عاصمة لبنان تحترق فـي حرب شوارع بين أنصار «حزب الله»-«أمل» وتيار «المستقبل»
بيروت – اندلعت مواجهات مسلحة منذ صباح الأربعاء الماضي في بيروت وبعض المناطق بين أنصار «حزب الله» وحركة «أمل» من جهة وأنصار «تيار المستقبل» من جهة أخرى أخذت شكلا أوسع بعد ان عقد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مؤتمرا صحفيا أعلن فيه حربا دفاعية ضد السلطة بعد ان اتخذت قرارا بتجريم شبكة الاتصالات الخاصة به وتغيير مدير جهاز أمن المطار، مؤكدا ان باب الحل مفتوح بمجرد عودة «حكومة وليد جنبلاط».
عن قراراتها الأخيرة والذهاب فورا الى طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب اللبناني. في حين طرح النائب سعد الحريري زعيم «المستقبل» حلا من أربعة بنود واجهته المعارضة بالرفض الفوري.
وبالنسبة للمواجهات التي بدأت في ثلاث مناطق هي كورنيش المزرعة ورأس النبع وبشارة الخوري يوم الخميس الماضي اتسعت في وقت لاحق إلى مناطق أخرى في قلب المدينة مثل عين التينة وعائشة بكار وطلعة شحادة. وقد حسم انصار المعارضة المواجهات في معظمها خلال ساعات قليلة في المناطق المختلطة بين أنصار الفريقين، وحتى صدور هذا العدد أوردت تقارير صحفية سقوط ثمانية قتلى وحوالي عشرين جريحا من الطرفين. في حين استمر اغلاق مطار بيروت والطرق الرئيسية في جنوب وشرق لبنان.
نصرالله
وفي كلمته، هدد السيد حسن نصر الله بقطع اليد التي ستمتد إلى سلاحه، معتبرا أن قرارات الحكومة اللبنانية الخاصة بإعلان عدم مشروعية شبكة اتصالات الحزب «إعلان حرب»، وشدد على أن حزبه لن يقوم بانقلاب ولن يسيطر على الدولة.
وحمل نصر الله في تصريحات نارية مسؤولية اندلاع الأزمة الأخيرة إلى حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، مؤكدا أن قراراتها اتخذت نيابة عن أميركا وإسرائيل وبتكليف منهما، وحمل مسؤولية التصعيد إلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي وصفه بالرئيس الفعلي للحكومة.
واعتبر نصرالله في مؤتمر صحفي بعد يوم من توتر بين الموالاة والمعارضة أن يوم اتخاذ الحكومة قراراتها كان يوما فاصلا شبيها بيوم اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005 وأن لبنان «ما بعده ليس مثل ما قبله». وقال «على فريق السلطة أن يعلم أنه أدخل البلاد بعد الجلسة الأخيرة في وضع جديد».
وألقى نصر الله الضوء على ماهية شبكة اتصالات الحزب السلكية باعتبارها أداة القيادة والسيطرة بين المقاومة وقيادتها. ومضى إلى القول إنه عند عقد التحالف الرباعي (بين أمل وحزب الله والحريري وجنبلاط) بعد انتخابات 2005 كانت الشبكة موجودة ولم تعتبر اعتداء على سيادة الدولة، مضيفا أن استهداف الشبكة جاء ضمن توصيات تقرير فينوغراد الذي حقق في أسباب الإخفاق الإسرائيلي في حرب تموز (يوليو) 2006.
وقال إن هنالك مرحلة جديدة وإن رهانات فريق السلطة قد سقطت، مضيفا أن وسطاء أمنيين بين الطرفين نقلوا عرضا بأن يتم غض الطرف عن شبكة اتصالات الحزب مقابل رفع الاعتصام الذي تنفذه المعارضة في وسط بيروت.
وتطرق إلى قضية النائب الفرنسي الذي استجوبه «حزب الله» قبل أسبوعين بعد توقيفه في الضاحية الجنوبية، فأكد نصر الله أنه أوقف أثناء قيامه بالتصوير قرب منزله، مؤكدا أنه لن يتم التسامح بأمن أي من قادة أو عناصر حزب الله.
وقال إن «فؤاد السنيورة مسكين وهو موظف عند وليد جنبلاط والأخير موظف عند (وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس». وقال «من يعلن علينا حربا من حقنا أن نواجهه بالدفاع عن أنفسنا وسلاحنا ووجودنا»، مضيفا أن موضوع اللاسلكي خطوة تتبعها خطوات أخرى.
وأعرب عن استعداده للمثول كأمين عام لحزب الله أمام القضاء بصفته مسؤولا عن شبكة الاتصالات، مشددا على عدم سماحه بالمس بأي من أفراد الحزب أو تقنييه.
لكنه عاد وهدد باعتقال «من يعتقلنا ومن يمسنا سنمسه»، واصفا زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأنه لص وقاتل وكذاب.
وأضاف «لن نسمح بالمساس بسلاحنا ولو جاءت كل جيوش العالم»، مؤكدا أن «المطلوب إلغاء قرارات حكومة وليد جنبلاط غير الشرعية ولا مخرج غير ذلك».
وعن عزل مدير أمن المطار العميد وفيق شقير قال الأمين نصرالله إنه جرى بناء على ترتيب وليد جنبلاط كي يؤتى «بضابط تابع لأحد الزعماء يحول المطار إلى وكر للمخابرات الأميركية والإسرائيلية ولإزاحة الضباط الوطنيين».
وقال نصر الله «الموضوع أبعد من المطار وأبعد من العميد شقير»، مضيفا أن التصدي لقرار إزاحة الأخير هدفه الحفاظ على المؤسسة العسكرية. وشدد على أن العميد شقير أقيل بقرار من جنبلاط ولم يعط فرصة للدفاع عن نفسه.
وخاطب في ختام خطابه العالم العربي والإسلامي قائلا إن ما يجري في لبنان هو أن هناك فريقا ينفذ مشروعا عجزت عنه إسرائيل وهو نزع سلاح المقاومة، مؤكدا أن الحزب لم يستخدم السلاح لا لتغيير السلطة ولا للانقلاب عليها. وقال إننا لم نعد قلقين من فتنة سنية شيعية وإن المعركة ليست بين الطائفتين بل هي «بين مشروع وطني مقاوم شريف وآخر عميل».
الحريري
من جهته دعا رئيس تيار المستقبل سعد الحريري السيد حسن نصر الله إلى منع الشعب اللبناني من السقوط في براثن الحرب الأهلية والفتنة الطائفية، وعرض عليه الجلوس إلى طاولة الحوار لبحث مبادرة من أربع نقاط تهدف إلى وقف الأزمة المتصاعدة في لبنان.
وجاء ذلك في خطاب للحريري ردا على خطاب نصر الله «أتوجه مباشرة لحسن نصر الله، إن ساعة التخلي عن وحدة المسلمين هي ساعة التخلي عن وجود لبنان، وما يجري اليوم ليس ضربا من ضروب الجنون ولكنه فتنة».
واعتبر الحريري «الاقتحامات والتوقيف على الهوية» التي قال إن مقاتلين موالين لـ«حزب الله» يقومون بها في بيروت «إعلانا صريحا بإفلاس المقاومة» موضحا أن «بيروت محاصرة، ومطارها محاصر، والحصار جريمة يجب أن تتوقف فورا».
وقال «لم أتحدث مع أي شخص آخر، حديثي معك، أدعوك لكلمة سواء بيننا وأدعوك لفك الحصار وفتح طريق المطار وسحب المسلحين من الشوارع، أدعوك لوقفة مسؤولة تنقذ لبنان». وأضاف «أن هناك فرحة كبيرة في إسرائيل اليوم لرؤية مقاتلي حزب الله يهاجمون البيوت، والاقتصاد ينهار». وسأل نصر الله «إلى أين تقودون لبنان؟ وإلى أي مصير تأخذونه؟»، موجها نداء بوقف لغة السلاح والاحتكام للشارع ووقف قطع الطرقات.
وقال الحريري «إن وحدة المسلمين أمانة في أعناقنا، لنسحب فتيل الانفجار ونخمد الفتنة لأنها اشتعلت، لنعود للمؤسسات ونعطي الجيش فرصة لحفظ الأمن وخرق الجدار المسدود». ثم فند الحريري الاتهامات التي ساقها نصر الله في مؤتمره الصحفي الذي عقده في وقت سابق اليوم، وقال إن قطع شبكة اتصالات حزب الله لم يكن بإملاءات أميركية بل لحماية الدولة، موضحا أن أمن المطار سلم لضابط لبناني وليس للمخابرات الأميركية. واعتبر ما يفعله نصر الله الآن «مبنيا على سوء تفاهم».
ولحل «سوء التفاهم» هذا عرض الحريري مبادرة من أربعة بنود أولها «وضع القرار في عهدة قيادة الجيش انطلاقا من مهمات الجيش في حماية النظام العام وتوكيد سلطة الدولة وحماية لبنان».
ثانيها «سحب مظاهر السلاح من الشوارع وفتح نقاط التفتيش وتشغيل مطار رفيق الحريري». والثالث «انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان فورا». والبند الرابع هو «الانتقال فورا إلى طاولة حوار وطني برئاسة سليمان لمناقشة الأمور العالقة». واختتم بالقول إن رفض هذا الحل هو «إصرار على التطاول على أهلنا ومواطنينا، ولن نقبل لبيروت أن تركع لأحد».
وفي هذا الصدد قال مصدر في المعارضة اللبنانية ان طرح سعد الحريري لحل الازمة في لبنان «مرفوض رفضا قاطعا». ونقلت قناة «المنار» التابعة لحزب الله عن ذلك المصدر القول ان «اي كلام خارج ما قاله الامين العام لحزب الله حسن نصرالله مرفوض جملة وتفصيلا».
Leave a Reply