فاطمة الزين هاشم
احتضن المجمع الإسلامي الثقافـي فـي ديربورن الأسبوع الماضي، كوكبة من رجال الدين، مسلمين ومسيحيّين ويهوداً، فـي لقاء يعبّر عن وحدة التلاحم الإنساني بين الديانات السماويّة ونبذ التفرقة بين الناس، وذلك برعاية المرجع الديني الشيخ عبداللطيف بري، وبإدارة الشيخ الناشط والمثقّف هشام الحسيني.
كان الهدف من ذلك اللقاء هو تسليط الضوء على الإنسجام القائم بين الأديان، لأنّ الكنيسة رمز الأخوّة التي تتيح الحوار الصادق وتشجّعه، وذلك بفضل رسالتها التي تهدف إلى جمع البشر من مختلف الأديان فـي عبادة الله الواحد الأحد، إلى أيّ أمّة أو عرف أو ثقافة انتموا.
كذلك المساجد والمراكز الإسلاميّة التي لها دور فعّال فـي تنظيم المجتمع والأسر والعلاقات مع المجتمعات الأخرى والإنفتاح على جميع الديانات السماويّة، ونشر المحبّة والأخوّة بين البشر، لأنّ الإسلام هو دين المحبّة والتآخي، إنّ التذكير القرآني للسيّد المسيح سببه اللقاء الروحي العميق بين الإسلام والمسيحيّة.
إنّ للمساجد دور كبير فـي إرشاد الشباب والترغيب بالإيمان وتبيان أنّ الجنّة للمؤمنين، وجهنّم هي مأوى الكافرين، وتعاليم الإسلام تنظّم علاقات الإنسان بخالقه، وعلاقة البشر بعضهم ببعض، وهي الدار التي يأمن فـيها المسلمون وغيرهم.
إنّنا اليوم على مفترق طرق، ومن المهمّ جدّاً أن نتجاوز الكارثة التي أريد لنا أن نقع فـيها كي لا نصل إلى القمّة التي نطمح إليها، الكارثة التي تمثّلت بظهور«داعش» هؤلاء الذين يدّعون الإسلام والإسلام منهم بريء براءة الذئب من دم يعقوب، والعتب كلّ العتب على وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمكتوبة، التي تصفهم بالدولة الإسلاميّة وهم من شوّه صورة الإسلام فـي العالم.
يجب أن نعلم أنّها محاولة من المغرضين لاستغلال الفجوة الحضاريّة التي ظهرت بيننا وبين الغرب، بسبب تصرّفات هؤلاء المجرمين خصوصاً فـي البلاد الإسلاميّة العربيّة بعد انهيار الأيديولوجيّات الغربيّة خاصّة القوميّة والإشتراكيّة، ومع انتشار الفساد وفشل الحكومات العربيّة أمام التطرّف الصهيوني وقيام دولة إسرائيل، كلّ ذلك أدّى إلى خلق تيّار أصولي يستعمل العنف والإرهاب داخل الوطن العربي وخارجه.
إنّ هذه اللقاءات تفـيد فـي الشفاء من التعصّب والإنغلاق، ومفهوم الديانات للخلاص وتفويت الفرص على من يريد أن يضع الزيت على النار لإشعال الفتن، وعليه يجب احترام خصوصيّات الشعوب وتقبّلها للأديان المختلفة وهكذا فالطريقة والحقّ والحياة هو المسيح بالنسبة للمسيحيّين، والقرآن بالنسبة للمسلمين، فجميعها تصب فـي إناء واحد هو محبّة الله الواحد الأحد، ربّ جميع البشر دون استثناء.
إنّ الشكر كلّ الشكر لفضيلة المرجع الشيخ عبداللطيف بري، على هذه المبادرة الكريمة وعلى ثقافته المنفتحة على جميع الديانات والشعوب دون استثناء، ومحاولاته العديدة فـي إعطاء صورة مشرقة عن الإسلام وعن أخلاقيّات الإسلام، والتسامح والمحبّة اللتين يتمتّع بهما هذا الدين الحنيف الذي يقف إلى جانب الحقّ ونشر العدالة السماويّة التي هي من فضائل نبيّنا الكريم (ص).
Leave a Reply