صخر نصر
سألت ابني التلميذ فـي الخامس الابتدائي أن يكتب لي بعض الكلمات باللغة العربية فأبى ولما ألححت عليه قال لا أعرف.
صعقت للجواب، خاصة وأنه درس الصفوف الثلاثة الأولى باللغة العربية فـي وطننا الأم سوريا وكان من التلاميذ المميزين فـي صفه ولم أتردد فـي الزامه على قراءة بعض الجمل من كتاب باللغة العربية فقرأها بكثير من التردد والانزعاج وعدت لأسأله بهدوء عن سبب اهماله للغة العربية وهي لغتنا الأم والتي يجيدها نطقا بشكل كبير، فأجاب: وما حاجتي للعربية أنا أتحدث معكم بالعربية فـي البيت، أما زملائي وأصدقائي فـي المدرسة والحي فأتكلم معهم بالإنكليزية والجميع هنا يتحدثون بها حتى أهل أصدقائي لايتحدثون مع أولادهم إلا بالإنكليزية.
توقفت كثيرا عند كلام الطفل الذي انفعل لإصراري على كتابة وقراءة لغة الضاد وهو الذي يقرأ يوميا فـي كتاب باللغة الإنكليزية لأكثر من نصف ساعة قبل النوم حسب تعليمات معلمته،مؤكدا مرة أخرى أن لا أحد من أقرانه يقرأ العربية وبعضهم يفهمها ولكن لا ينطق بها.
الحقيقة أن هذه المسألة تقلقني كما تقلق الكثيرين من أبناء الجالية العربية فـي أميركا فمعظم أبناء الجالية من الجيل الثاني يفهم العربية وبعضهم يتقنها أما أبناء الجيل الثالث فلا يفهمونها ولا يتقنوها،وإن تحدثت معهم بهذا الأمر ابتسموا لك مراعاة لسنك أو اعتبروك متخلفا وكأن الحضارة فـي اتقان الإنكليزية فقط واهمال اللغة الأم.
إن إجادة اللغة الإنكليزية ضروري للغاية، سواء أكان الإنسان يعيش فـي هذه البلاد، أم فـي غيرها، من بلدان العالم، فهي لغة العصر ولغة الكومبيوتر والمال والاعمال، لكن هذا لا يعني أن نهمل لغتنا الأم فهي لغة الآباء والأجداد، ورمز لهويتنا القومية التي نعتز بها، وهي لغة القرآن الكريم والتي يسعى مسلمو العالم لتعلمها لممارسة طقوسهم الدينية، فـي حين يتعمد البعض منا إلى نسيانها أو تناسيها مستبدلا لغته بلغة هجينة تدخل فـيها مفردات ومصطلحات انكليزية وأحيانا إسبانية لتخرج بشكل لافت للنظر حينا ومقزز أحيانا.
سألت صديقا عاش فـي أحد البلدان الأوربية كطبيب بارع لأكثر من خمسين سنة وقد كتب اسمه على باب بيته وعلى آرمة عيادته باللغتين العربية ولغة البلد الذي يعيش به، سألته لماذا تكتب بالعربية؟ فعاتبني باسما : وهل تعتقد أن الأوربيين سيحترمونك إن تخليت عن هويتك وثقافتك ولغتك؟ أنت عربي، سحنتك، وطباعك تدل عليك، فالأفضل أن تعتز بهويتك، وبإنتمائك فأنت بالنسبة اليهم أجنبي حتى
لوغيرت اسمك وخرجت من جلدك فلن يغير من الأمر شيئا فلاتهمل لغتك وحافظ عليها وعلمها لأولادك قراءة وكتابة فهي مصدر ثقافتك التي تفاخر بها.
Leave a Reply