق الانتخابات في العام 2013.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين قد أرسلت تقريرها في موضوع “اقتراع اللبنانيين غير المقيمين في الانتخابات النيابية لسنة 2013” منذ عهد الوزير السابق علي الشامي، محددة الاحتياجات اللوجستية والكلفة التقديرية التي وافق عليها مجلس الوزراء أخيراً وهي بحدود مليونين ونصف المليون دولار، وهي كلفة الوزارة لوحدها وتتعلق بمصاريف الموظفين وكل أدوات الانتخابات، أما الكلفة العملية المطلوبة لإنجاز انتخابات غير المقيمين، فتبلغ بحسب مسؤول رسمي معني قرابة 10 ملايين دولار.
Leave a Reply