يسعى سماحة الشيخ عبداللطيف بري ومن خلال مركزه الروحي والديني في ديربورن، أن يكون صديقا للكتاب والشعراء والمثقفين والفنانين المتواجدين هنا في الجالية. وهو يعلم أن الصداقات الحقيقية لا يمكن أن يبنيها إلا خارج الإطار الديني حيث لا خصوم ولا حلفاء ولا اعداء ولا دسائس، ولأجل ذلك كانت مبادرته خلال الشهر الماضي بدعوة البعض من المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين الى لقاء تعارف بينه وبينهم.
كان لي الشرف أن أكون من ضمن المدعووين، رغم أني لا أعتبر نفسي كويتبة أو شويعرة أو أنتمي بالفطرة أو الاكتساب لبعض المثقفين ممن يلملم الأخبار عن زوار القهاوي والمطاعم وجلسات التبادل الثقافي والعلمي في “البواسم والكراجات”، وينشرها على الملأ الأعظم في الصحف والمجلات، واذا اتفق أن كتب ململم الخبريات ذلك خبرا عن الطيب صالح أو جورج ابراهيم الخوري، ينعته بالزميل، وحقيقة أنا لا أتطاول ولا أنفع أن أكون “إزميلة” أو “زملوكة” لهؤلاء.
بعد تناول العشاء الفاخر ألقى سماحة الشيخ بري موضحا مدى الترابط الذي يجب أن يكون بين حاضرنا وماضينا وبين ما هو كائن وما يمكننا أن نبلغه في غد الأيام في الميدان الثقافي، وهذا الأمر لم تلتفت إليه الجالية في عهد من العهود ولم يلتفت إليه معظم المثقفون الذين يتمسحون بسياسة السلطة في أوطانهم ويلبسون أسمالها وترتفع أصواتهم حسب نبرات زعمائهم، ودعا سماحته لنبذ الخلاف والفرقة السياسية والإيديولوجية وأن يكون هذا اللقاء شهريا للتعارف والتبادل الثقافي في الجالية، والسمو فوق كل الحزازات والأحزاب والانتماءات، وطلب من الجميع أن يكونوا حراس قيم ومبادئ وأخلاق من دون النظر الى الانتماء الديني أو السياسي أو العاطفي.
بعد ذلك ألقى الشيخ الشاب الدكتور باقر بري كلمة ترحيبية مختصرة سائلا الجميع مساعدته لإثراء مدينة ديربورن بمركز ثقافي حضاري يكون امتدادا بين حاضرنا وماضينا هنا في الجالية. و”لايتم ذلك إلا من خلال أقلامكم وكلماتكم” كما قال، فاكتبوا واكتبوا وشاركونا الأفكار لنسمو بالجالية ويكون لدينا شريحة من المفكرين والمبدعين قد يجدون حلا للعلاقة السيئة التي يقيمها أكثر أبناء جاليتنا مع الكتاب، الذين لا وقت لديهم لصحبته أي الكتاب، والذين يعتبرونه ترفا حقيقيا من المستحيل لمشاغلهم العلنية أو السرية أن تترك له مساحة. ربما بسبب غلاء الكتب أو فقر القارئ وطغيان القنوات الفضائية أو رداءة الكتب نفسها.
الشيء الرائع في تلك الأمسية هو التعارف بين الحاضرين والحاضرات، رغم قلة وجود العنصر الأنثوي. وأعتبر نفسي محظوظة بالتعرف على أسماء عديدة من الكتاب والشعراء في الجالية ممن قرأت لهم أو لم أقرأ، ومنهم من لديه العديد من الكتب والمؤلفات لا يستطيع نشرها بسبب الضيق المادي، وخصوصا في هذا الوضع الاقتصادي السيء حيث الكاتب دائما هو الطرف الأضعف الذي لا خيار له سوى التدجين، أو المطاردة مما أصاب الجميع باليتم الجماعي، خصوصا في غياب قادة ورواد في الجالية لهم القدرة على الحب والمسامحة والرعاية من دون ضجيج.
شكرا لسماحة الشيخ عبداللطيف بري، المولع بقراءة الكتب على ما أعرف، ورغم انشغاله بالأمور الدينية ومواجهته للصعوبات المتعددة مع الناس والحياة، وبالقليل المتوفر من وقته خطا الخطوة الأولى في رحلة الألف كلمة وفكرة للنهوض الثقافي والفكري في الجالية.
Leave a Reply